الأحد 06/أكتوبر/2024
عاجلعاجل

هل حزب الله يقترب من نهايته ؟!

تساقطت قيادات حزب الله واحدة تلو الأخرى ، منذ يوليو الماضي، كأوراق شجرٍ في مهب الريح، أمام الضربات الإسرائيلية التي تبدو وكأنها تحمل في طياتها غرابة عسكرية غير مسبوقة تخبرنا عن إختراق عميق في جسد حزب الله الذي لطالما تفاخر بتماسكه . هذا التساقط المتتابع لا يترك مجالاً للشك بأن خريف حزب الله قد أتى قبل أوانه، حيث الذبول والانهيار يبدو هو العنوان الأبرز لهذه المرحلة.

في المقابل، تعيش إسرائيل ما يشبه صيفاً زاهياً ، تزداد فيه حرارة عملياتها المرافقة بأخبار إستهداف القيادي وفلان  ، وكأنها تحصد ثمار استراتيجية اعدت لها منذ زمن طويل ، بينما يكتفي حزب الله بمراقبة أوراقه المتساقطة، بالنعي تارةً وبالتهديد الفارغ تارةً أخرى ، عاجزاً عن إيقاف هذا الخريف الذي يوشك أن يبتلع كل ما تبقى من قوته.

قائمة طويلة من قيادة الصف الأول لحزب الله ، الذراع الأقوى لإيران في المنطقة ،سقطوا في ظرف شهرين هما الأسواء منذ تأسيس الحزب ،ذو الأربعين عاماً أصبح يتلاشى في ظرفٍ قصير ، بدءاً بإغتيال فؤاد شكر وإبراهيم عقيل ومحمد سرور وإبراهيم قبيسي ، علي كركي وإنتهاءً بالأمين العام حسن نصرالله واليوم تعلن إسرائيل إستهداف خليفة حسن نصر "هاشم صفي الدين " وإن كان مقتله غير مؤكد حتى اللحظة إلا أن المشهد يؤمد أن الضاحية الجنوبية ، معقل حزب الله ، باتت جغرافيا مفتوحاً للمخابرات الإسرائيلية .

مجزة البيجر ،مجهولةْ المنشأ ، لقيادة الحزب والتي تعد أكبر فضيحة في منهج الحرب الكبرى والصغيرة منها ، كانت مؤشراً واضحاً لمدى عمق الإختراق الصهيوني لحزب الله ، ورسالة ومفضوحة لم يفهما حسن نصر الله المغرور بصمود السنين الماضية ، بأن مسألة الوصول إليه باتت في حساب الوقت لا أقل ولا أكثر .

يبدو أن حزب الله، الذي لطالما قَدّمته إيران لسنوات طويلة كقوة لا تقهر في وجه إسرائيل تحديداً ، تلك البروبجندا الخمينية عززت في نفسه نشوة  الغرور بالمنتصر ،الأمر الذي دفعه للإنشغال بقضايا إيران في سوريا والعراق واليمن، خسر فيها الحاضن العربي ، ونسى او تناسى بجهل قضيته الأساسية والأحداث الأخير خير شاهد بأن نصر الله دخل في حرب مع إسرائيل بفعل النشوة السابقة لحرب 2006م وليس بالإستعداد العسكري والأمني المطلوب على العكس نتنياهو الذي كان مستعداً للحرب في الضاحية الجنوبية أكثر منها في غزة .

هذا الحزب الذي كان منشغلاً بحروب المنطقة العربية أكثر من إسرائيل وجد نفسه اليوم مكشوفاً -أمام عدوه الأساسي " إسرائيل "- في واقع أمني وعسكري أكثر تعقيداً من أي وقت مضى ، فالقيادات التي كانت يوماً رموزاً للصمود، صارت أشبه ببيادق يتم الإطاحة بها واحدة تلو الأخرى، في مسرح فقد التحكم في مجرياته .. محاصراً في زاوية عمياء ، يحاول لملمت الشتات المغلوم بعملاء إسرائيل في الصفوف الأولى للحزب .

مشهد ترجمته مغادرة الخبراء والمستشارين الإيرانيين معقل حزب الله ،الضاحية الجنوبية، بتوجيهات من طهران خصوصاً بعد مقتل نصر الله و عباس نيلفروشان احد كبار قادة فيلق القدس الإيراني في لبنان ،على وجه السرعة ،فالمنطقة التي كانت تُعتبر معقلاً منيعاً للإيرانيين باتت اليوم تشكل تهديداً لمن كانوا يوماً في قلب نفوذها .. تبدد الأمن الذي طالما ادعت إيران وحزب الله قدرتهما على توفيره ، ولم يتوقف الحال هنا بل إن مغادرة عناصر الحرس الثوري الإيراني للبنان حملت معها اعترافاً ضمنياً بأن الثقة التي كانت تربط القيادة الإيرانية بحزب الله قد بدأت تتآكل.

 

يواجه حزب الله ولبنان معاً المصير المثقل بتركة النفوذ الإيراني على هذا البلد لثلاثة عقودٍ منفرداً مع فارق واحد وهو غياب إيران التي كالعادة تظهر منتشيةً عند أي إنتصار لحلفائها في المنطقة وتغيب تماماً عند أول منعرج لهزيمة متوقعه وهنا يبقى التساؤل المُلح اليوم هل يقترب حزب الله من نهايته السياسية كما اقترب من نهايته العسكرية؟! أم أن الحزب سيفيق من أحلك الظروف ؟ وهذا مستبعد تماماً خصوصاً ان الخسائر البشرية بحجم نصرالله صعب أن تعوض داخل الحركة السرية وهذا ما تفهمه إيران جيداً..