تحدث العالم كله عن حادثة غرق السفينة "روبيمار" في المياه الإقليمية اليمنية ، وما يمكن ان تسببه حمولتها التي تتضارب حولها الروايات ، لكن الجميع متفق أن ثمة خطراً سيصيب البيئة البحرية ، وسيتمد إلى البر والسكان ومختلف نواحي الحياة ، والأسوأ في الأمر هو التحرك الدولي في الوقت الضائع والذي لا يبدو أن بإمكانه إيقاف الخطر أو انه لا يرغب في ذلك ، لكن الأهم اليوم هو العودة إلى جذور المشكلة ومسبباتها ، والنظر للحادثة كنتيجة فقط لمقدمات عديدة وعلى رأسها الانقلاب الحوثي على الدولة وإسقاطها ، ونهب إمكاناتها ، وإدخال البلد في حرب تكاد أن تكمل عقد من الزمن ، وهذا هو الذي شكل غرقاً حقيقياً للبلد في حالة الضياع والفوضى والتشرذم الذي نعيشه اليوم .
كل يوم منذ العام 2014 يجدد الانقلابيون الحوثيون تقديم قرابين الولاء لإيران ليساعدوها في تجاوز عزلتها الدولية ، وتقديم نفسها كلاعب رئيس في الشان الدولي ، لكنهم بالمقابل يلحقون الضرر البالغ باليمن واليمنيين غير آبهين بما سببه انقلابهم أولاً ثم استجلابهم العالم بقضه وقضيضه للمياه الاقليمية تحت ذريعة حمايتها منهم ، ليتحول البحر الاحمر وخليج عدن الى مقر للبارجات والسفن الحربية التي تسابقت عليه من كل حدبٍ وصوب وظهر جلياً أن قوى الهيمنة والاستعمار كانت تنتظر هذه الفرصة بفارغ الصبر ، وبالمقابل يعيش البر اليمني حالة من التشضي والصراع الناتج عن الانقلاب واسقاط الدولة ، ويعاني اليمنيون الويلات جراء أفعال هذه الجماعة المارقة في كل جوانب حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
تضحك ايران ملئ شدقيها وهي تصرّح أن البحر الأحمر وباب المندب أضحى تحت سيطرتها ، أو بالأحرى نجحت بنشر الفوضى فيهما ، وكل ذلك بفضل جهود وكلائها المخلصين الذين يمموا شطرها ناسين أو متناسين ما يلحق باليمن براً وبحراً منذ أن أعلنوا انقلابهم وحربهم الشاملة على كل ماهو جميل في هذه الأرض ، وباشروا نشر الفوضى في المنطقة ، ووفروا المبررات الكافية لتواجد القوى الدولية واستعادتها لدورها الاستعماري القديم ، وسلب ما تبقى من سيادة للدول في المنطقة سواءً المشاطئة للبحر الأحمر أو التي تعتمد كلياً عليه لتسيير اقتصادها .
المؤكد أن إغراق سفينة "روبيمار" سيترتب عليه آثار مدمرة على البيئة البحرية ، وقد تتجاوز هذه الآثار الى البر والسكان ، وخاصة مع احتمالية وجود مواد خطرة ضمن حمولة السفينة ، وهذه الآثار يكتوى اليمن بنارها في المرتبة الاولى ، والأسوأ أن الكارثة تمت بأيدي يمنية لا يهمها إلا تنفيذ الأجندة الإيرانية المتخادمة في الأساس مع قوى الهيمنة الدولية وعلى راسها أمريكا وبريطانيا ، وتضاف هذه الجريمة إلى سلسلة من الجرائم المتتالية منذ الانقلاب المقيت والذي غرقت فيه اليمن في بحر من الدماء والفوضى والتشتت ولازالت كذلك حتى اليوم .
لقد أغرقت نفسها واغرقتنا جميعاً هذه القلة المشاغبة وستظل تمارس هوايتها المقيتة مادام العالم ينتهج معها سياسة المراضاة وتقديم الحوافز والجوائز ، ويمارس ضغوطه كلما أوشكت الجماعة الانقلابية على السقوط دون دفعها إلى العودة إلى جادة الصواب والسير في ركب السلام والتعايش ، ولا حل بالمطلق إلا بالعودة إلى القرارات الدولية التي ألزمت الانقلابيين بالتراجع عن أفعالهم ، والسير في طريق استعادة الحكومة الشرعية القوية ذات القرار الخاص بها ، والتي بإمكانها التخاطب والتعامل مع العالم وفق اخلاقيات الدولة وليست العصابة ، وقتها فقط يمكننا أن نتجاوز الأخطار التي تتزايد يوماً بعد يوم وتسير بنا وبالإقليم والعالم نحو حافة الهاوية التي يصعب النجاة منها .
دمتم سالمين .