‏هل ما يزال الحل يمنياً- يمنياً؟

في السنوات الأولى من الحرب في اليمن كان يجري تصوير الأمور بطريقة اختزالية مفادها أن إبعاد الأطراف الاقليمية -السعودية تحديداً- كفيل بجلب السلام إلى اليمن وأن اليميين لديهم مخزون ثقافي من التقارب والقدرة على التصالح ارتكازا إلى عادات قبلية. كنت أحاجج لان العادات القبلية لها سقف محدود لا يصل إلى الخصومات السياسية بل انها تقود إلى ترحيل المشاكل لا إلى الفصل فيها. 

 

‏مقولة "يجب أن يكون الحل يمنيًا - يمنيًا"، وهي مقولة كانت تكررها النخب الخارجية التي ترى اليمن من عليائها، لم تعد صالحة للاستخدام في الوقت الراهن. كانت، في أحسن الأحوال، طريقة لتقليل شأن التعقيدات الإقليمية في الملف اليمني، أو وسيلة لحرمان مناهضي الحوثي من أي سند خارجي.

 

‏غير أن الحوثي نفسه دفع بهذه المعادلة إلى فقدان فعاليتها، حين استجلب خصومات دولية، وأدخل أطرافًا جديدة إلى المشهد، ما أضاف طبقات أخرى إلى تعقيدات الأزمة اليمنية.

‏على الحوثي اليوم أن يسوّي مشاكله مع الولايات المتحدة، ومن خلفها إسرائيل — وربما توفر له تسويات الملف النووي الإيراني حلًا جزئيًا، لكن هذا يجعله مرتهنًا لسياسات طهران. ومع ذلك، فالأمر لا يقف هنا؛ فتهديد الملاحة الدولية لن يمر دون تبعات.

 

‏ثم هناك ملف العلاقات مع السعودية ودول الخليج الأخرى. قد تبدو هذه المشكلة قابلة للحل إذا لجأ الحوثي إلى مزيج من التهديد والتنازلات، أو من الابتزاز والمرونة. إلا أن وهم التمكين يحول دون ذلك، إضافة إلى نزعة التفوق، أو "الفوقية المضادة"، التي تمنعه من مقاربة الحلول. فالحوثيون يتعالون على عموم اليمنيين، ويزدَرنون خصومهم المحليين. وهذا التعالي له جذور طبقية، مذهبية، وجهوية، يصدّرونه كذلك إلى الجوار.

 

‏لكن الحوثي تجاهل أيضًا أنه خلق أزمة مع دول البحر الأحمر، وعلى رأسها مصر. معاقبة مائة مليون مصري وأكثر ليست مسألة هينة، ولن تُنسى بسهولة.

 

‏في النهاية، وبعد تسويات هذه المشاكل، قد يعود الحل ليكون "يمنيًا - يمنيًا". 

‏كان يمكن أن يبدأ كذلك، أو على الأقل أن يبقى ضمن هذا الإطار في هذا الوقت، في ما لو ان الشرعية بادرت إلى تقويض التهديدات الحوثية بمستوياتها المحلية والإقليمية والدولية. أما في ظل غياب ذلك، فإن مسارات الحل ستبقى معقدة، وقد تقود إلى دمار اليمن.