الأربعاء 11/ديسمبر/2024
عاجلعاجل

من دمشق إلى صنعاء

التغييرات السريعة في الوضع السوري والتي كانت محصلتها إسقاط نظام "بشار الأسد" الذي أذاق السوريين الموت والقهر هي رسالة أكثر منها حدث ، ومحصلتها أن الشعوب قد تصبر وتتحمل لكنها لم ولن تتنازل عن حقها في أن تصبح حرّة ، وكل جهود الطغاة ومحاورهم المزعومة كانت مجرد وهم أثبتت الأيام أنها أوهن من "بيوت العنكبوت" ، كما أثبتت كذلك أن «المتغطي بإيران عريان» ولو حشد له "خامنئي" الكتائب المؤدلجة التي قتلت وشردت السوريين واليمنيين والعراقيين واللبنانيين ، لكن في لحظة الحقيقة تلاشت أمام غضبة الشعب الذي فقد حلمه وصبره .

 

وفق هذه المعطيات والنتائج كلها فصنعاء ليست بعيدة عن دمشق ، ومليشيا الحوثي المتغطية بإيران قد بلَّت رأسها راضية أو مجبرة ، وكل ما يحصل اليوم في دمشق هو إشارة إلى أن المكابرة ورفض الآخر ووعدم القبول به ، والرغبة بالاستفراد بالحكم والثروة ، واستزراع الطائفية المقيتة كل هذه الأفعال والرغبات المأفونة توقع أصحابها في شرار أعمالهم طال الزمن أو قصر ، أما إيران فحين يحمي الوطيس ويظهر الخيط الابيض من الفجر تترك أدواتها مكشوفة كما فعلت في لبنان واليوم في سوريا ، وفي الغد القريب في صنعاء .

 

صنعاء أقرب إلى الحقيقة التي يحاول الانقلابيون تناسيها رغم أنّ كل كذباتهم خلال الفترات الماضية ظهرت حقيقتها ، وتبين أنها مجرد ظواهر صوتية لدغدغة عواطف البسطاء تماماً كما فعل بشار الأسد الذي سجن رجالات القسام وأدّعى أنه يحارب إسرائيل! ، وجاء الثوار اليوم ليحررونهم من سجونه المظلمة ، وذلك تماما ما عليه مليشيا الحوثي الانقلابية التي تتقرب إلى إسرائيل ومن يقف ورائها باهلاك الحرث والنسل في اليمن ، وتوفر لهم المبررات الكافية لاستباحة البحر والبر والجو .

 

من الأنسب اليوم أن يراجع الانقلابيون في صنعاء حساباتهم فطهران ستتخلى عنهم ، ويبدو أنها قد فعلت ذلك منذ مدة ، وخامنئي لم يعد في موقع يمكنه حتى المساعدة بالتصريحات والإدانات ، فـ "العكّ" في سوريا ولبنان والعراق قد أنهك نظام الملالي تماماً كما انهك الشعوب في كل هذه الدول ، ولم يعد من خيار إلا أن تعود أدوات إيران في صنعاء وصعدة تائبة منيبة إلى ارتباطاتها الوطنية ، وتتصالح مع الشعوب وتتخلى عن حلم الحكم والتحكم والامتياز وتتحول إلى مكون شعبي شأنه شان بقية مكونات الشعب ، ثم يذهب الجميع طائعين مختارين إلى مصالحة وطنية شاملة لا تستثنى أحداً ، ولا تجعل ليمني امتياز على آخر ، بل شراكة في السلطة والثروة وفق أطر ومحددات يقبل بها الجميع .

 

هذا هو خيار السلام والتعايش الذي أضاعت مليشيا إيران في صنعاء وأهدرت كل فرصه ، ولازال في الوقت متسع لو توفرت لديهم النية وتعلموا الدرس ، وتخلوا عن المكابرة إلى تحكيم العقل والقبول بالآخر والتعايش بين مكونات الشعب جميعها وفق محددات المواطنة المتساوية ، ومشاركة الجميع في إدارة البلد وخدمته والاستفادة من امكانياته وثرواته ، ومن شأن ذلك أن يوقف الضريبة الباهظة التي دفعناها ولازلنا ندفعها نتيجة نزق هذه الجماعة الانقلابية وركونها إلى إوهام وأحلام تجاوزها الزمن ، ولم تعد صالحة للتطبيق في عصرنا الحديث .

 

دمتم سالمين .