يواجه العام الدراسي الجديد في اليمن تهديدًا مبكرًا بالشلل، بعد إعلان نقابات التعليم في عدن وحضرموت الإضراب الشامل ورفضها التقويم الدراسي الصادر عن وزارة التربية والتعليم، والذي حدد موعد بدء الدراسة في 31 أغسطس، مطالبة بإنصاف المعلمين وتحسين أوضاعهم المعيشية قبل العودة للفصول الدراسية.
وأكدت النقابات أن قرار الوزارة "أحادي ومعزول عن واقع الميدان"، ولا يعكس حجم المعاناة التي يواجهها الكادر التعليمي في ظل انهيار اقتصادي غير مسبوق. وأوضحت أن الإضراب يأتي دفاعًا عن الحقوق المشروعة للمعلمين الذين لم تعد أجورهم تواكب الارتفاع الحاد في الأسعار وانهيار العملة المحلية.
وقال محمد الشيخ، نقيب المعلمين في عدن، إن الحكومة لم تُبدِ أي جدية في فتح حوار مع النقابة، وإن تجاهل المطالب المشروعة دفعهم إلى خيار الإضراب، محذرًا من أي محاولات لكسر وحدة الصف النقابي أو تمرير العام الدراسي على حساب حقوق الكوادر التربوية.
وفي حضرموت، طالبت نقابة المعلمين والتربويين بإجراءات استثنائية لمعالجة أجور المعلمين بما يتناسب مع الواقع المعيشي، محذّرة من أن صبر الكادر التربوي "بلغ حدوده". ووصفت استمرار تجاهل المطالب بأنه "طعنة في ظهر القطاع التربوي".
ويأتي هذا التصعيد بعد عام دراسي سابق شهد اضطرابات متكررة وإغلاقًا مبكرًا للمدارس، اضطرت معه الوزارة إلى إجراء اختبارات للطلاب بناءً على نصف المنهج فقط، وهو ما أثار استياءً واسعًا لدى الطلاب وأولياء الأمور.
من جهتها، تواجه الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا أزمة مالية حادة نتيجة توقف صادرات النفط إثر هجمات الحوثيين على موانئ التصدير.
ووفق مصادر مالية رسمية، فإن الوضع الحالي لا يسمح بتلبية مطالب المعلمين، محذرة من أن الاستجابة للضغوط قد تفتح الباب لمطالب مماثلة من بقية موظفي الدولة، ما ينذر بأزمة مالية أوسع. ورغم ذلك، يبدي الشارع حالة من الانقسام بين التعاطف مع حقوق المعلمين والتذمر من استمرار تعطيل العملية التعليمية.
وقال المواطن عادل، وهو موظف حكومي، إن الفجوة التعليمية تتسع يومًا بعد يوم، حيث يستمر أبناء الميسورين في التعليم عبر المدارس الخاصة، بينما يواجه أبناء الفقراء أبوابًا مغلقة في المدارس الحكومية، متسائلًا: "إلى متى سيظل هذا الوضع بلا حلول؟".
في المقابل، لا تُخفي الحكومة تفهمها لمشروعية المطالب، لكنها أبدت استغرابها من إصرار النقابات على إغلاق المدارس بشكل شامل، مشيرة إلى أن المعلمين في مناطق سيطرتها يتقاضون رواتبهم بانتظام منذ تسع سنوات، على عكس زملائهم في مناطق سيطرة الحوثيين، الذين يُجبرون على التدريس دون مرتبات، "دون أن تتجرأ نقابة هناك على الدعوة للإضراب"، بحسب تعبير مسؤول حكومي.
ويُهدد هذا التصعيد، ما لم يتم التوصل إلى تفاهمات عاجلة، بتأجيل العام الدراسي مجددًا، وإبقاء مستقبل مئات الآلاف من الطلاب معلّقًا في مهب الأزمات المالية والسياسية المستمرة في البلاد.
تابع المجهر نت على X