انعكاسات نهج الحوثي كأداة إيرانية

ونحن في السنة الحادية عشر انقلاب ثمة حقائق لمسناها وعشناها كيمنيين تعدُّ نتائج مأساوية لاختيار الحوثي وضع نفسه أحد أبرز الأدوات لتنفيذ استراتيجيات إيران الإقليمية ، وهو ما ولد انعكاسات سلبية على الواقع اليمني والاقليمي والدولي على حدٍ سواء ، وشملت هذه الانعكاسات مختلف الأبعاد سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ، وهو ما عرقل كل جهود التفاهم والحوار طوال الفترة الماضية ، وأدخل البلد في دوامة "التدويل" وحرب المصالح بين القوى الدولية المتصارعة .

 

أول انعكاسات هذا النهج الحوثي كان تحويل اليمن إلى ساحة لصراعات ليس اليمنيون طرفاً فيها ، فالصراع الإيراني الأمريكي يخص هاتان الدولتان لاغير ، وبفضل جهود الحوثي للظهور كأحد الأدوات الإيرانية أضحت البلد ومقدراتها هدفاً للقوى الدولية المختلفة بما تحمله هذه القوى من نزعة إجرامية ضد شعوب المنطقة مرتبطة بأطماعها الاستعمارية القديمة الجديدة ، وقد أعطاها الحوثي فرصاً ومبررات كنّا في غنى عنها . 

 

صنعت ودعمت إيران الحوثي طول أكثر من عقدين لتستخدمه كورقة تحركها كلما أحست بالضغط السياسي أو العسكري ، ومع تراجع نفوذها في المنطقة بخروج سوريا ولبنان من دائرة تحكمها تكثف إيران استخدام الحوثي دون مراعاة لأي انعكاسات سلبية على اليمن واليمنيين ، ودون الالتفات إلى أن الانقلاب الحوثي على الحكومة ونهب مؤسساتها وما تلاه من حرب دمر كل جوانب حياة هذا الشعب المقهور وقضى على مقومات الحياة على هذه الأرض ، وصادر كل الاحلام والتطلعات للعيش بكرامة .

 

لم ولن تراعي إيران كل هذه الاخطار التي أحدثتها بحياة اليمنيين واستمرت في الدفع بالحوثي واستخدامه كأداة خالصة لها ، واختارته لتوجيه رسائل تخصها هي فقط ، وكلها تتصادم مع مصلحة البلد والشعب والاقليم ، وسلكت القوى الاستعمارية الدولية نفس المسلك ، فوجهت طائراتها وبارجاتها نحو اليمن معلنة أنها توجه الرسائل لإيران! ، ووقعت البلد بين مطرقة أمريكا ومن دار في فلكها ، وسندان إيران ومن لف لفها ، وبينما لايملك اليمنيون ناقة ولا جمل في وسط هذه المعمعة إلا أنهم يدفعون ثمنها غالياً على المستويين القريب المنظور ، والبعيد المتوقع .

 

من أخطر انعكاسات النهج الحوثي في الارتهان لإيران رفضه كل جهود السلام وفرصه تماماً كما تملي عليه طهران وبحسب مصالحها هي فقط ، وفي كل جولة مفاوضات ما إن يكون المتحاورون على مرمى قدم من الاتفاق النهائي حتى تاتي التعليمات الإيرانية بافشال الخطوة الأخيرة ، وبالتالي استمرار البلد في حالة التشظي وغياب الدولة ، وهو ما يريده نظام الملالي تماماً حتى تتمكن دولته المأفونة من تحقيق أجندتها في المنطقة ، وبالمقابل يتحمل اليمنيون ضريبته الباهضة من أرواحهم واقتصادهم وبنيتهم التحتية ، وعلاقتهم بالاقليم والعالم .

 

كل يوم ومع كل حدث يثبت الحوثيون أنهم ليسوا سوى أداة حقيرة بيد إيران لتحقيق مصالحها الإقليمية، ولايأبهون بالمطلق إلى ما يمس اليمن من تدمير شامل وممنهج ، والاقليم من مخاطر اقتصادية وعسكرية وسياسية ، ولا خيار أمام هذا المشهد الملبد إلا إيقاف انقلاب الحوثي وعبثه ، واستعادة ما تبقى من البلد تحت سيطرته ، والعودة إلى الدولة اليمنية القوية التي يعترف بها الجميع ، وتمتلك قرارها ومسؤولياتها الاخلاقية والقانونية تجاه شعبها وجيرانها والعالم أجمع .

 

دمتم سالمين .