السبت 23/نوفمبر/2024
عاجلعاجل

دائرة جوازات تعز أُنموذجاً!.

يوم الخميس الحادي عشر من يوليو المنصرم.. وبعد الإشعار بخروج فيزة عمل للولد محمد.. ذهبنا معاً إلى دائرة الجوازات والجنسية بمدينة تعز لاستخراج جواز لمحمد بمهنة تتوافق مع مهنة الفيزة.. إضافة إلى استخراج جواز جديد لي، بعد أن أوشك الجواز الأول الذي عاملته بعد خروجي من سجن (الحوثة) ووصولي إلى تعز – أيام الطيب الذكر الصديق الدكتور منصور العبدلي – والذي (أعني ذلك الجواز) أوشك أن ينتهي!

كنت أحسب أن الزحام الذي كان سائداً أيام الدكتور العبدلي هو نفسه!! لكنني تفاجأتُ حقاً عند الوصول إلى مقر إدارة أو دائرة أو فرع مصلحة الجوازات بتعز.. من حجم الزحام وبصورة يعجز الوصف عن وصفها!!.. وسرعان ما عَرفتُ السبب.. وهو فتح منفذ الحوبان – جولة القصر.. إضافة إلى وجود العديد من أبناء المحافظات الشمالية كلها وبعضاً من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية وهو ما كان سائداً. لكن الأعداد زادت عما كانت عليه قبلاً! رغم وجود فروع لمصلحة الجوازات بمأرب وعدن والمكلا وغيرها.. ولعل السهولة وحسن التعامل مع كل راغب باستخراج جواز سفر من تعز هو من أسباب تفضيل الوصول إلى تعز، وذلك هو ما أكده لي يومها صديق عزيز جاء من عدن، وجدته يُعامل استخراج جواز له ولأُسرته..

حينما بدأتُ القيام بالمعاملة.. ورغم وجود بعض الأصدقاء من موظفي الجوازات.. إلا أننا محمد وأنا حرصنا على القيام بمهام المعاملة بذاتنا مع الاستعانة بأحد الأصدقاء بسبب حجم الزحام الذي لا يُطاق عند الحاجة! فبدأنا بالذهاب إلى قطع استمارتين.. ثم قسم إدخال البيانات بحسب جوازينا السابقين والبطاقتين الشخصيتين.. ثم القسم الخاص بتصوير الرجال وبعده القسم الخاص بالفحص والتحري، لمعرفة مدى مطابقة الوثائق المقدمة منا كما هو حال غيرنا. وعلى ضوء صحة ذلك يتم الذهاب إلى الصندوق لتسديد الرسوم المعتمدة رسمياً وأخذ سند إيصال بذلك مع ورقة مراجعة لاستلام الجواز.. الخ.. وخلال القيام بذلك ظللتُ أشاهد الحضور وبذلك الزحام غير المسبوق واقفون بطوابير أمام مختلف الأقسام وبطريقة انسيابية واحترام للنظام من الجميع!! وهو أمر شبه نادر بوطننا العزيز؟!.

خلال المعاملة شاهدتُ مدير عام الجوازات العقيد/ صادق حمود محمد الدباني.. يتفقد أداء العمل بمختلف الأقسام.. فيتواجد بحوش المبنى وبممراته ويقابل بعض المراجعين ويرد على استفسارات البعض والتوجيه بما يراه للبعض الآخر.. وتلك كانت نفس طريقة سلفه الدكتور منصور العبدلي – رعاه الله.

طلبت من المدير العام اللقاء بمكتبه لطرح بعض الاستفسارات عليه.. وهو ما حصل!! سألته عن أهم أسباب الزحام وكيفية التعاطي معه ثم عن كيفية اكتشاف وجود تزوير ببعض الوثائق المقدمة وأهمها البطاقة الشخصية خاصة بعد فتح منفذ الحوبان؟! فقال بأن الزحام يعود إلى فتح منفذ الحوبان – جولة القصر.. وأن عدد المعاملات اليومية بسبب ذلك ارتفعت إلى (3000) معاملة يومياً، بينما كانت قبل فتح المنفذ في حدود (1500) معاملة.. مضيفاً أن لدى إدارة الجوازات أجهزة حديثة لاكتشاف البطائق المزورة، ومن ذلك التأكد من صورة البطائق الشخصية.. مع صورة طالب الجواز الحقيقية.. الخ.. وكان لابد من الذهاب فيما بعد إلى الأخ الملازم جمال الصوفي والذي هو المعني في التأكد من لهجة الشخص الذي يطلب جواز أيضاً.. إذ لا يُكتفى بالبطائق الشخصية أحياناً! خاصة عند وجود بعض الشكوك من الشخص والتأكد من يمنيته خاصة مع وجود قله من المراجعين هم من النازحين من بعض الدول الإفريقية المجاورة!.

وخلال تواجدي بمكتب مدير عام الجوازات.. لاحظتُ كثرة المراجعين وحُسن تعامله معهم والحرص على تسهيل معاملاتهم في إطار قانون مصلحة الجوازات.. ودون تبرم ولا استثناء بين أبناء محافظة عن محافظة أُخرى.. إذ لا فرق بين القادم من صعدة وذمار وعدن ولحج والقادم من محافظات تعز وإب والحديدة وحجة وَغيرها.. وهذا هو ما تعايشتُ معه خلال الساعة التي قضيتها بمكتبه!!. بجانب تعايشه وصبره مع ذلك الزحام الشديد رجالاً ونساءً.. كما أن غيابه إن حدث لظروف طارئة أو حتى في حضوره فإن نائبه الصديق سمير العليمي يقوم بمهامهما معاً وبنفس الجَلَد والصبر والتعامل الأخلاقي والإنساني الرفيع الذي يتحلى به كما شاهدتُ ذلك بنفسي!!. بل إن كل موظفي دائرة الجوازات الـ: (170) موظفاً وموظفة.. يُعدون جميعاً بمثابة مُساعدين للمدير ولنائبه كلٌ في اختصاصه وعبر توافق وتفاهم مشترك بين الجميع.. كونهم جميعاً يمثلون توجهاً واحداً ويسعون لتحقيق أهداف موحده ممثلة بخدمة المواطن الذي يتطلع إلى استخراج جواز سفر له ولمن يَعُول!! وتلك هي الإدارة الحديثة والفاعلة حقاً! ودون أن أنسى هنا أن مدير جوازات تعز العقيد صادق الدباني له في مصلحة جوازات تعز قرابة (27) عاماً حسب علمي ويحمل درجة الماجستير في القانون العام! مما أكسبه ذلك خبرة في الأداء وحسن التعامل مع المراجعين..

ولعل مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية قد تنفرد عن الهيئات والمؤسسات الخدمية الأُخرى بقيادات تحمل مؤهلات علمية عُليا!! فالمدير السابق لجوازات تعز هو الدكتور منصور العبدلي الذي أحسده حقاً بعد أن عاد إلى عمله الأكاديمي بجامعة تعز! ولأن الشيء بالشيء يُذكر، فإن أول رئيس للهيئة العامة للجوازات بعد الوحدة هو الدكتور/ رشاد محمد العليمي حسب علمي ! والذي كان له الفضل بعد الله في استخدام أول جواز رقمي باليمن حسب علمي أيضاً.

وهكذا.. فمن خلال زيارتي لجوازات تعز ولهدف أشرت إليه آنفاً.. فإن ما أود قوله هنا.. ووطننا اليمني يَمرُّ بأزمات ومِحن وعلل غير مسبوقة.. فإننا حملة الأقلام متى ما وجدنا أية مؤسسة أو دائرة خدمية ذات علاقة مباشرة بالمواطن، وهي تقوم بمهامها وتحرص على تطبيق قوانين ونظم الدولة وتظهر من خلال القيام بمهامها بمظهر وجود الدولة رغم كل تلك الأزمات والمحن، فإنه لابد من إظهار ذلك وما تقوم به من جُهد للعامة وتشجيعها عبر "القلم" وذلك هو ما أردتُ قوله هنا عن فرع مصلحة الجوازات بتعز رغم أنني ذهبت كأي مواطن يتطلع إلى الحصول على جواز سفر.. بجانب الإشادة بكل موظف من موظفي الجوازات والذين أحسب أنهم لا يبيعون نصيب يومهم بحرمان غَدِهم حسب الظاهر أمامي، ودون الجزم بعدم وجود بعض الأخطاء والتجاوزات والمحسوبية.. فطالما يوجد عمل وفي ظل زحمة لا تطاق وحرص كل مراجع الحصول على جواز سفر كحق من حقوقه.. لابد أن تحدث أخطاء فالكمال لله وحده..

وفي نفس الوقت فإن ما أود التأكيد عليه هنا وما يعرفه معظم القراء لي بأن كتاباتي تقتصر على المقالات والدراسات وما في حكمهما!! إذ من النادر الكتابة عن مؤسسات أو هيئات أو وزارات أو عن بعض المعنيين بها مدحاً أو قدحاً!!.. فتلك ليست من مهامي ولا تمثل توجهاتي العامة!! رغم اعتزازي ببعض العلاقات الشخصية وببعض المودة مع بعض كبار مسؤولي بعض الجهات الخدمية وغيرها! مع أن المودة.. بجوهرها غير قابلة للبيع والشراء وإنما تأتي نتيجة لبعض الاجتماع والتعارف!!

كذلك.. ما أرغب بقوله لزملاء الحرف والكلمة هو عدم إراقة الحبر في الجوانب السياسية وما يتصل بها فقط رغم أهمية بعضها.. إذ لابد من متابعة ورصد الجهات والمؤسسات الخدمية.. والحرص على إظهار إيجابياتها وسلبياتها وعبر الأدلة التي تؤكد كِلاهما ولهدف المصلحة العامة وخدمة الوطن والمواطن معاً! بعيداً عن الحرص على حب الظهور أو تصفية بعض الحسابات الضيقة!.. وذلك ما رأيتُ قوله اليوم بهذه الأسطر عن دائرة جوازات تعز التي أعتبرها أُنموذجاً حقاً.. حتى اكتب عن جهات خدمية أُخرى والتي قد تكون هي الأُنموذج أو العكس؟! على أمل أن تتاح لي الفرصة في قادم الأيام زيارة جهات ومؤسسات خدمية أُخرى بمدينة تعز، خاصة إن وُجدت أسباب ودوافع لتلك الزيارة كما حدثت معي في دائرة جوازات تعز التي اعتبرها أُنموذجاً حقاً حتى يثبت العكس.. ولله الأمر من قبل ومن بعد ،،

 

يحيى عبدالرقيب الجُبيحي

تعز . في 27 يوليو 2024م