الحوثي إرهابي .. و إيران ماذا ؟

جماعة صغيرة، انطلقت من كهوف الجبال، عبثت باليمن والمنطقة ، وأمن البحار وسلامة السفن المحملة بمليارات التجارة الدولية ، وخسائر إقتصادية كبيرة  لكثير من دول الجوار والعالم لا يزال مؤشراتها في تصاعد ..

سردية يراد تسويقها كما لو كانت حقيقة فيما الواقع يذكرنا بأن الحوثي لم يكن يوما كيانا قائما بذاته، او فاعلاً في معادلة القوة ، حتى يستطيع القيام بكل هذه ، بل كان منذ اللحظة الأولى انعكاسا لظل أخر بالمنطقة .. يراد لنا أن نصدق أن عبدالملك الحوثي، المنشغل منذ أكثر من عقد بإلقاء الخطب المرتبكة -التي جديد فيها - هو من يهدد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب وبحر العرب و أقاربه  التي تفتقر لأبسط مقومات الفهم والتعليم هي من تصنع الترسانة العسكرية من صواريخ ومسيرات ..

الحوثي ليس هو من يصنع ترسانته العسكرية، ولا هو من يضع استراتيجيات التصعيد، بل هي إيران من نفخت في هذا الجسد الهش، ولبسته كرداء ، ليصبح أداةً في مشروعها، وساحة لترتيب أوراقها مع العالم  والإقليم .

والآن ، وبعد عقد من الحرب العبثية تُصنف هذه الجماعة منظمة إرهابية أجنبية ويوضع قاداتها الرخاص على قوائم الإرهاب كما لو أنها أعادات الجرذان الى جحورها حتى تستحق كل هذا التفاؤل بيقضة البيت الأبيض من سبات طويل لفترتين رئاسيتين.

في تعليق شهير لعبدالكريم الإرياني  وزير الخارجية اليمنية الأسبق  على مقتل مؤسس الحركة الحوثية حسين الحوثي  إبان تمرد جماعة الحوثي 2004م يقول "بأن  تعب إيران لعشرين سنه لم يصمد ثلاثة أشهر في المعركة "..

كانت إيران قد باشرت في تدريب قيادات وعناصر حوثية منذ ثمانينات القرن العشرين ولكنهم سقطوا في أول مواجهة عسكرية في  يونيو2004م أمام محور عسكري واحد أسند بالطائرات الحربية خلال عهد الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح .

تلك الهزئم التي سميت  فيما بعد بالحروب السته كانت بمثابة صفعة لإيران التي أدركت حينها بأن هؤلاء مفيدون كأدوات ، لا ككيان مستقل و أعادت النظر في استراتيجيتها، فبدلاً من الاكتفاء بدعم الحوثيين عن بعد، أرسلت عناصر إيرانية لتولي زمام القيادة وإدارتهم بشكل مباشر، لتصبح الجماعة مجرد ذراع لإدارة حربها بالوكالة.

قبل انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية في سبتمبر 2014، كشفت تقارير محلية ودولية عن وجود فريق من الحرس الثوري الإيراني متمركزًا على ضفاف محافظة حجة، قرب ساحل البحر الأحمر، حيث استخدموا ميناء ميدي كنقطة استراتيجية لتهريب الأسلحة ، والبعض الأخر في صعدة .

فيما بعد، عُرفت هذه المجموعة باسم المكتب التاسع لإدارة الحرب، بقيادة المطلوب دوليًا، رضا شهلاي، الملقب بـ”الحاج يوسف”، ومن بعده حسن إيرلو، السفير الإيراني لدى الحوثيين، الذي غادر اليمن جثة هامدة نهاية عام 2021، بعد فشله في إسقاط محافظة مأرب والسيطرة على منابع النفط، وحالياً علي رمضاني الملقب بالحاج أبو محمد ولم يكن هؤلاء وحدهم، فقد دفعت إيران بخبراء من أربع جنسيات—لبنانية وعراقية وسورية وإيرانية—لتوجيه وإدارة آلة الحوثيين الحربية.

"تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية خطوة مهمة، لكنها ليست كافية ما لم تكون هناك ارادة حقيقية لإنهاء المشروع الذي يهدد اليمن والمنطقة والمصالح الدولية ومن ثم تُوجّه البوصلة نحو الفاعل الحقيقي، (أم الإرهاب إيران ومنبعه )وعلى المجتمع الدولي أن يدرك أن ملاحقة ذيل الأفعى سيقودنا بالضرورة الى رأسها ".