بلغ الحوثيون المرحلة الثالثة من أذان الخراب

إذا نظرنا للأمر من الخارج وخصوصًا الصورة العامة كما هي في الإعلام الدولي، فإن الحوثيين يمرون كجماعة بمراحل مماثلة لتلك التي مرت بها دا عش.

 

أولاً، يبدأ الإعلام ومعه دوائر صنع القرار ومراكز الدراسات بذكر الجماعة بصورة عامة وخاطفة دون الخوض في التفاصيل، وتجاهل حقيقة الخطر الموجه تجاه السكان، والتغاضي عن طابعها التدميري للنسيج الاجتماعي والتعايش المذهبي، ودورها في تفتيت السلطة وكيان الدولة الوطنية. تنمو الجماعة وتفتك بمحيطها المحلي، وتهيمن عليها سردية التمكين الإلهي.

 

ثانيًا، يتم تضخيمها والتهويل لها والنفخ فيها بصورة ملتبسة، فلا تدري هل الأخبار الواردة تمدح أم تقدح. تكون مجرد بند في ملف المتابعة مع إجراءات متذبذبة. يتطاول فعل الجماعة وتظن أنه لن يقدر عليه أحد. تفاخر بقدرتها وتوسع عملياتها، وتنخرط في أدوار إقليمية، وتحاول نهب القضايا العالقة والتعلق بأحلام الجماهير، وتقديم نفسها كمخلّص عابر للأوطان وتعبث بملفات حساسة في الامن الاقليمي والدولي.

 

تبقى الجماعة غامضة وصورتها غير واضحة، ومصادر قوتها مجهولة، مع الإشارة أكثر فأكثر إلى مخاطرها، وتعبئة الرأي العام، وحشد القدرات تدريجيًا. تكون قد أدت دورًا وظيفيًا خطيرًا في نسف المجتمع وتلغيم مستقبله، وترويع الذاكرة العامة، وفتح جراح انتقامية تعيق المستقبل والتعايش.

 

وفي المرحلة الثالثة، تبدأ عملية شيطنتها وإحالة كل الشرور عليها، وجعل محاربتها واجبًا أخلاقيًا ومن صميم الدفاع عن القيم الحضارية الغربية، ووقاية الديمقراطية، وسبيلًا للحفاظ على الخير والنعيم. تنهال عليها العقوبات والقيود الصارمة، وتُخلع عنها التسهيلات الإقليمية، فيتخلى عنها المساندون. يسبق هذا مغامرات الجماعة التي تكفي لتكوين رأي عام شعبي مقتنع بمحاربتها ودفع المليارات وتقبل الخسائر.

 

في هذه المرحلة، تكون الحرب جادة وفتاكة، ومشتملة على غطاء سياسي يفيض على أخطائها. تقع حرب طاحنة توظف فيها كل الإمكانيات الحربية، ويقع دمار كبير لا يأبه له أحد، فتمحى مدن ويطمر تاريخ ويهال التراب على حضارة. يخرج المجتمع من هذه الحرب مريضًا يحتاج إلى عقود ليتعافى إذا توفرت له الموارد.

 

أما النبع الإيديولوجي للجماعة، فلا يمسه أحد لأن هذه مشكلة محلية وتحد حضاري وطني.

 

أعتقد أن الجماعة الحوثية وصلت إلى المرحلة الثالثة وقادت نفسها إلى مصير محتوم، وأن الحرب عليها جادة محليا ودولياً ويكفي ان تتصدر دولة واحدة للحرب طالما وقد نضجت كل الظروف المحلية وتراكمت الأحقاد وتقطعت سبل التواصل والسلام، ولم يعد من الممكن تفادي الخراب الذي سيحصل. مؤشرات جدية للحرب كثيرة، ودوافعها متعددة. لقد تغيرت طريقة حديث الشرعية، وخرجت من جلباب مراضاة القوى المتعددة إقليميًا ودوليًا، وأصبحت الأولوية للخلاص.