لحظات فارقة تعيشها محافظة تعز اليوم حيث وصل رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي إليها كأول رئيس يزورها منذ عقد ونصف.
كان آخر أكبر المسؤولين زيارة للمدينة هو رئيس الوزراء الأسبق محمد سالم باسندوة في 2013 حين نزل من صنعاء لمدة ساعات ليضع حجر الأساس لمشروع مستشفى السرطان في منطقة الحوبان والذي كان يفترض أن تموله دولة قطر ب 300 مليون دولار.
زيار الرئيس العليمي تأتي كمغامرة أمنية بكل تأكيد، فقد دأب الحوثيون على استهداف قادة الدولة بكل ما أوتوا من قوة، ولا ينسى اليمنيون ماحدث للطائرة التي كانت تقل رئيس الوزراء السابق الدكتور معين عبدالملك وأعضاء حكومته حين قصف الحوثيون الطائرة أثناء وصول طائرة الحكومة إلى مطار عدن، ونجا الجميع بأعجوبة، وبعدها حادثة استهداف محافظ تعز الذي نجا بشكل غير مصدق بعد قصف سيارته وتدميرها.
تأتي الزيارة كنوع من تطييب جروح المدينة، بعد أن تُركت تدير نفسها بأقل قدر من إمكانات الدولة وحضورها.. خُلقت إشكالات ماكان لها أن تُخلق إذا استندت المحافظة إلى ظهر دولة قوي، لكنها عانت من حصار خانق من جماعة إرهابية لاتعرف قيما ولا أخلاقا ولا تقدر حق الناس في الحياة بحرية وكرامة، في حين ووجهت أيضا بكافة سبل التضييق من شركاء المصير.
حُرمت تعز من كل ماتحصل عليه بقية محافظات الشرعية، رواتب، وكهرباء، وطرقات، ومياه، ومازالت مستشفياتها تتوقف عن العمل بسبب انعدام الديزل، وهو الأمر الذي لم يعد بحدث في بقية محافظات الشرعية.
أمام الرئيس ملفات عصيبة في هذه المحافظة المنهكة، فهي التي دفعت أغلى الأثمان والتضحيات في سبيل رفض المشروع الحوثي، وصارعت وحيدة في ظل توجه كل وسائل الدعم لبقية المحافظات.
قاتلت تعز بأبنائها سواء في تعز أو على كافة الأراضي اليمنية، ستجد أبناء تعز يقاتلون في جبهات مارب والحدود والحديدة وقبلها عدن وغيرها، ولكن قوبل كل ذلك بتركها وحيدة تصارع كلاب الحوثي بأقل الإمكانات، ومع ذلك صمدت.
يُدرك الدكتور رشاد العليمي هذه التفاصيل، وحين يعود اليوم إلى المدينة فإنه يدشن مرحلة عودة الدولة الحقيقية، ويفترض أن تكون هذه الزيارة غير عابرة، وأن تكون زيارة كسر حصار، وكسر جمود في العلاقة بين أبناء تعز وقيادتهم.
زيارة تفتح باب الأمل لعودة الدولة إلى عاصمة مدنية الدولة.
مؤسسات الدولة لن تبدأ عودتها إلا من تعز، وماعداها مجرد مشاريع مجزأة لن يكتب لها النجاح إلا إذا كانت تعز نموذجا يحتذى به.
يستطيع فخامة الرئيس وبقية القوى السياسية الملتفة حول شرعية الجمهورية اليمنية أن يقودوا هذا النموذج من تعز، فهو أقل كلفة وأسهل إدارة، أما ماعدا ذلك فإنهم سيظلون ينفخون في قربة مخرومة.
أعيدوا المؤسسات لتعز كي تعود المؤسسات لبقية البلاد، مالم يحدث في تعز فلن يحدث في مكان آخر، وعليكم أن تجربوا، فقد جربتم في أماكن أخرى وضاعت الجهود سدى..