السبت 19/أكتوبر/2024
عاجلعاجل

السنوار .. البطل الذي هزم عدوه مرتين!

وترجل الفارس بعد حياة حافلة بالعطاء، ومسيرة ممتدة معمدة بالكفاح، وتاريخ طويل مرصع بالنضال في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي. 

ارتقى القائد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في ميدان المعركة وسط غزة، وقد أثخن في جيش الاحتلال وأذاقه الويلات، نال ما أراد وحصل على خاتمة تليق بنضاله وجهاده، بعد أن هزم عدوه مرتين حين كان حيا وحين لقى ربه شهيدا مجيدا في مكان لم تتمكن ترسانة الاحتلال الاستخباراتية والتكنولوجيا المتقدمة من اكتشافه أو توقعه. 

قائدًا شجاعًا؛ ما كان له في سبيل هذا الكفاح إلا أن يترجل شامخا كما ينبغي، ويرتقي شهيدا كما تمنى، ويذهب إلى راحته الأبدية .

ما كان لرمز الأقصـى، ونجم فلسطين وأيقونة القضية المقدسة إلا أن يصعد للسماء بشموخ وإباء، ويستريح بعد حياة مليئة بالنضال والعطاء ..

ولا شك أن الميدان مليءٌ بالرجال والقادة الأبطال لمواصلة الدرب، والمقاومة مشروع نضال على الدوام لتحرير الأوطان من كل باغي ومحتل طال الزمن أو قصر. 

لقد خاض السنوار غمار التحدي والصعاب، ومر طوال حياته بتجربة تجلت في المساهمة الفعالة بتأسيس حركة المقاومة الإسلامية بغزة في القرن الماضي، حتى وجد نفسه في سجون الاحتلال طيلة عقدين، قرأ طبيعة المجتمع الإسرائيلي وتركيبته السياسية والفكرية والشعبية، ليخرج من المعتقل ويواصل مشواره النضالي.

كان رقماً صعباً في المعادلة الفلسطينية، وقائداً عظيماً لا يجود الزمان به إلا لماماً،، حتى شكّل حدثاً فارقاً في مسار المقاومة، وصنع مجداً مطرزاً بالتضحية والفداء في أرض المعركة ضد جيش الاحتلال، ورسم فصلاً جديداً في خارطة القضية الفلسطينية. 

وفي خضم العمل المقاوم للسنوار وطيلة العقد الماضي، لم يغفل عن الجانب السياسي والدبلوماسي في الداخل الفلسطيني وفي المحيط العربي والإقليمي. 

فعمل على تخفيف حدة الخطاب اتجاه السلطة الفلسطينية المحشورة في زاوية الضفة الغربية، وأبدى مرونة في التعامل مع الجميع، وحاول تجاوز تبعات الصراع القائم والمتراكم الذي يتحمله بدرجة كبيرة السلطة بسبب هشاشتها وضعفها في التعامل مع القضية امام الاحتلال الإسرائيلي. 

كان السنوار يهدف من خلال ذلك إلى لملمة الشتات وتوحيد الجهود للخروج بعمل مشترك في المسار السياسي والدبلوماسي والمقاومة لأجل القضية الفلسطينية. 

ولعب دور بارز وكبير في إعادة تصويب وتعزيز العلاقة مع الدولة المصرية كعلاقة متينة واستراتيجية ومصير مشترك. 

ولم يغفل عن توطيد الارتباط مع الخليج والإقليم ولو بشكل متفاوت، لما فيه مصلحة العمل المقاوم واستمراريته، وبما لا يؤثر في عملية صنع القرار الداخلي والتبعية الخارجية تحت أي مبرر، أو تجريف القضية وحرفها عن المسار. 

ظلت القضية الفلسطينية والعمل المقاوم لتحرير الأراضي المحتلة هو النهج السائد والثابت لدى السنوار وحركة حماس، ونأت بنفسها عن أي صراع جانبي خارج إطار الهدف المشروع والمتمثل في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي .

سيظل حيا في ذاكرة التاريخ والشعوب، حاضرا في عمق القضية الفلسطينية، وفي ميدان المقاومة كأيقونة عظيمة لا يتكرر، جسد في مسيرته روح التضحية والفداء، وسطر في وجه الاحتلال الإسرائيلي بطولة فريدة واستثنائية ملهمة للأجيال وخالدة في الذاكرة وإلى الأبد.