حين تُنشر صورة الشهيد عز الدين سعيد قاسم المخلافي، لا ينبغي لأحد أن يمر مرور الكرام، بل من الواجب أن يقف الجميع إجلالاً، ويكتبوا من أعماق القلب: "الله يرحمه". ليس لأننا نهوى طقوس الحزن، بل لأننا أمام أسطورة يمنية من تعز، رجل لا تتكرر ملامحه في الزمن إلا نادراً.
كان عز الدين قائداً في جبهة الستين، جبهة الشرف التي ارتبطت في الذاكرة الشعبية ببطولات تفوق الحكايات، وقد قاد هناك معركة الشجعان ضد المليشيات الحوثية الكهنوتية. قاتل كما يُقاتل الأحرار، لا ليبسط نفوذاً أو يطلب جاهاً، بل ليحمي حلم شعب، ويحرس مدينة لا تنام إلا على صوت الرصاص المقاوم للكهنوت.
والشاهد إن استشهاد عز الدين لم يكن خبراً عابراً ولا فقرة في نشرة، بل هو فصل بطولي يكتب بدمه، ويُتلى على الأجيال.
فحين نفد الرصاص، لم يتراجع، بل استمر في الاشتباك بالأيدي، مواجها الموت كما يليق بالرجال النبلاء، أولئك الذين لا يعرفون الهزيمة ولا يعترفون بالاستسلام. رحل مقبلاً غير مدبر، كأن جسده اختار أن يتحول إلى راية، وأن روحه تظل تحوم فوق التلال، تهمس للرفاق أن الطريق طويل ولكن المجد يستحق.
كان صاحبي النبيل. نعم، حلمت به البارحة، كما لو أنه جاء ليطمئننا أن الوطن لا يزال بخير، طالما فيه رجال يشبهونه. في الحلم، كان يبتسم وهو يغسل بندقيته من الدم، كأنما يقول: "لم أمت، فقط انتقلت إلى الخلود". وفي الحقيقة، ما عاد للخلود معنى إن لم يكن فيه اسم عز الدين سعيد المخلافي.
صدقوني لم يكن عز الدين مجرد مقاتل، بل كان أيقونة للكرامة والحرية، أحد أبناء تعز الذين جعلوا من أجسادهم سواتر ضد الكهنوت، ومن أصواتهم صدى للحياة.
بل حين نقول تعز الجسورة، فإننا نعني عز الدين، وحين نقول الشهادة، فإننا نتذكر طريقه، الذي سلكه بإصرار العاشق لأرضه.
المجد لعز الدين، والخلود لروحه. سنروي سيرته كما تُروى الأساطير، ونزرع اسمه في ذاكرة الوطن كزهرة لا تذبل. تعز أنجبتك، فكبرت بها، ومت بها، وها أنت الآن تقيم فيها أبداً، وفي وجدان كل تعزي أصيل بطلاً لا تنكسر صورته، ولا تُنسى ملامحه.
تابع المجهر نت على X