ترامب يفاوض خامنئي صراع أوراق الضغط مع الدهاء

اتفق ترامب مع خامنئي على التفاوض في سلطنة عمان، يوم السبت ١٣ ابريل.

ترامب، قد ألف كتابا Art Of The Deal يشرح فيها كيف تدوخ بخصمك أثناء التفاوض وتفوز عليه.

 

خامنئي، معه سجل انتصارات كبير في التفاوض باستعمال العناد والصبر الاستراتيجي وعدم الاستعجال وتغيير المعادلات وانتظار نفذ صبر الخصم.

 

خامنئي، لم يكن يرغب على الإطلاق بالتفاوض مع ترامب بالذات، لأنه قاتل قاسم سليماني، ولأنه يركع إيران اقتصاديا بالضغط الأقصى، ولأنه يهدد إيران ويستعمل ألفاظا مهينة.

 

ترامب، أجبر خامنئي بأوراق الضغط وحشد الأساطيل بأن يوافق غصبا عنه على التفاوض.

 

سوف نبحث في أمر التفاوض والمفاوضين.

ثم ننتقل لتخيل احتمالات نتائج المفاوضات.

 

**

أولا: الدهاء وحده لا يكفي في التفاوض

**

 

سألوا دبلوماسيا رفيع المستوى من أوروبا الشرقية له تجارب في التفاوض مع الروس، فقال:

"إنهم لا يتراجعون"

"المفاوضون الروس، دائما يتصلبوا، ويتحلون بدهاء ومكر الأوغاد (الزنوات) tough cunning bastards.”

"إنهم يغرقونك بالتفاصيل شهرا بعد شهر بعد شهر، حتى يتم إنهاكك حتى تنسى كل ما لك وكل ما عليك وتضيع ولا تدري ما يجب أن تترك أو تأخذ."

"إنهم يكذبون ويخادعون ويلطشون منك أي مكسب أو ميزة على طول الخط."

(المصدر: مجلة بوليتيكو).

 

نفس الشيئ يمكن أن نقوله عن الدهاء والمكر في هذه الاتفاقات:

*

الدهاة المكارون الإسرائيليون… ومافعله مناحيم بيجن بالرئيس المصري أنور السادات في اتفاق كامب داڤيد.

 

الدهاة المكارون الإسرائيليون… وما فعله شمعون بيريز بالرئيس الفلسطيني في اتفاق أوسلو.

 

الدهاة المكارون الإيرانيون… وما فعله جواد ظريف بوزير خارجية أمريكا چون كيري في اتفاق چينيف النووي.

 

الدهاة المكارون الحوثيون… وما فعلوه بوفد الرئيس هادي في اتفاق ستوكهولم.

 

الدهاة المكارون الحوثيون… وما فعلوه بالسعودية في اتفاق خارطة الطريق.

 

**

ثانيا: الدهاء والمكر لا يكفي

**

 

ما الذي يمكن المفاوض من الانتصار على خصمه:

١- أوراق الضغط

٢- نقاط ضعف الخصم

٣- مكر ودهاء المفاوض

٤- عدم ذكاء الخصم

٥- استعجال الخصم

 

نحن نعتقد أنها كل هذه النقاط مجتمعة.

لا يجب أن تفاوض بدون أوراق ضغط وبدون مفاوضين دهاة ومكارين، ولا يجب أن تكون مستعجلا للوصول لأي اتفاق، ويجب أن تستغل نقاط ضعف الخصم.

 

أهمية دور المفاوض الداهية المكار، مبالغ فيه بعض الشيئ.

الداهية، يتفاخر ويكتسب الشهرة والسمعة بالانتصار ويتم التغافل عن أن المنتصر الحقيقي إنما هو أوراق ضغط المنتصر.

 

**

ثالثا: ترامب ينتصر قبل أول اجتماع

**

 

ترامب، قد انتصر فعلا على خامنئي قبل الجلوس على طاولة المفاوضات، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.

 

١- حشد ترامب الأساطيل الجوية والبحرية وأحضر الطائرات القاذفات العملاقة، وقال لخامنئي:

"إما تفاوضني وإما أضربك"

… وفضل خامنئي التفاوض.

 

لا أحد يمكن أن ينتصر بالتفاوض بعد أن تم تخويفه وإحضاره إلى الطاولة غصبا عنه.

 

٢- فرض ترامب على خامنئي شرطا حديا مطلقا ultimatum قبل التفاوض.

"أمامك فقط شهرين للتفاوض."

 

وهكذا حرم ترامب خصمه خامنئي من ممارسة الدهاء والمكر.

فقد خامنئي فرصة استعمال تكتيك إغراق المفاوض الأمريكي بالتفاصيل، والمماطلات، وكسب الوقت.

خسر خامنئي التمني بأن يفقد ترامب اهتمامه وتركيزه، أو ينشغل بصراع آخر أكبر، أو باحتمال تغير المعادلات، أو ظهور الفرص لإضعاف أوراق ضغط ترامب، أو مفاجأة من أي هدية لا تخطر على البال.

 

**

رابعا: أهداف ترامب من الانتصار على خامنئي

**

 

ترامب، لن يسمح لخامنئي بالإفلات من قبضته.

 

الانتصار الأمريكي على إيران، هدف ممتاز في حد ذاته لأنها أضعف بكثير، ومن غير المتوقع أن تكون الحرب معها طويلة إذا نشبت، وسمعة إيران في المنطقة بين جيرانها كريهة، وسوف تدفع دول النفط تكاليف الصراع.

 

هناك الأهداف الثلاثة الواضحة المعلنة:

إنهاء كامل للمشروع النووي- عدم امتلاك صواريخ باليستية- قطع العلاقة مع الحوثيين وأشباههم.

 

ولكن الجوائز الأخرى التي بانتظار ترامب، هي أكبر بكثير:

 

١- تمهيد الطريق لعقد اتفاق سلام بين اسرائيل والسعودية.

٢- دفن القضية الفلسطينية بحلول كرتونية تناسب اسرائيل.

٣- امتلاك أمريكا للنفوذ الحصري في الشرق الأوسط والانتفاع بالنفط والغاز والأسواق والمزايا الجيو-سياسية في صراعها مع الصين وروسيا بدون الحاجة لاستخدام القوة.

 

**

خامسا: ماذا ستفعل إيران

**

 

قد فقد الإيرانيون وكلائهم في المنطقة، وفقدوا ميزة الحرب اللامتوازية، وفقدوا الصبر الاستراتيجي، وفقدوا الاعتماد على النفس بسبب الضغط الاقتصادي وانهيار العملة، ولا يوجد معهم حلفاء، وسمعتهم رديئة في المنطقة.

ومهلة ترامب بإنهاء المفاوضات خلال شهرين، تزيد من آلام المفاوض الإيراني وتلقى ملح الإهانة على الجرح بجانب الحرمان من المناورة.

 

لا يهم إن كانت المهلة تبدأ منذ استلام رسالة تهديد ترامب أو من يوم عقد أول جلسة مفاوضات.

 

سوف نراقب من سوف يشفق على إيران وهي في هذا الوضع المزري على طاولة المفاوضات.

 

وسوف نراقب احتمال إضافة إحباط خامنئي إلى غضب المتشددين الإيرانيين الواضح من التفاوض مع ترامب قاتل قاسم سليماني، وينسحبوا من المفاوضات وتبدأ حرب أمريكا مع إيران.

 

**

سادسا: كلام مع اليمنيين

**

 

بما أننا يمنيون، ونقحم وضع اليمن في كل حدث كل يوم، فسوف نشير للآتي:

 

١- الحوثيون

*

لا توجد فرصة للحوثيين بالبقاء تحت ضربات ترامب الحالية وفي ظل انحسار المد الإيراني، مهما تغيرت المعادلات الجارية.

 

٢- الروح المعنوية

*

يجب ألا تتحسس مكونات الشرعية اليمنية المعادية للحوثي من كشف نقاط ضعفها، ولا أن تعتبرها هجوما عليها.

يجب أن تبحث الشرعية بجدية مع نفسها أولا: هل هي نقاط ضعف فعلا؟ أم لا؟

 

كشف الضعف، لا يضعف الروح المعنوية.

التغطية على نقاط الضعف والتبرير لها، هو الذي يحطم الروح المعنوية.

 

٣- قيادات الشرعية

*

يجب على قيادات الشرعية ألا تطلب التفهم لضعفها أو تلتمس الأعذار من الناس للقبول بعجزها.

 

الناس، يفهمون كل جوانب ضعف الشرعية.

الناس، ليس عليهم تفهم الضعف للقيادات.

الناس، لا يتوقعون من قياداتهم التماس الأعذار

… بل يطلبون منهم العمل للتخلص من الضعف واكتساب القوة، وبعدها القدرة على اتخاذ القرار.

 

٤- دعم الشرعية

*

نحن نتمنى أن نستطيع أن نساعد قيادات الشرعية اليمنية.

واليمنيون- كلهم- مستعدون للبذل والتضحية والفداء.

 

ولكن على قيادات الشرعية أن يساعدوا انفسهم، أولا وقبل كل شيئ.