عن الصور والناس .

كانت بعض الجاهليات العربية تعبد صور الأشخاص بعد أن ترسم صورهم على هيئة أصنام مصنوعة من التمر الفاخر المجفف المعجون بالعسل المصفى وأغلى أنواع البهارات العطرية.

 

وعند أول ( قرصة) جوع يأكلونهم دون أي اعتبار أو احترام للمعبود، ينتهي التزلف والخشوع حد البكاء ويبدأ الالتهام والأكل والتذوق.

 

ذلك أن تعظيم الصور والأصنام فكرة خاطئة وضد الفطرة ومناهضة لاستقرار الحياة. وقد تكون هذه الصور التي ترفع كأصنام بمناسبة وبدون مناسبة لا ذنب لها ولا إرادة خاصة، عندما ترفع في المكان الخطأ لتكون عبارة عن صورة تعكس هشاشة الرافع والمرفوع.

 

القضية ليست أشخاص ولا صور، القضية قضية ثقافة تتعلق بقيمة الإنسان والإحساس بالكرامة والحرية لديه.

 

 الحرية الحقة تنبع من الإيمان الصادق، ومن أول بديهيات الحرية ونورها المبهج هو احترام الذات.

 

ولا معنى لاحترام الذات ما لم ينتج احترامًا للآخرين.

و بين احترام الذات واحترام الآخرين تستقيم الكرامة الإنسانية على قدميها ثابتة، فيعطى لكل حقه ومقامه دون تفريط بالواجبات او اضاعة للمسؤولية .

فما زاد على حده انقلب إلى ضده، هذا منطق الأشياء وحقائق التاريخ البعيد والقريب التي يتعامى عنها الكثير. فلا أحد يسمع للتاريخ ولا أحد ينصت للتجارب، حيث تبدو الأغلبية من العامة والنخبة في فترات الانحطاط الحضاري (طرشة) دون سمع ودون عقل.

 

هكذا تقول الشواهد التاريخية.

 

 البديل عن احترام الذات واحترام الآخر

 هو الأنانية والنفاق. 

وبين الأنانية والنفاق تسحق الكرامة وتداس الحريات بحوافر أصحابها أولاً قبل غيرهم، فينهض الخراب وتشتعل الأحقاد ويسود الفشل على حساب النجاح والحب والاعتدال.

 

لنرى بعدها كل شيء اعوج ومشوه، حتى وجوه الأصدقاء وعيون المها. فعندما تفسد القيم تفسد الذائقة وتضطرب المعايير.