المجهر- متابعة خاصة
أعلنت السعودية وإيران والصين في بيان ثلاثي مشترك اليوم الجمعة، الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران، والاتفاق على اجتماع وزيري الخارجية في البلدين لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء، ومناقشة تعزيز العلاقات بينهما، وتأكيد البلدين على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
ونص البيان على أنه استجابةً لمبادرة كريمة من الرئيس شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية بدعم الصين لتطوير علاقات حسن الجوار بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبناءً على الاتفاق بين الرئيس شي جين بينغ وكل من قيادتي المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، بأن تقوم جمهورية الصين الشعبية باستضافة ورعاية المباحثات بين السعودية، وجمهورية إيران، ورغبة منهما في حل الخلافات بينهما من خلال الحوار والدبلوماسية في إطار الروابط الأخوية التي تجمع بينهما.
وأضاف بأنه التزاماً من قبل الطرفين بمبادئ ومقاصد ميثاقي الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، والمواثيق والأعراف الدولية، فقد جرت في الفترة من 6 - 10 مارس 2023 في بكين، مباحثات بين وفدي السعودية وإيران برئاسة الدكتور مساعد بن محمد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني في المملكة العربية السعودية، والأدميرال علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وقد أعرب الجانبان السعودي والإيراني عن تقديرهما وشكرهما لجمهورية العراق وسلطنة عمان لاستضافتهما جولات الحوار التي جرت بين الجانبين خلال عامي 2021 - 2022، كما أعرب الجانبان عن تقديرهما وشكرهما لقيادة وحكومة جمهورية الصين الشعبية على استضافة المباحثات ورعايتها وجهود إنجاحها.
وتعلن الدول الثلاث أنه تم توصل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران، ويتضمن تأكيدهما على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، واتفقا أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعاً لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما، كما اتفقا على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقعة في العام 2001 والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة عام 1998.
وأعربت كل من الدول الثلاث عن حرصها على بذل كافة الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي.
وفي الوقت ذاته، أثارت تقارير المحادثات المباشرة بين المملكة العربية السعودية والمتمردين الحوثيين في اليمن الآمال في تحقيق اختراق دبلوماسي نحو إنهاء الحرب المدمرة التي استمرت لأكثر من ثمانية أعوام في البلاد، خصوصًا بعد أشهر من الهدوء النسبي على الأرض، والتي صمدت بعد الهدنة الرسمية التي انتهت في أكتوبر من العام الماضي 2022.
وأفادت وسائل إعلام مقربة من الحوثيين في يناير الماضي أن السفير السعودي محمد الجابر زار العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون لإجراء مفاوضات مباشرة مع قيادة الحوثيين بشأن إحياء وقف إطلاق النار المتعثر وإيجاد حل سياسي للحرب.
وتحدث مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانز غروندبرغ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في منتصف يناير أنه خلال المناقشات مع أصحاب المصلحة، رأى "خطوة محتملة للتغيير" في مسار الحرب. كما أشار وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود إلى إحراز تقدم في جهود الوساطة.
وتشير هذه التقارير إلى اختراق نحو السلام بفضل الجهود الدبلوماسية جنبًا إلى جنب مع شهور من الهدوء النسبي على طول الخطوط الأمامية في اليمن.
وعندما انتهت الهدنة في 2 أكتوبر، دخل اليمن في حالة "لا حرب ولا سلام" مدعومة من جميع الأطراف. في الوقت نفسه، ساد سلام نسبي لفترة ليست قصيرة، على الرغم من الانتهاكات الطفيفة التي تم حلها بسرعة.
هذه "اللاهدنة"، وهي منطقة رمادية لم تشهدها اليمن منذ بداية الحرب، أشارت للمجتمع الدولي أن جميع الأطراف تريد التوصل إلى تسوية سياسية لإنهاء الصراع في اليمن. وقد أدى ذلك إلى الضغط على الحكومة اليمنية وقيادة التحالف الذي تقوده السعودية للدخول في مفاوضات لإنهاء الحرب.
وبدأت المحادثات بين السعودية والحوثيين في 12 أكتوبر الماضي، عندما زار وفد سعودي صنعاء، ظاهريًا للتفاوض على تبادل الأسرى. سرعان ما اكتسبت المحادثات بوساطة عُمانية زخمًا، وبعد ثلاثة أشهر من النشاط الدبلوماسي المكثف، ظهرت تقارير تشير إلى أن صفقة سياسية قد تكون في الأفق، وبحسب ما ورد تضمنت القضايا المطروحة على الطاولة فتح الطرق وتخفيف الحصار عن ميناء الحديدة والفتح الكامل لمطار صنعاء وإنشاء منطقة منزوعة السلاح على الحدود السعودية اليمنية.
ومع ذلك، تُظهر المعلومات المسربة حول المحادثات أنهم غارقون في المناقشات حول قضايا هامشية مثل الهجمات على منشآت النفط، وتوزيع عائداته، ودفع رواتب موظفي الدولة المعلقة منذ فترة طويلة، وإنهاء الحصار على المطارات والموانئ. في حين أن هذه القضايا مهمة، إلا أنها كلها عواقب للحرب، وليست القضايا الجوهرية التي تسببت فيها.
وهذا يشير إلى أن كل جانب منخرط في هذه المحادثات كمناورة سياسية لخدمة مصالحه الخاصة، حيث يبدو أن السعودية تجري مفاوضات مباشرة مع الحوثيين لامتصاص الضغط الدولي الذي تواجهه لإنهاء الحرب. قد تتيح المحادثات لها أيضاً فرصة لكسب الحوثيين وفصلهم عن خصمهم الإيراني اللدود. علاوة على ذلك، تسمح المحادثات الجارية بالإبقاء على حالة "عدم الهدنة".
من جانبهم، تمثل المحادثات فرصة للحوثيين لاكتساب الشرعية السياسية الدولية كطرف يمني في مفاوضات مع لاعب أجنبي رئيسي، مع فائدة إضافية تتمثل في تقويض الثقة بين الحكومة المعترف بها دولياً وداعمها الرئيسي.
وعلى المستوى العملي، يمكن للمحادثات أن تمنح الحوثيين انتصارات في قضايا مثل دفع الرواتب والحصول على حصة من عائدات النفط دون إجبارهم على تقديم تنازلات كبيرة. كما أنهم يكسبون الوقت لإعادة التجمع وتعزيز سيطرتهم على المناطق التي يسيطرون عليها، مع التنصل من مسؤولياتهم في تقديم الخدمات وفتح الطرق أمام المدن المحاصرة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه ليست الجولة الأولى من المحادثات المباشرة بين الحوثيين والسعودية. ففي عام 2016 أدت المفاوضات إلى تبادل الأسرى وتسليم الحوثيين خريطة لحقول الألغام قبل انهيار المحادثات مرة أخرى.
وفي عام 2019، أجرى الجانبان محادثات سرية تهدف إلى وقف التصعيد، لكنها لم تسفر عن أكثر من مناورة سياسية لكسب الوقت لإعادة التجمع.