الخميس 21/نوفمبر/2024
عاجلعاجل

قحطان .. شموخ الجرح

تسعٌ عجاف مرّت على تغييب الهامة الوطنية والسياسي البارع الاستاذ "محمد قحطان" في معتقلات الانقلابيين كشاهد على مقدار الحقد الذي يستوطن هذه الجماعة الشاذة عن كل توافق ، والتي تؤكد في كل لحظة تستمر فيها بإخفاء هذا الرمز الوطني أن لا فسحة لديها للتعايش أو التفاهم ، وأن كمية الحقد الذي يستوطنها أكبر بكثير من أن تتقبل اليمنيين أو يتقبلونها ، وتلك ميزة تنبئ أن التاريخ السياسي لهذه الجماعة انتهى قبل أن يبدأ ، وكل جرائمهم ومنها اختطاف وإخفاء "قحطان" ستظل لعنات تلاحقهم ولن تنفكّ عنهم مهما حاولوا تجميل وجوههم الكالحة بسواد الجرائم التي يرتكبونها .

"قحطان" كانت جنياته الكبرى لدي سجانيه أنه رفض الانقلاب منذ لحظاته الاولى مدركاً بحنكته السياسية وخبراته المتراكمة أن باباً للشر قد فُتح ، وأن "الانتفاشة" التي خُيّل لهم في لحظة زهو مليشاوي مقيت أنها قادتهم للنصر كانت فاتحةُ بلاءٍ على الوطن بجهاته الأربع ، ولو أنهم أنصتوا لنصحه لكان الحال غير الحال ،  ولما كانت اليمن غرقت في هذه العشرية الدامية التي يتحمل مسؤليتها الانقلابيون دون منازع .

عشر سنوات سوداء نتائجها فاتورة كبيرة من الدماء والأشلاء والدمار الذي طال كل يمني ، وشمل كل جوانب حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وهذا بالضبط ما كان يدركه "قحطان" ببصيرته الثاقبة ويحذر منه ، وبذل وقتاً وجهداً لمنع حصوله ، لكن كل محاولاته اصطدمت بتعنت الانقلابيين الذين لم يكتفوا برفضها، بل القوه في أقبيتهم المظلمة ، وتلك هي عادة المليشيات على مدى التاريخ يزعجها ويقض مضجعها صوت العقل والحكمة ، ولا تسمع إلا صوتها فقط ، وعادة ما يجرّها تعنتها هذا إلى قعر الهاوية السحيقة .

حين أتحدث عن "قحطان" فإنني أتحدث عن جرحنا الدامي جميعاً ، وعن صوتنا المخنوق، وعن ألمنا وحرقتنا كشعب ووطن ،  لكني ألحظ أن هذا الجرح له من الشموخ والعلو ما يجعله يتغلب على أحلام الكهنوت الجديد ، فصوت "قحطان" هادر لأنه حدثهم ونصحهم باسمنا جميعا ، واختطافه وتغييبه هو جريمة بحقنا كذلك ، وهذا الجرح الشامخ وضعهم في مواجهة مع شعب أدرك ويدرك كل يوم ومع كل جريمة وانتهاك أن لا مجال أبداً لنسلم رقابنا لمثل هؤلاء ، أو نقبلهم حاكمين أو متحكمين .

سلام ٌ على "قحطان" وهو شامخ في سجنه كما عهدناه خارجه ، وسنظل طلاباً في مدرسته التي فيها تعلمنا مبادى الحكمة ، ومتشابكات السياسة وأولويات المراحل ، وتباً لسجانيه الذين يعيشون عبيداً في سجون ذواتهم المظلمة ، وكل يوم يمرّ على هذا الجرح الشامخ تتجدد هممنا لايقاف تغول هذه النبتة الكهنوتية ، وتزداد قناعتنا أن هؤلاء الدمويون لايجيدون إلا نشر الفوضى والجراح في وطننا الذي كان يطمح ويعمل "قحطان" لتجنيبه ما حصل ويحصل منهم .