الزبيدي والعليمي .. تقاسم النفوذ داخل المجلس

من الصعب فصل قرارات عيدروس الزبيدي عضو مجلس القيادة الرئاسي "المثيرة للجدل "خارج سياق التسريبات المتداولة بشأن التغييرات المرتقبة في مجلس القيادة الرئاسي، التي ينظر لها كرغبة سعودية لتعزيز نشاط المجلس الذي يعتليه حالة من الجمود إذا ما إستثنينا الإجتماعات الروتينية التي تنحصر مخرجاته على صورة خبر باهت يتداوله الإعلام الرسمي ومنصات ناشطي كشف الإعاشة.

فالتحركات التي قادها الزبيدي مؤخراً ليست مفاجئة ولا يمكن توصيفها بالإنقلاب على الشرعية بقدر ماهو إعلان صريح يرسم مسار جديد لإدارة المرحلة القادمة بالتوافق بين شخصيتين وقد لا يستبعد أن تكون جنوباً يتولى الزبيدي إدارة شؤونها وشمالاً تبقى ضمن مسؤوليات العليمي في تقسيم يعكس توازن القوى على الأرض، لا نصوص الاتفاقيات. 

لا داع للتذكير بأن السعودية التي  تمسك بخيوط الملف اليمني طولاً وعرضاً لا يمكن أن تسمح بهكذا خطوات ما لم يكن خلفها ضوء أخضر واضح، إلا بحالتين؛ الأولى: أن الرياض لم تعد يعنيها الخلافات الداخلية في الشرعية بقدرما ما تهتم في الحفاظ على قدر معين من الإستقرار السياسي داخل هذا المكون. أما الإحتمال الثاني والأرجح: أن السعودية راضية عن هذه الإجراءات وهو ما يؤكد أن الزبيدي بات متقدماً بخطوة على العليمي، الذي يفقد تدريجياً ثقة الأطراف المحلية والأقليمية في إدارة مجلس الثمانية.

ما يؤكد ذلك إنشغال العليمي منذ وصوله الى العاصمة عدن ،بالتزامن مع إصدار الزبيدي للقرارات -برفقة عضوي المجلس سلطان العرادة وعبدالله العليمي، بإجتماعات مكثفة بعضها مع الزبيدي إتسمت بطابعها "اللطيف" أكثر من كونها حازمة، لمعالجة ما أسماوه مشكلة "الزبيدي وقرارته الأخيرة" والتعامل معها بمرونة لافتة أقرب في البحث عن تسوية ودية.

فشل التفاهمات في قصر المعاشيق بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي في إحتواء الموقف خلق مشهد رحيل متباين، غادر الزبيدي على متن طائرة خاصة الى أبوظبي فيما يستعد العليمي لمغادرة عدن نحو الرياض في طائرة مماثلة، في تأكيد واضح بأن حل الخلافات لم تعد تصاغ في عدن بل في عواصم التحالف العربي.

بين أبوظبي والرياض يتكئ الطرفان في مشهد يكشف حقيقة التشرذم بين قادة المجلس الرئاسي الذي اُريد له أن يكون بديلاً فاعلاً لعجز الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي، غير أن ما كان يفترض أن يكون كياناً جامعاً يتجاوز التجاذبات لتصحيح مسار المعركة ضد مليشيات الحوثي الإرهابية إلا أن العقول الضيقة- لا المصالح فقط -  آلت عكس المأمول منها في تعزيز الإنقسام بدلاً من تجاوزه.