الخميس 19/ديسمبر/2024
عاجلعاجل

المزاج الدولي ودعم الشرعية

طوال عشر سنوات نجح اليمنيون في افشال مشروع مليشيا الحوثي في حكم البلد والتحكم في موارده لكن عوامل عدة وقفت حاجزاً أمام استكمال التحرير واستعادة الدولة لعل أبرزها تدخل المجتمع الدولي لايقاف جهود التحرير أكثر من مرة ، وهو ما اعطى الانقلاب وقتاً أكبر لإيقاع المزيد من الأذى والفوضى في المنطقة ، لكن مؤشرات عدّة خلال الفترة الأخيرة تتجه الى حقيقة واحدة مفادها أن جماعة الحوثي الانقلابية لم تعد تحظى بذلك القدر من الرعاية من قبل الذين أمدوها بعوامل الاستمرار خلال سنواتها الماضية وأوقفوا كل جهود التحرير واستعادة الدولة ، ولعل متغيرات دولية عدة وملفات توشك على الحل أو التغيير في استراتيجيات التعامل معها من شانها أن تغيّر المعادلة حالياً ، ومن المتوقع أن ينصب هذا التغيير في إنهاء ملف هذه الجماعة وانقلابها وعودة الدولة اليمنية الشرعية وبسط نفوذها على البر والبحر سواء عبر دعم الجيش الوطني وتحريك العمل العسكري ، أو عبر الضغط على الجماعة للسير في عملية السلام التي رفضت كل مقرراتها خلال السنوات العشر الماضية .

 

الملاحظ للتصريحات والتحركات الأخيرة يلحظ تغيّر المزاج الدولي في تعامله مع الجماعة الانقلابية ، وهو ما حصل مع بقية أدوات إيران في المنطقة ، ومن عوامل ومظاهر هذا التغيّر التحول الوشيك في العلاقات الأمريكية الروسية بعد فوز ترامب ، وهذا التوجه كانت نتيجته تقليم أظفار إيران في المنطقة ، وليس ببعيد ما حصل في سوريا مؤخراً بالضغط على حلفاء نظام بشار للتخلي عن التدخل العسكري لحماية نظامه القمعي ، ورضوخ إيران لذلك تماماً كما تخلت عن "حزب الله" سابقاً ، يضاف إلى ذلك جملة من التحركات بين الفاعلين الإقليميين والدوليين بشان اليمن ، ولعل ذلك التحرك تجمعه رغبة متطابقة لإنهاء فوضى هذه المليشيا على مستوى المنطقة بشكل عام .

 

إزاء هذه الرغبة والتحركات فمن الواضح أنه حان الوقت لإنهاء حالة "اللاحرب واللاسلم" التي خيّمت على المشهد اليمني خلال السنوات الأخيرة ، وباعتقادي فأنه من الحكمة أن يدرك العالم أن السبيل الوحيد لتحقيق هذا الهدف هو دعم الشرعية كـ"دولة" لاستكمال القضاء على الانقلاب كـ"عصابة" ، وهذا من شانه أن يفتح الباب لعودة المنطقة لحالة الهدؤ والاستقرار وتجنيب الأمن والاقتصاد الدوليين الهزات التي تؤثر على الحالة الاقتصادية العالمية .

 

إن دعم مؤسسات الشرعية وبمقدمة ذلك الجيش الوطني وإعادة بنائهما وتوفير عوامل ومسببات التفوق العسكري والاقتصادي هو الترجمة الحقيقية لهذه الرغبة الدولية في تحقيق الهدوء في المنطقة وتأمين خطوط الملاحة وتجنيب العالم المخاطر الاقتصادية المتعاظمة الناتجة عن استمرار الانقلابيين الحوثيين في استهداف طرق التجارة الدولية ، كما أن هذا الدعم للشرعية سيحقق للعالم وللإقليم رغبتهما في التخلص مما يسببه الانقلابيون من فوضى لا تستثني أحدا .

 

يمثل دعم الحكومة الشرعية بمؤسساتها الضامن الوحيد لتجنيب المنطقة والعالم صراعات ليست واضحة المعالم ولا الاتجاهات والجميع في غنى عنها ، كما أن إعادة بناء الدولة اليمنية يعد مخرجاً ملائماً سيحقق لكل القوى والأطراف المحلية والإقليمية والدولية مصالحها ، ولابد أن تتكاتف الجهود في كل المستويات للمغادرة من حالة "اللادولة" في أجزاء من البلد و "الدولة منزوعة المخالب" في أجزاء أخرى ، وأن يدرك العالم بكل قواه المؤثرة أنه إذا أراد تجاوز الخطر فليزمه الاتجاه إجبارياً لاستعادة ودعم الدولة المركزية القوية وجيشها الوطني وكل ذلك سيضمن أن تتحمل الدولة ككيان له مسؤلية قانونية وأخلاقية الوفاء بالالتزامات الإقليمية والدولية ، وسنذهب إلى مرحلة إلى ضبط الاوضاع والسيطرة عليها وتحقيق مصالح الداخل والخارج في آن واحد .

 

دمتم سالمين .