لا يمكن النظر إلى التحركات العسكرية الأحادية التي يقودها المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة باعتبارها خلافا سياسيا أو ترتيبا ميدانيا عابرا، بل خطوة تمس جوهر الشرعية اليمنية وتضرب المركز القانوني للدولة في لحظة بالغة الحساسية.
اتفاق نقل السلطة الذي تشكل بموجبه مجلس القيادة الرئاسي شكل إطارا قانونيا وسياسيا واضحا، قبل فيه جميع الاطراف، بما فيها الانتقالي، العمل ضمن سلطة واحدة ومرجعية واحدة، بهدف استعادة الدولة وهزيمة ميليشيا الحوثي، مع الاعتراف بالقضية الجنوبية كقضية مركزية يتم حلها بعد استعادة مؤسسات الدولة.
الخروج على هذا الاتفاق عبر تحركات عسكرية أحادية لا يمثل فقط خرقا للتوافق السياسي، بل انقلابا فعليا على التزامات معلنة وقع عليها الانتقالي امام الداخل والخارج، وبرعاية اقليمية ودولية. فالشرعية لا يمكن تجزئتها، ولا يمكن الدفاع عنها في مواجهة الحوثي بينما يجري تقويضها من الداخل.
الاخطر من ذلك أن هذا المسار يضعف الشرعية سياسيا وعسكريا، ويقوض قدرتها على خوض معركة استعادة الدولة، ويهز موقعها التفاوضي، وهو ما يصب مباشرة في مصلحة ميليشيا الحوثي التي ترى في اي اضعاف للشرعية فرصة لتعزيز بقائها وشرعنة سيطرتها كأمر واقع، بل ويعطيها مبررا جديدا لشن حروبها وقمع المناطق تحت سيطرتها والتحشيد تحت لافتة جديدة.
المجتمع الدولي لا يتعرف الا بمجلس القيادة الرئاسي باعتباره الممثل الشرعي الوحيد لـ الجمهورية اليمنية، واي محاولة لفرض وقائع خارج هذا الاطار تعني تفريغ الدولة من مضمونها القانوني، وفتح الباب امام منطق الانقلابات المتعددة، وهو منطق لا يخدم سوى الفوضى.
إن تحويل بوصلة الصراع من مواجهة الانقلاب الحوثي الى صراعات داخل معسكر الشرعية لا يخدم القضية الجنوبية، ولا استقرار الجنوب، ولا وحدة اليمنيين، بل يعيد انتاج الانقلاب بصور مختلفة، ومعركة استعادة الدولة لا تحتمل ازدواج الشرعيات ولا تعدد البنادق، بل تتطلب التزاما صارما بالاتفاقات التي قامت عليها المرحلة الانتقالية.
تابع المجهر نت على X