يدخلوننا في مفاضلات بين الأعداء! وكأننا في سوق مفتوحة للعداوات المختارة.. نحن مع قضيتنا ومع فلسطين وضد اسرائيل والحوثي وإيران وحزب الله. هم ضدنا وعدانا بلا فرق، لا يعنينا موقفهم من غزة، ولا موقف حماس منهم، ولو كانت تقاتلنا معهم لكنا ضدها من غير شك.
من الخبال استدعاء الولاء والبراء والاندفاع مع الحماسة الخرقاء حد مطالبة القتيل الاصطفاف مع قاتله!.
يريد الحوثي أن يهزمنا بتمسحه بقضية فلسطين! وكما قيل "التمسح بقضايا عادلة ونبيلة آخر ملاذ الأنذال"، تحكمنا مصالحنا في هذا الصراع.
كان السنوسي يقود المقاومة الليبية ضد الطليان رفقة عمر المختار، وكانت بريطانيا في مصر تفتح لهم خطوط الإمداد من داخل الأراضي المصرية، وما إن دخلت دولة الخلافة العثمانية الحرب حليفة لألمانيا وإيطاليا؛ اتخذ السنوسي قرارا أهوجا وقاتلا، اذ اختار الوقوف مع الدولة العثمانية بداعي العاطفة الدينية والولاء والبراء، وتورط في مهاجمة حاميات بريطانية على الحدود مع ليبيا، ماجعل البريطانيين يقطعون على قواته كل خطوط الإمداد، وكسب بذلك عدوا اضافيا! وحين اشتدت عليه الظروف خرح إلى مكة تاركا عمر المختار وحيدا مكشوفا في مواجهة غير متكافئة مع الايطاليين والانجليز كذلك، ضمن ظروف قاسية وحصار خانق وانقطاع للمؤن والسلاح، وهو ما أدى إلى خسارة الحرب ووقوع عمر المختار أسيرا في أيدي الطليان والحكم بإعدامه شنقا بعد عمر مديد من الكفاح المرير.
وفي بدء الصراع مع عصابات الاحتلال الصهيوني بفلسطين وفي لحظات يأس وانسداد اتجه أمين الحسيني مفتي الديار الفلسطينية صوب هتلر في المانيا مدفوعا بتقديراته لمصلحة قضية وطنه وشعبه في سياق صراع القوى الدولية وتباينات مصالحها في المنطقة .
ومن يقرأ في السياسة الخارجية لإيران في التاريخ المعاصر يجدها ذرائعية بإمتياز مؤسسة على مصالحها القومية وتحالفاتها وعلاقاتها ومواقفها محكومة بما تقرره تلك المصالح قبل كل شيء .
عالم الاجتماع الفرنسي "اوليفييه روا" في كتابه "عولمة الإسلام" الطبعة الأولى عام ٢٠٠٣، يرى أن إيران في حرب الخليج الثانية ٩١/٩٠ لم تعق انتشار القوات الامريكية في العراق ولا في الخليج، واقلعت بالتالي عن مساندة حلفائها التقليديين الشيعة العراقيين سنة ٩١ وشيعة البحرين في ٩٦ وبعض فصائل الأفغان في ٩٨ كما انها دعمت الأرمن في القوقاز ضد جموريةً أذربيجان الشيعية، وتعاونت مع روسيا لوضع حد للحرب الأهلية في طاجيكستان يونيو ٩٧، ثم اصطفت اثناء الحملة العسكرية على افغانستان في ٢٠٠١ الى جانب روسيا والهند والولايات المتحدة داعمة حلف الشمال الافغاني ضد طالبان وعلى رغم نزاعها مع الاماراتيين حول جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى (التى احتلها الشاه عام ١٩٧١) انضمت الى السعودية وقطر، فضلا أنها لم تسجل اي تدخل عسكري مباشر في الانتفاضة الفلسطينية التى اندلعت عام ٢٠٠٠ عدا عن دعمها السياسي لحزب الله والفلسطينين.
ويضيف أن "طهران استنكرت بشدة هجمات ١١ سبتمبر على لسان المرشد خامئني والرئيس الاصلاحي خاتمي". كما يرى كيف "سعت ايران للاستفادة من فشل اتفاقية اوسلو كي تتحول الى قوة تفرض نفسها في الخليج العربي والشرق الأوسط في آن". مقررا "اعتماد إيران سياسة خارجية تقوم على مبدأ الواقعية والذرائعية".
نحن نخوض صراعا واضحا، نعرف فيه اعداءنا جيدا، مهما تلفعوا من اغطية وأردية. ومهما رفعوا من رايات وادعاءات وشعارات.. بيننا وبينهم وطن ،وسيظلون هم العدو.