عاجلعاجل

تعز: حياكة المعاوز.. حرفة قديمة تقاوم الاندثار (تقرير خاص)

تعز: حياكة المعاوز.. حرفة قديمة تقاوم الاندثار (تقرير خاص)

على الآلات التقليدية يقضي الحرفيون جلَّ وقتهم في تصميم وحياكة المعاوز من الصناعة النسيجية التقليدية في اليمن، وتعتبر زيًا شعبيًا لمختلف المحافظات، لكن مع تداخل الظروف وتبدل الاهتمامات تواجه حياكة المعاوز في مدينة تعز تحديات كبيرة تهدد هذه الحرفة بالاندثار في ظل تدهور الأوضاع المعيشة وتدني نسب الإقبال عليها.

هائل سعيد عامل في مهنة المعاوز منذ سنوات يقول في حديثه لـ ”المجهر“ نواجه تدني كبير في نسب الإقبال على الشراء، لم تعد مهنة حياكة المعاوز كما كانت في السابق، أصبحنا خلال اليومين أو الثلاثة أيام نبيع كمية قليلة من المعاوز ولا تغطي حتى احتياجات العمال في المحل.

ويوضح، في ظل تراجع العملة المحلية والعملة الأجنبية نواجه صعوبة كبيرة في البيع والشراء، ارتفع سعر الخيوط لدرجة 80%، وتراجعت نسب الإقبال في شرائها، لم يتوفر الدخل الكافي كأحد أدنى كمصروف للعمال.

ويضيف سعيد، بالنسبة لنا حياكة المعاوز عمل تراثي واجتماعي واقتصادي ومهنة نمارسها منذ سنوات، وأصبحت مصدر رزق ومصدر دخل لنا.

 

البحث عن بدائل

 

نظرًا لمردودها الضئيل اندفع الكثير من الحرفيين إلى البحث عن مصادر دخل بديلة لرؤية تأمين متطلبات الحياة اليومية لأسرهم في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد.

يقول جلال السيد أحد الحرفيون في تعز، في حديثه لـ ”المجهر“ كانت حرفة المعاوز رادعة في السوق المحلي من خلال تراثها واستنباطها منذ القدم، لكنها في الوضع الراهن تواجه تردي كبير في السوق بفعل تدني نسب الإقبال وانتشار آلة الحياكة الكهربائية الصينية والليزر التي طغت بمنتجاتها في السوق بشكل كبير من خلال اسعارها المنافسة لحرفة المعاوز اليدوية، الحرفة المبتكرة منذ قديم الزمان ومهنة معبرة عن ثقافة ومجتمع اليمن الحضاري ، وتعد خلفية تاريخية واجتماعية واقتصادية ولها أبعادها منذ أسلافنا وأجدادنا.

ويضيف السيد "أدت آلة الحياكة الكهربائية وسلعتها إلى منافسة الحرف اليدوية في أقل تكلفة في السعر، وهذا ما أدى إلى خطر الاندثار من شرائها، وقلة دخل القائمين عليها  ، بالإضافة إلى توقف العديد من الأيادي العاملة في هذه الحرفة، حيث نواجه صعوبات كبيرة في إقناع الزبون من شراء سلعة أو سلعتين من الحرف اليدوية".

ويؤكد أن آلة المكائن الكهربائية أدت إلى إحباط الكثير من الأيادي العاملة والحرفيين في ظل انتشارها في السوق وانعكاس الوضع الراهن على مستقبل الحياكة اليدوية في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية.

 

موروث شعبي

 

نظرا لطغيان الطابع العصري على الملبوسات التقليدية، ولجوء معظم السكان إلى شراء المعاوز المصنوعة بالآلات الكهربائية برخص أسعارها مقارنة بتلك المحبوكة يدويًا وهو ما دفع البعض إلى اقتناء هذه المنتوجات والحفاظ عليها كجزء من الموروث الشعبي. 

المواطن وضاح القدسي مواطن يرى في حديثه لـ "المجهر" أن لبس المعاوز ليس تراث فقط أو مكموش بل هوية تعتبر هويتنا الوطنية منذ آباءنا و أسلافنا، ولذلك نحنُ نحافظ على الموروث الشعبي والمنتج المحلي كونه صناعة محلية وهذا الذي نشجعه ونلتزم فيه ونبقى مستمرين عليه.

من جهته, يقول العامل في معمل حياكة المعاوز عيسى مقبل "لم أرث المهنة من جدي أو والدي ولكني هويتها وحب فيه تعلمتها من زملائي الذين يعملون فيها قبل ما يقارب أربعة سنوات، صحيح أن العمل فيها متعب بدايةً لكنه مع استمرار العمل بها تسهل عملية الحياكة وتصبح مدمنًا عليها".

ويضيف في حديثه ل "المجهر" بالنسبة لهذه الحرفة تأخذ منا جهد كبير ومتاعب ووقت أطول، فالعمل بها ليس بذاك السهولة، نواجه فيها صعوبات كثيرة وخاصة مع وضعنا الراهن في تدني إقبال الناس على شرائها وتدني نسب الأجور بها.

ويشير إلى أن منتوجات المعاوز تتشكل إلى عدد من مزجاتها بأنواعها المختلفة نقشًا وثمنًا وفقًا لجودة الخيوط المستخدمة، لكنها تواجه خطرًا كبيرًا من اندثارها، نظرًا لطغيان الطابع العصري على الملبوسات التقليدية، ولجوء معظم السكان إلى شراء المعاوز المصنوعة بالآلات الكهربائية برخص أسعارها مقارنة بتلك المحبوكة يدويًا.

 

خطر الاندثار

 

لم تغب أساليب الترويج لهذه المنتجات فهنا تتزين واجهة المحلات بأنواع المعاوز المختلفة نقشا وثمنا وذلك وفقا لجودة الخيوط المستخدمة وعدد مزجاتها لكن هذا ليس كافيا للحفاظ على هذه الحرفة "يجب على السلطات المعنية تشجيع المنتجات المحلية وتقليل نسبة استيراد المنتجات الصينية " حسب كثيرون .

.أصيل الوصابي عامل في هذه المهنة منذُ كان صغيرًا وهو في الرابع عشر من عمره يقول لـ "المجهر" لقد توارثت مهنة حياكة المعاوز من والدي منذُ كان عمري في الرابع عشر كنت أقوم بالعمل معه في المعل الذي يعمل فيه حتى أصبحت أتقن العمل بها استمريت مواكبة هذه المهنة حتى الآن لكننا نواجه معاناة عدة بها في وقتنا الحالي.

فيما يشكو العديد من العاملين في هذه الحرفة من قلة مداخل نشاطهم، حيث اضطر البعض منهم إلى ترك العمل فيها والبحث عن مهن أخرى أكثر دخلًا من أجل تأمين متطلبات الحياة اليومية لأسرهم.

يواصل الوصابي حديثه بالقول واجهت هذه الحرفة الكثير من التحديات في ظل تدهور الوضع الاقتصادي وفارق الصرف بين

 العملتين الجديد والقديم، حيث قل منسوب الشراء و ارتفاع تكاليف الخيوط وأجور العاملين بالإضافة إلى إيجار المحل والكهرباء، حيث أداء إلى ارتفاع سعر القطعة الواحدة بنسبة 90% على الوضع السابق.

ويضيف كانت سعر القطعة الواحدة قبل فترة الحرب تتراوح من 15000 ريال إلى 20000 ريال، وكان هناك إقبال في الشراء بشكل كبير جدًا، كان العامل يأخذ ايجار القطعة الواحد المكونة من خمسة مزجات 10000 ريال، فيما تغير الوضع حاليًا أصبح يأخذ 20000 ريال، ناهيك عن البيع والشراء في السوق.

ويوضح "ابتكرت حياكة المعاوز منذُ مزاولتها في آنذاك حيث تعتبر ثقافة مجتمعية وزيًا شعبيًا وتراثيًا منذُ أسلافنا ولها تاريخ عريق من حيث الملبوسات الشعبية والتراثية، بحيث كانت بدايةً من الخشب وكان مزاولة شغلها متعب جدًا وتأخذ مساحة كبيرة في المعمل، ثم تطورت إلى حديد حتى تطورت الآن إلى استيل وأصبحت سهلة للعامل في الحياكة.