تستعد تعز لاستقبال الدكتور رشاد العليمي رئيس المجلس الرئاسي في زيارة مهمة تجسد روح التلاحم بين الموقفين الرسمي والشعبي الذي تمثله تعز وهي تنحاز إلى صف الجمهورية وتختار الصف الوطني الجامع بعيداً عن أي مشاريع تمزيقية لا تتناسب بالمطلق مع مشروع الوطن الكبير الذي يعيش فيه الناس سواسية لا تفرق بينهم إدعاءات النسب ولا أوهام التملك والسيطرة لفئة أو جهة أو سلالة على أخرى .
اختارت تعز موقعها المتقدم باكراً حين كانت سنداً للجمهورية الوليدة بعد قيامها في العام 1962م ، وهب التعزيون تباعاً للمشاركة مع شرفاء الوطن لحماية الجمهورية كمنجزٍ وطني لا مجال للتراجع عنه أو الالتفاف عليه ، وطوال العقود الماضية وكلما أحاطت بالوطن ملمة هبوا للمشاركة بفاعلية في للدفاع عنه ، وحماية منجزاته ، وحين أطلت الإمامة برأسها من جديد في العام 2014م انتفضت تعز بكل أطيافها السياسية والشعبية للوقوف ضد الانقلاب شكلاً ومعنى ، ورفضت وبشكل قاطع الانسياق في ركب الصمت أو التماهي لهذا الفعل الشنيع ، وتحولت المحافظة المسالمة إلى كتلة لهب تضئ ليل الوطن الذي كاد أن تبتلعه العصابة الانقلابية وتعيده إلى دهاليز الجهل والفقر والمرض وتقبيل الرُكب والتدهن بالقطران ومعايشة الكُتن .
الموقف الوطني لتعز والذي ظل مرابطاً في جبهة الجمهورية طوال أكثر من ستة عقود بقدر ما يشكل وسام شرف لأبناء هذه المحافظة لكنهم بالمقابل تحملوا ولازالوا يتحملون ضريبة ثقيلة اختلفت من عقدٍ لأخر ، لكنها ظهرت بشكل أكثر قتامة ووحشية في العقد الأخير حين وجه الانقلابيون الحوثيون كل حقدهم تجاه المحافظة للانتقام من أبنائها لأنهم اختاروا الوقوف كحائط صد متين ضد مشروعها الامامي الكهنوتي سواء في ميادان المواجهة العسكرية أو الفكرية أو الثقافية ، وهذا ما جعل الهجمة على تعز كبيرة بحجم الوجع الذي أصاب ولازال يصيب الانقلابيون منها .
تعرضت تعز ولازالت لأكبر ظلم عرفته مدينة في التاريخ الحديث ، وشمل القصف والقنص والحصار وزراعة الألغام وتفجير المنازل ونهب الأموال والممتلكات العامة والخاصة ، ووقع الكثير من التعزيون ضحايا للقتل والجرح والاختطاف والتغيب وانتهاكات متنوعة يتفنن الانقلابيون الحوثيون في ممارستها بحق اليمنيين عامة وبحق أبناء تعز خاصة ، وأمام هذه الضريبة الثقيلة ظلت تعز رافعة راية الجمهورية ومتمسكة بخيار الشرعية رافضة بكل قوتها للانقلاب الحوثي وكل ما جاء به أشخاصاً وأفكاراً وفي مقدمة ذلك رفض الارتهان لمشاريع إيران التي تشكل خطراً على المنطقة كلها .
يحسب لتعز أنها لم تنزلق إلى المشاريع اللاوطنية مهما كانت الظروف التي تعيش فيها ، وحين أسقط الانقلابيون مقومات الدولة ظلت جذورها في تعز حيّة رغم ما أصابها من ضرر ، ثم سريعاً عادت إليها الحياة فتشكّل في تعز جيشاً قوياً كل ولائه للوطن الكبير كمشروع جامع وملجأ آمن وحصن حصين ، وحقق الجيش المدعوم بحاضنة شعبية واسعة انجازات عسكرية غيّرت كثيراً في المعادلة السياسية ، ولازالت هناك مهام وطنية لدينا كل الثقة أن بإمكان هذا الجيش أن ينجزها إذا توفر الدعم الرسمي اللازم والقرار الواضح الصارم .
ما لايمكن إنكاره أن هناك ملفات كثيرة موضوعة على طاولة الدكتور رشاد العليمي رئيس المجلس الرئاسي وأهمها دعم وتفعيل الخدمات العامة ، ومعالجة أسباب الضعف أو العجز عن تقديمها للمواطن البسيط الذي لايستطيع الحصول عليها من مصادر تجارية في ظل وضع معيشي واقتصادي متردي أفرزته حالة الانقلاب والحرب ، كما تتطلع تعز إلى استكمال تثبيت حضور الدولة بشكل كامل وشامل وصيانة الطرقات والشوارع المتهاكة وتفعيل الرقابة الحكومية على الأداء في مختلف المؤسسات والقطاعات ، ومكافحة الفساد المالي والإداري الذي حل كنتيجة لغياب او ضعف الرقابة والمحاسبة خلال السنوات الماضية ، ولدينا كل الأمل ببذل جهد حقيقي لاستكمال اسقاط الحصار الظالم عن المحافظة وتحريك الملف العسكري الذي يعتقد المواطنون أنه الوحيد كفيلاً بحل هذه المعضلة ، ولاجل تحقيق هذا الهدف لابد من توفير دعم كامل للجيش ومعالجة الاشكالات في ملف الجرحى والشهداء بالإضافة إلى النظر بجدية إلى تدني وانقطاع الرواتب للمرابطين على حياض الوطن .
دمتم سالمين .