الخميس 09/يناير/2025
عاجلعاجل

عامان منذ الانطلاقة.. كيف أصبح "المجهر" مرآة للواقع اليمني؟ (تفاصيل أكثر)

عامان منذ الانطلاقة.. كيف أصبح "المجهر" مرآة للواقع اليمني؟ (تفاصيل أكثر)

في بلد يعصف به الصراع وتتنازع فيه القوى على حساب الوطن والمواطن، ويغيب فيه صوت الحقيقة وسط ضجيج الانتهاكات والممارسات القمعية، في ظل أجواء مشحونة بالضبابية والارتباك الإعلامي، برز موقع "المجهر" الإخباري كأحد المصادر النادرة التي تحافظ على بوصلة الحقيقة في زمن يغلب فيه التعتيم والإنكار والتضليل؛ وغدا منبرًا إعلاميًا جريئًا لتناول القضايا المهمة والحقائق الغير قابلة للمساومة.

فمنذ لحظة تأسيسه، اختار الموقع أن يكون مرآة للمجتمع اليمني، لا يكتفي بنقل الأحداث بل ينقب في خباياها، ويكشف ما وراء الكواليس، معتمدًا في ذلك على سياسة تحريرية صارمة، تهدف إلى تقديم معلومة دقيقة وواقعية، ويتمتع بشفافية مطلقة بعيدًا عن أي تحيزات، كما رسم لنفسه مسارًا واضحًا، يرتكز على كشف انتهاكات جماعة الحوثي الإرهابية دون خوف أو تردد، إلى جانب تناوله القضايا الوطنية الحاسمة والملفات الشائكة التي تمس المجتمع اليمني بمختلف أطيافه.

 

مرآة للواقع

 

في ظل انقسام اليمن، واستمرار حرب جماعة الحوثيين الإرهابية، والصراع المتواصل في البلد، وجد "المجهر" الإخباري نفسه في موقع المسؤولية الكبيرة، مسلطًا الضوء على ما لا يُرَاه في الإعلام التقليدي، ولم يكتفِ بنقل الأخبار السطحية، بل يغوص في التفاصيل، فمن خلال تقاريره وتحقيقاته، أحدث "المجهر" صدىً واسعًا في تناوله للقضايا الحساسة، إلى جانب تغطيته المستمرة للأحداث.

يُثير موقع "المجهر" الإخباري تساؤلات عدة ويضع العديد من علامات الاستفهام حول كثير من الموضوعات الخاصة بالشأن المحلي، وارتباطاتها الإقليمية والدولية، ويعرض الأدلة التي تفضح الواقع المرير في مناطق سيطرة الحوثيين، بدءًا من القمع السياسي وتقييد حرية التعبير، وصولاً إلى الاستغلال السياسي والاقتصادي للمواطنين، ولعل أبرز ما يميز هذا الموقع بحسب كثيرين، هو قدرته على التوثيق والرصد في أماكن يصعب على غيره الوصول إليها، حيث يُظهر للقارئ اليمني والعربي صورة حقيقية عن ما يحدث بعيدًا عن التلاعب السياسي.

إلى جانب تركيزه على كشف انتهاكات الحوثيين، لا يغفل المجهر الإخباري عن قضية الفساد الذي يضرب المؤسسات الحكومية ويؤثر على حياة المواطنين في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية (معترف بها دوليًا)، إذ يولي الموقع أهمية كبيرة لمسألة الشفافية والمسائلة، وينشر تقارير مفصلة حول الفساد المالي والإداري في المؤسسات الرسمية، مُعَرِّيًا الفشل الحكومي في مواجهة التحديات الاقتصادية والإنسانية التي يعاني منها الشعب والبلد.

ويُعتبر "المجهر" محاربة الفساد لا تقل أهمية عن مواجهة جماعة الحوثي الإرهابية، فكلما زاد الفساد داخل هذه المؤسسات الحكومية، زادت معاناة المواطن اليمني وتفاقمت مشاكله اليومية؛ ومن هنا، يظل المجهر الصوت الذي يسلط الضوء على القضايا الحقيقية، التي تمس حياة المواطنين، من المشاكل الاقتصادية إلى الفساد الإداري، ليكون بذلك أحد المنابر التي تدافع عن حقوق اليمنيين البسطاء.

وفيما يتعلق بقضايا المجتمع، يظل المجهر ملتزمًا بتغطية الأحداث المعاشية والإنسانية، التي تؤثر على حياة المواطن بشكل مباشر، ويولي اهتمامًا خاصًا لقضايا التعليم، والصحة، واللاجئين، والنازحين، مع متابعة مستمرة لآثار الحرب على الأطفال والنساء، وتداعياتها على المجتمع المدني بشكل عام. 

كما لا يغفل عن قضايا التنمية والإعمار، مُؤكدًا ضرورة العودة إلى البناء والتطوير في مرحلة ما بعد الحرب، من خلال تسليط الضوء على المشاريع التنموية، التي يمكن أن تساهم في إعادة بناء الوطن، موضحًا أن الفساد الإداري والمالي والانقسامات السياسية قد أضعفت قدرة الحكومة اليمنية، على تحقيق التنمية المستدامة، لكن ذلك لا يعني أن المستقبل لا يحمل بارقة أمل، بل إن هناك دائمًا فرصًا للبناء على الأسس الصحيحة.

وفي هذا السياق، يقول عماد السقاف، أمين عام فرع نقابة الصحفيين في تعز: "في الذكرى الثانية لتأسيسه، يمتلك المجهر فريق من الصحفيين الشباب الذين استطاعوا نقل هموم وقضايا المجتمع بمهنية، وتميز بالدور الحيوي والهام الذي يقوم به برصد انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لسيطرة انقلاب جماعة الحوثيين، وكذلك المناطق الحكومية".

 

مراقبة أداء السلطات

 

عامان من الجهد المتواصل والتفاني في نقل الحقيقة بكل مهنية واحتراف، وتقديم الأخبار والتحليلات العميقة التي تعكس الواقع بموضوعية وحيادية؛ نجح موقع "المجهر" في كشف العديد من الخفايا والتجاوزات التي تمر دون محاسبة أو مسائلة.

في ديسمبر/ كانون الأول الماضي نشرنا تقريرًا بعنوان: "سلطة غائبة.. ما الذي تحقق في تعز بعد انقضاء نصف مدة المهلة الرئاسية؟" والذي تناول حالة الإحباط التي يعيشها سكان مدينة تعز، جراء تدهور الوضع الاقتصادي وغياب الخدمات، خاصة مع استمرار الحصار المفروض من قِبل الحوثيين، موضحًا أن الأمل -الذي حملته بعض الزيارات الحكومية الأخيرة، ورافقت إعلان رئيس مجلس القيادة، د. رشاد العليمي عن حزمة مشاريع خدمية بهدف تحسين الخدمات الأساسية وتطوير المشاريع التنموية في المحافظة-، قد تبدل إلى سخطًا شعبيًا.

واستعرض التقرير شهادات لمواطنين أكدوا أن التحركات الرسمية لا تزال قاصرة على حلول مؤقتة غير مستدامة، وأن السلطات ليست على قدر كافي من المسؤولية في توفير الخدمات الأساسية، التي تساهم في التخفيف من معاناة السكان، مؤكدين أن غياب الجدية في تنفيذ المشاريع المعلنة من قبل السلطات يُبقي المدينة في دائرة الأزمات.

وبحسب مراقبين فإنه من الملاحظ والجيد تناول مثل هذه الموضوعات وتسليط الضوء عليها، مؤكدين أن الأمر تحول عقب نشرنا التقرير، إلى حديث رأي عام خاصة في منصات التواصل الاجتماعي، وبالتالي كثفت السلطة المحلية من نزولها الميداني والإشراف على المشاريع الخدمية، مما يعكس تأثير الموقع في دفع الجهات المعنية للتحرك واتخاذ الإجراءات اللازمة.

 

مواد نوعية

 

لم يكتفِ موقع "المجهر"، بتغطية الأحداث اليومية أو سرد الوقائع المعتادة؛ بل تبنّى استراتيجية تعتمد على التقرير المعمق والتحقيق الصحفي، الذي يكشف خفايا الأحداث ويتتبع خيوط الفساد، ويوثق ما يحدث من اختلالات، ومن هم المتورطين وما هي المبررات والأهداف، ومن هم الضحايا المستهدفين؟.

في تحقيقات "المجهر"، التي تناولت ممارسات الحوثيين، تمكّن الموقع من إماطة اللثام عن ملفات حساسة، مثل شبكات التجنيد الحوثية التي استدرجت الشباب للقتال في روسيا، علمًا أن هذه المواد النوعية لم تكن مجرد معلومات، بل أدت إلى تحركات فعلية من قبل السلطات الرسمية التي حذرت من الانجرار خلف تلك الشبكات، وامتنع كثير من الشباب الذين كانوا على بعد خطوة من السفر، وهذا ما يعكس تأثير الموقع الكبير في دفع عجلة التغيير.

هكذا انفرد الموقع بتناول موضوع شبكة التجنيد الحوثية في تعز للذهاب إلى روسيا للمشاركة في الحرب الروسية الأوكرانية؛ فمن خلال الوثائق والأسماء، كشف "المجهر" عن من يقف خلف تلك الشبكة وطرق وآلية الاستقطاب والتواصل والتنقل، وحجم المبالغ وكيف يتم التعامل وماذا يواجه الشباب خلال تلك العملية باعتبارها مصيدة حوثية.

وكشف هذا التحقيق، عن حجم الاستغلال الذي يتعرض له شباب اليمن، وأثار القضية بشكل واسع، مما دفع الشباب للحذر وكذلك السلطات لتتبع هذه الشبكة والسماسرة، كما كان التحقيق مرجعًا ومصدرًا لكثير من وسائل الإعلام للحصول على وثائق ومعلومات بشأن تجنيد اليمنيين إلى روسيا.

 

قضايا مجتمعية

 

يتجاوز اهتمام «المجهر» القضايا السياسية والأمنية ليضع هموم المواطنين ومعاناة اليمنيين في قلب تغطية الأحداث وتناوله للملفات الشائكة، فمن معاناة الشباب مع البطالة إلى محاولات الحوثيين استهداف النسيج الاجتماعي، يقدم الموقع تقارير توعوية تسلط الضوء على التحديات اليومية التي يواجهها الشعب اليمني؛ وبفضل شبكة مراسلين ميدانية، استطاع أن ينقل الصورة الحقيقية لما يحدث في البلد، ليكون مرآةً تعكس الواقع بعيدًا عن التضليل الإعلامي.

تحقيق آخر أثار ضجة كبيرة كان حول المخدرات، حيث يعمل المجهر الإخباري، على توعية الشباب من مخاطر الانخراط في أنشطة مشبوهة يديرها الحوثيون في مختلف محافظات اليمن، وأثار التحقيق ضجيجًا لدى السلطات، مما دفعها للنظر في الأمر والاهتمام بذلك واليقظة والحرص من محاولات الحوثي استهداف تعز والشباب والأفراد، وتمثل هذه المواد الصحفية نداءً لحماية الشباب والمجتمع من مخاطر المخدرات.

كما نشر موقع المجهر، تقريرًا عن جهود الأجهزة الأمنية بإفشال محاولات الحوثي في اختراق تعز عبر المنفذ الشرقي الذي أفتتح مؤخرًا، فالمادة الصحفية توضح أبرز المهام والضبط والقبض على خلايا متسللة وعناصر حوثية قدموا إلى داخل المدينة لإثارة الفوضى، كما كشف التقرير معلومات موسعة حول ذلك، بهدف إحداث يقظة أمنية ومجتمعية والدفع بمضاعفة الجهود أمام محاولات الحوثي المستمرة، وشكل هذا التقرير دعوة لتعزيز الجهود الأمنية والمجتمعية لحماية المدينة.

وفي إطار هذه التقارير الأمنية، أنتج فريق المجهر تقرير معمق سعى من خلاله كشف الخلايا والشخصيات التي حاول الحوثي استقطابها بهدف اختراق مديريات جنوب تعز وخلق الفوضى وخلط الأوراق، ونجح الموقع في تسليط الضوء على محاولات الحوثي لزعزعة استقرار المدينة المحاصرة منذ عشر سنوات، مما دفع السلطات لاتخاذ إجراءات وقائية وتعزيز الأمن.

 

إجراءات تصحيحية

 

يخصص موقع المجهر مساحة كبيرة لكشف ملفات الفساد التي تستنزف مقدرات البلاد، ولا يتردد في وضع الأسماء تحت الضوء، موثقًا بالحقائق والأدلة، بغرض تحريك المياه الراكدة في قضايا الفساد الإداري والمالي الحاصل في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.

ففي أحد التحقيقات التي عمل عليها "المجهر" كان بعنوان "هوامير الذهب الأسود.. أين تذهب حصة تعز من المشتقات النفطية"، والذي تضمن شواهد وخفايا حول التلاعب الكبير في هذا الملف، وكشف التحقيق أن حصة تعز من المشتقات النفطية تقدر بحوالي 5 مليون لتر سنوياً، وظلت منذ العام 2022م تمنح لتجار السوق السوداء بتصاريح رسمية من السلطة المحلية بالمحافظة.

وأوضح التحقيق، أن المخطط يهدف لاستلام حصة تعز بالكامل من ضمنها مخصصات الجيش والأمن تحت مبرر التخلص من سيطرة الصبيحة على سوق تعز النفطي وتفعيل خط الكدحة المخا في حين يعد ذلك غلاف للحفاظ على تجارة السوق السوداء.

ولأن هذا الموضوع حدث بتواطؤ وتساهل ومشاركة بعض مسؤولي السلطة المحلية بتعز، فقد أحدث التحقيق ردة فعل قوية من قبل السلطات وشخصيات كبيرة، مما ساهم في الحد من عملية التلاعب والتجاوز الكبير؛ ما يعني أن هذا التحقيق كان دافعًا لاتخاذ إجراءات تصحيحية وحماية الموارد الوطنية.

 

أداة للتغيير

 

لم يكن تأثير موقع المجهر الإخباري مقتصرًا على كشف الحقائق والانتهاكات، بل تجاوز ذلك ليصبح دافعًا للتغيير والإصلاح، فمن خلال تقاريره الهادفة، ساهم في تسليط الضوء على المواضيع الخفية والحساسة بموضوعية ومهنية وواقعية، كما دفع السلطات لاتخاذ خطوات عملية لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، ناهيك أنه يُعزز الوعي الشعبي خصوصًا بين فئة الشباب، الذين أصبحوا أكثر يقظة تجاه محاولات استغلالهم من قبل الأطراف المتصارعة.

يؤكد قراء "المجهر" الإخباري، أن الموقع تميز خلال عامين ماضيين بالتفرد الصحفي الذي جعله دائمًا في مقدمة المنصات الإخبارية الإلكترونية، سواء في تغطيته الميدانية أو تحقيقاته العميقة، مقدمًا معلومات "حصرية" تتصدر عناوين النقاش العام؛ بفارق زمني كبير عن المنصات الأخرى، إذ أصبح المجهر مصدرًا موثوقًا للباحثين عن الحقيقة، محققًا سبقًا في كشف الملفات الساخنة والجرائم المستترة.

ففي زمن يتلاشى فيه صوت الحقيقة وسط زحام المآسي والاضطرابات، يقف موقع "المجهر" الإخباري كمنبر للحق ومصباح يضيء عتمة المشهد اليمني، وبموضوعيته وشجاعته يواصل الموقع مسيرته واضعًا نصب عينيه مصلحة اليمن الجمهوري واليمنيين.. إنه صوت الحقيقة الذي لا يخبو، ورسالة الأمل في غدٍ أفضل، حد توصيف كثيرين.