رسائل الهجران

 

معارف واصحاب كثر يواضبون على اعادة ارسال اذكار الصباح والمساء وجمعة مباركة بداب مرهق واعتياد قاتل يسلب التواصل قيمته ومعناه . جرب إختبار مدى حضورهم وادراكهم لما يقترفونه ، ستكتب لمرسلك : اهلا بك ، كيف الحال ، لن يرد عليك ، وسيواصل رشقك بمقذوفاته الإعتيادية المدورة الجاهزة بتصميم وبلا مبالاة ، ستدرك أنك مجرد جهة اتصال في قائمته المختارة ، وكل يوم سيتعاظم حنقك واختناقك ، لكونك صرت هدفا سهلا للبلادة وماسح رسائل مجبر على تحمل بلواك بدواعي الكياسة والدماثة ، ثمة رجل لا تعرفه ، لقيك ذات وليمة ، واقترب منك طالبا رقمك ، ولم تكد تصل مسكنك الا وقد أمطرك بعشرين منشور موجه بحسب تفضيلاته بالطبع 

صرت من شدة الرعب تسأل طالبي رقمك إن كانوا من القوم أصحاب القوائم ، ؟ شخصيا حظرت العديد وطلبت من بعضهم اعفائي من مراسلاتهم العامة . ومنهم كتاب مكتئبون يمارسون تعذيب الخلق ليل نهار بارسال منشوراتهم في الفيس وتغريداتهم على منصة Xوبعاسيسهم في توك توك ومداخلاتهم في القنوات , عددت لأحدهم اكثر من 60 رسالة في يوم واحد ، شيء مهول ، يشعرك بالقرف من الوجود ، وبعضهم الأمر مجرد عمل ، أنت رقم في قائمة يكافيء عليها كلما ازدادت طولا ، 

التواصل على هذا النحو محض قطيعة ، امتهان لقيمة التواصل ، قتل للحساسية ونسف لمعنى العلاقات. ، 

حين ينطفيء فينا الإنسان ويذوي الحب وتتلاشى الحميمية وينعدم الدفء والحضور الانساني وتنتفي الخصوصية لايبقى هنالك معنى لشيء . كل كلام يفقد معناه وكل تواصل لا يؤدي الا لمراكمة الخواء والجفاء والفتور والزيف ،

أيها الأصدقاء , فتشوا عن قلوبكم فيما ترسلونه ، فللروح لغة لا تخطئها الروح . المراسلات بحكم العادة موت ،  

والتواصل يتطلب رهافة وإحساس وحضور ونباهة ،

هذه الصيغ المدعوكة ،و القوالب الباهتة المرسلة صبح مساء لا تدل على صدق محبة، ولا على تأكيد صلة ، ولا تعمق غير الصدوع ، ولا تكاثر غير المقت ، ولا تفضي لغير الهجران .