الخميس 21/نوفمبر/2024
عاجلعاجل

تحليل: هل يخرج اليمن من الحرب كدولة واحدة أم أشتات دول؟

تحليل: هل يخرج اليمن من الحرب كدولة واحدة أم أشتات دول؟

المجهر- أيكونوميست

نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا حول اليمن ومصيره، هل سيظل دولة واحدة، أم دولتين أم ستنتهي دولة؟ وهل سيظل اليمن موحدا؟

وقالت المجلة إن الدول المتشرذمة في الشرق الأوسط ليست أمرا نادرا، فكّر بالعراق وليبيا وفلسطين وسوريا، ولكن اليمن هو الأكثر انقساما منها، وأصبح بعد ثماني سنوات من الحرب، مجموعة من الفصائل. ووعد اتفاق وقف إطلاق النار بين السعودية والحوثيين بتحقيق الاستقرار والحفاظ، نظريا، على وحدة اليمن.

 ولكن اتفاق وقف إطلاق النار ساعد الحوثيين على تمكين سلطتهم في المنطقة الواقعة تحت سيطرتهم، وأضعف القوى المصطفة ضدهم.

وبعد قتال السعودية والإمارات بدون انتصار، يبدو الحوثيون أنهم على حافة الانتصار في السلام. وهناك في اليمن تسع فصائل مختلفة تتنافس على السلطة، مجلس القيادة الرئاسي الذي أنشأته السعودية العام الماضي لكي يكون الحكومة اليمنية الشرعية. ووعد السعوديون الذي يمولونه بـ1.2 مليار دولار للحفاظ عليه. ويزعم مجلس القيادة الرئاسي أنه يسيطر على كل اليمن، لكن بصماته هي الأقل في البلد من بين كل الفصائل التي تحاول السيطرة على اليمن. وهو مقيّد في الجناح الرئاسي بالمدينة الثانية لليمن، عدن. ويعيش معظم أعضائه في فندق ريتز كارلتون، حيث احتجز ولي العهد السعودي أمراء ورجال أعمال في قفص من الذهب لكي يحيّدهم ويبعدهم عن منافسته. وعادة ما يختلف أعضاء المجلس الثمانية فيما بينهم.

وبعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في 2014، حشدت السعودية والإمارات مزيجا من التحالف داخل اليمن للرد. ولكن القوتين الكبيرتين في شبه الجزيرة العربية اختلفتا في الفترة الأخيرة، مما أدى إلى انهيار التحالف في اليمن.

وتدعم الإمارات جماعة انفصالية تدعى “المجلس الانتقالي الجنوبي” بقيادة عيدروس الزبيدي، الجنرال السابق، مع أنه عضو في المجلس المدعوم سعوديا.

ويغذي التنافس المشاحناتِ اليمنية، فالجنوبيون تحت قيادة الزبيدي يرفعون علمهم على مناطق كانت مرة دولة منفصلة، عُرفت بجمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية قبل أن تتحد مع الشمال في 1990. وربما كانت الإمارات تحت قيادة زعيمها، الشيخ محمد بن زايد، تركز نظرها على الموانئ وآبار النفط، ولا تزال تدعم الزبيدي عسكريا ولديها قواعد عسكرية في مناطقه، مع أنها سحبت قواتها عام 2019.

ويحاول السعوديون اليوم إحباط الجهود الإماراتية من خلال إثارة الطموحات المحلية للمقاطعات اليمنية القديمة والقبائل ضد دولة الزبيدي الانفصالية المحتملة. ويأملون برسم ممر شمال- جنوب إلى المحيط الهندي. ففي الأسابيع الماضية دعمت السعودية تشكيل “المجلس الوطني” في حضرموت، و”تحالف القبائل” في شبوة التي تبعد 500 كيلومتر عن مقر الزبيدي في عدن.

وخرجت التوترات للعلن وتحولت إلى عنف. فقد اشتبكت ميليشيات موالية لمجلس حضرموت في سيؤون مع محتجين موالين للزبيدي. وكلا الطرفين يحاول السيطرة على مدينة المُكلا، وهي ميناء آخر في الجنوب. وهناك مناطق أخرى من اليمن مهددة بالانفصال، فجيوب القاعدة تلوح في المناطق البعيدة عن حضرموت. وكذا مأرب وتعز المرتبطتان بحزب الإصلاح، القريب من حركة الإخوان المسلمين.

ونظرا لخوفها من خسارة اليمن لصالح جاراتها الدول الخليجية الثرية، ربما كانت عُمان تأمل بأن تضع محافظة المهرة اليمنية تحت سيطرتها.

ويعتبر التشرذم في اليمن هبة من السماء للحوثيين. فقبل 20 عاما، كانوا عصابة مهلهلة، وفرعا من الشيعة يختفون في الجبال والمغاور من السلطة في صنعاء. واليوم يهيمنون على البلد، ويحصلون على الأسلحة والتدريب من إيران ووكيلها اللبناني، حزب الله، وتمسكوا بصنعاء ومناطق الشمال حتى ميناء الحديدة، رغم سنوات من الهجمات المضادة التي شنها التحالف بقيادة السعودية. وردّوا على القصف الدولي بإطلاق الصواريخ والمسيرات على السعودية والإمارات.

وفي آذار/ مارس، أجبر الحوثيون ولي العهد السعودي على الدعوة إلى وقف إطلاق النار. وحاول السعوديون، منذ ذلك الوقت كسب الحوثيين في الداخل، فقد رفعوا الحصار عن الحديدة، وسمحوا للطيران باستخدام مطار صنعاء، وأرسلوا وفودا للتفاوض مع الحوثيين بدون التشاور مع مجلس القيادة الرئاسي. كما سمحوا للقيادة الحوثية بالسفر وأداء الحج في مكة، بل واقترحوا دفع رواتب إدارة الحوثيين.

كما اقترح بعض مستشاري ولي العهد السعودي، عقد تحالف كامل مع الحوثيين، في أعقاب التقارب السعودي- الإيراني في آذار/ مارس.

ولكن وقف إطلاق النار جرّأ الحوثيين ضد السعودية، فقد احتفلوا بانتصار أفقر دولة عربية ضد الأغنى ويطالبون بالتعويضات.

وفي خطبه، يصوّر زعيم الجماعة عبد المالك الحوثي نفسه بأنه الإمام الحقيقي للأمة الإسلامية، بسبب نسبه إلى النبي محمد. ويحلم بعض الحوثيين باحتلال مكة والمدينة واستعادتهما كجزء من اليمن. وعندما وصل الوفد السعودي إلى صنعاء في نيسان/ أبريل، تم الاستهزاء بهم كمعتدين لا صناع سلام. ويعلق المفاوض اليمني السابق عبد الغني الأرياني بالقول: “لقد قبل السعوديون بمعظم مطالب الحوثيين السخيفة بدون مقابل”.

ومنذ اتفاق وقف إطلاق النار، عزز الحوثيون أيديولوجيتهم في مناطقهم، ومنعوا التعامل بالفائدة البنكية، وحاولوا مد تأثيرهم لمناطق أخرى. فبعد رفع السعوديين الحصار عن الحديدة، هاجم الحوثيون عدن، وأعلنوا مقاطعة كل البضائع المستوردة عبر ميناء الجنوب. وفي نهاية العام الماضي، هاجموا منشآت النفط في الجنوب، وحشدوا في الفترة الأخيرة قواتهم حول مدينة تعز التي تعتبر مقر الحكومة المعترف بها دوليا وكانت قاعدة صناعية في البلد.

وأثّرت هجمات الحوثيين على النفط في الجنوب، وتراجعت موارد الجمارك، مما حرم الحكومة من القاعدة الاقتصادية. فقيمة الريال اليمني هي ثلث قيمته في المناطق التي يتحكم بها الحوثيون في الشمال. ويرى علي البخيتي، المتحدث السابق باسم الحوثيين والذي يعيش في بريطانيا، أن اليمن قد يظهر من الحرب كدولة واحدة “في نهاية اليوم سيبتلع الحوثيون اليمن كله”.