السبت 11/يناير/2025
عاجلعاجل

الخرائط الداخلية بدول المنطقة تتحرك واليمن جامدة بفرمان صلب

‏كل الخرائط الداخلية تتحرك في دول عديدة في المنطقة كسورية ولبنان والسودان وربما ليبيا. إلا في اليمن فهي جامدة بفرمان صلب. 

 

‏الشرعية تنتظر منحة مالية سعودية وجهودها تغور في مناكفات التغيير الحكومي او تمكين الفصائل الجنوبية من المناصب والمؤسسات والحوثي ينتظر خارطة طريق سعودية ويفتك بالقرى والمدن اليمنية على طريقة ما يدعي انه يحاربهم اي إسرائيل. ما يفعله الحوثيون في قرى البيضاء وضواحي صنعاء هو التطبيق الحرفي لما يدينوه ليل نهار في غزة. 

 

‏إقليمياً، الملف اليمني يموت سياسياً وينتقل من الدُرج السياسي إلى الدُرج الاستخباراتي؛ هذا الدرج يعمل بوضعية الصامت. دولياً، ينتقل الملف اليمني من تأثير القوى الغربية إلى الادارة الصينية التي استطاعت تجميد الصراع دون ضجيج.

 

‏دور الأمم المتحدة في أدنى مستويات التأثير والحركية. يحتفي المبعوث بانه زار صنعاء بعد ان حُرِم منها لسنوات. وقد تكون هذه الزيارة هي زيارة توديع للملف اليمني لأن الحوثي حرص على إهانته بأن قدم له شخصا فرضت عليه عقوبات على طائلة انتهاك حقوق الإنسان.  

 

‏الامم المتحدة ومن يمثلها اي مكتب المبعوث تسير بلا هدى ولا بروتوكول واضح بحجة البرغماتية والحرص على التواصل فتهين مواثيق وروح الامم المتحدة.

 

‏التفاهمات الإقليمية الخاصة باليمن هي برعاية صينية وليست برعاية أمريكية. وصول ترامب يعني إرباك هذه التفاهمات نكاية وليست لصالح اليمنيين. ستعطى الأولوية للإمارات في عهد ترامب وعندها سيزداد الملف اليمني تعقيدات بسبب الخلافات بين الحلفاء الاقليميين. 

 

‏على ضوء هذه المعطيات التي اراها امامي وان كانت جزء من الصورة بطبيعة الحال فاني أتوقع قادم الايام على النحو التالي: 

 

‏إذا استؤنفت المعارك في اليمن ستكون برعاية وإشراف إماراتيين وهذا يعني على حساب الخيارات السعودية. عندها ينبغي على السعودية المقيدة بتفاهمات مع ايران رفض الحرب او ستكون حروب عبثية بلا طائل سوى المزيد من الخراب والدمار. حرب بنتائج عكسية لغياب التفاهمات الاولية ومحدودية دور الاطراف اليمنية في صناعة المتغيرات. 

 

‏توقعَ الحوثي أنه بقبوله صيغة تشطير اليمن مع استثمار مطار صنعاء ومينائي الصليف والحديدة وخنق الشرعية اقتصادياً قادر على ان يعيد ترتيب نفسه ليكون الوريث الشرعي للدولة اليمينة. سيتسلمها عبر خارطة طريق سعودية. اخطأ في الحسابات. حتى ما يسيطر عليه في الشمال عرضة للانقسام.

 

‏الآن ميناء الحديدة في حكم الخارب على يد إسرائيل. الحكومة في عدن وبسبب قصف الحوثي المنشآت النفطية غير قادرة على تصدير النفط. الجميع بلا إيرادات. وبهذا يتحول الحوثي والشرعية إلى مقام القابع تحت رحمة العطاءات الخارجية. 

 

‏الطرف الاقليمي الذي لديه ضوء اخضر بقصف اليمن هو إسرائيل وستفعل حتى لو توصلت إلى هدنة مع حماس. هي بحاجة إلى توكيد تغلبها الاقليمي والضغط على ايران وإذلالها. لكنها بحاجة عملية إلى ارساء معادلة امن اقليمي لها اليد الطولى في تثبيته. 

 

‏سيطول التشطير وتفوت فرص إزاحة النفوذ الإيراني من اليمن. شرعية الحوثي الثورية والجهادية تتآكل بسبب الفقر والظلم والعنف. وشرعية الحكومة ستتآكل بسبب الفقر والتشرذم والتقاعس عن استعادة مؤسسات الدولة اليمنية. 

 

‏في ظل هذه المعادلة يغيب أمل استعادة الدولة في اليمن ومعه تغيب آمال العدالة الانتقالية والتعويض والجبر النفسي والمعنوي والمادي. عشر سنوات قادمة من التيه. 

 

‏حماسة بعض من يرغب في تكرار تجربة سوريا ستنتهي بعد اسابيع بعد ادراك تعقيدات الواقع المحلي والإقليمي. لا توجد قوة يمنية خارج سيطرة الاقليم. لا يوجد طرف يمني يملك قوت يومه. الجميع يعيش على قربة إنعاش خارجية. المؤسسات الإعلامية في الخارج هي بالفعل خارج السياق. 

 

‏وحدها الوفاة الطبيعية ستكون العامل الحاسم في تغيير خارطة القوى. الانتفاضات الشعبية محدودة الاثر لانها بلا سند ودورها انضاج حالة السخط الشعبي وتقويض الحاضنة الايديولوجية او الجهوية للأطراف اليمنية فقط. 

 

‏والانتقالي خلق لنفسه خصوم جنوبيين على شاكلته ما يجعل الهيمنة على الجنوب محالة. هذا الوضع ينذر باتساع خارطة الصراعات البينية لتدخل حضرموت والمهرة مرحلة كسر عظم. 

‏سيستمر بائعو وهم السلام في اليمن في بيع بضاعتهم حتى آخر لحظة. سيوزعون الامل والتفاءل ويزفون بشرى التفاؤل. ستستمر أعمال استصناع الكيانات والمناضلين والمناضلات وكتل جهوية ومظلوميات لا نهائية. وكلها خارج ميدان التأثير.