الأحد 22/سبتمبر/2024
عاجلعاجل

انت وحدك في العالمين

النص للأستاذ الأديب *محمد طاهر فرحان العمري* عن "طفل الحجارة" كتبه في عام 1999، كان وكأنه يتحدث عن الأحداث الجارية اليوم. 

 

استطاع أن يلتقط نبرات الواقع المرير الذي يعيشه الشعب الفلسطيني وخذلان العرب لهم، ليرسم لنا صورة حية تعكس معاناتهم وصمودهم في وجه الظلم. 

 

إن كلماته لم تكن مجرد قصائد أو عبارات عابرة، بل هي تنبؤات حقيقية تتحدث عن روح الوقت، وتجسد الهوية والحياة اليومية للناس. كل بيت شعر، يحمل في طياته بُعدًا إنسانيًا يعبر عن أمل البقاء ورفض الاستسلام. 

 

*أنت وحدك في العالمين*

 

محمد طاهر العُمري 

 

أنت وحدك في العالمين، أنت وحدك يُلاحِقُك المجد، الحب، والياسمين.

 

لأنك بداية المسافة وامتداد الرحلة، أول الخيل، والسيف، والرمح بعد نهيق الحمير.  

أنت وحدك تشربك الشمس، لأن ينابيع كل المياه تنبع من كفك، لأنك نقشٌ على الصدر وأغنيةُ المسافر إلى سيف خالد.  

 

أنت الذائب في الحنين، يصاحبك المجد، الحب، والياسمين.

 

لأنك حُلْم الفراشة، والزمان الذي شدَّ كل السواقي.  

 

أنت الجمال الذي ذابت فيه الروح، وأعدني للتلاقي.  

أيها المتفجر في زحمة الكلمات، نشيداً وشعراً، يرافقك الظل لأنك حُلْمٌ يلوح للعابرين.  

أنت فاكهةُ المواسم، في حين يدور الآخرون في طللٍ موحشٍ، وتسقط أحلامهم كالحطام.  

فيما الزعامة فينا مرضٌ يسكن الرؤوس.  

تساءلتُ: كيف تحيا ذراعي وقد مات رأسي؟  

وكنتَ أنت الجواب، وكنت الدليل، لكوكبةٍ ضاع منها الطريق.

 

أنت قبضةٌ من تُراب الحنين في يد النبي، من يساويك؟  

إذا عادت الدنيا عودي، وإذا مضى النصر فمضي، فإنك في أرواحنا سورٌ، أَنِرْ بيُمنِكَ أحلاماً وأفئدةً عشَّش فيها الجُبن، واسقِ رماد الأماني جمرة عزتنا، علّهُ في ضرام العشق يستعر.  

همسٌ إلى النبع ليتجدد جريانه، فالأرض عطشى، وكل الماء كدر.  

هبَّ للعصافير جَنَّتها، فإنك التربة والأشجار والمطر.  

أنت نقطة الضوء في ليلٍ بهيم، وأنت نجم الهداية، قمرٌ في أفقنا.

 

أريتني حدوداً عِشتُ ألعنها، وساسةً نزلوا من عصي الغرب، كل شهرٍ لهم عيدٌ، أوسمةٌ، مهرجانٌ، وتأييدٌ.  

يزعمون وهم موتى أنهم روح البلاد، فيما نصف الشعب يحتضر.  

هم المُغيرون على المنابر، أسودٌ أمام العدو، ولكنهم في حقيقتهم حُمُر.  

يوحدون ونصر الله غايتهم، لكنهم في بياض البيت مُعتَمِرون.

 

الغرب يحتلني من رأسي إلى قدمي، يدخل في ثيابي حين أستتر، بحبة القمح يحتلون عروقي، وفي مسامات جلدي بجرعة يعبرون.  

الغرب يحتلني، فيما قادتي مشغولون ببناء صرح، لكن صرحهم حفرٌ.  

أواه، أواه من ليلٍ يحاصرني، ويدعي أنه بشعاع الشمس يتأزر.  

يا أمةً يتعالى قهرها كسُحبٍ في الأفق، لا يطالها البصر.  

لا تيأسي، فإن احتدام السُحب يتبعه رعدٌ، برقٌ، وماءٌ عذب.  

أما سمعتِ زغاريد مجنحة؟ ذابت في لحنها الشادي وانصهرت.  

بساطها كف طفلٍ نادت به أنامل الصبح، ولَبَّى ربَّه الحجر.