أفاد البنك المركزي اليمني، أنّ جماعة الحوثي الانقلابية، سعت منذ نقل المقر الرئيسي للبنك المركزي من صنعاء إلى عدن منتصف العام 2016، إلى تدمير القطاع المصرفي والمالي وإلحاق بالغ الضرر به، مستغلة تواجد أغلب المراكز الرئيسية للبنوك في مدينة صنعاء الخاضعة لسيطرتها بالقوة.
وقال البنك المركزي، في تقرير مرجعي، إنّ الممارسات التعسفية الحوثية، شملت تعقيد بيئة عمل البنوك، والمؤسسات المالية المنتشرة في مختلف مناطق الجمهورية، وتقييد الأنشطة المصرفية، من خلال السعي لتقسيم الاقتصاد ومنع تداول الطبعات الجديدة من فئات العملة الوطنية القانونية، وإعاقة الحركة النقدية والمعاملات المالية بين المناطق المختلفة داخل البلد الواحد، وفقا لوكالة سبأ الرسمية.
وأوضح التقرير، أنّ جماعة الحوثي، قامت منذ ديسمبر 2019م وما تلاه، بحظر تداول الطبعات الجديدة من العملة الوطنية القانونية، وتنفيذ عمليات اقتحام متكررة لنهبها ومصادرتها من مقرات البنوك والمؤسسات المالية والشركات التجارية في مدينة صنعاء ومناطق سيطرتها، مشيرًا إلى أنّ نقاط التفتيش التابعة للجماعة تقوم بنهب ومصادرة اموال المسافرين بين المحافظات، بذريعة اتلاف الطبعة الجديدة من العملة، وتجريم حيازتها، غير انها تعمل بعد ذلك على مصارفة تلك الأموال بعملات اجنبية والمضاربة بأسعار الصرف في مناطق الحكومة الشرعية.
واعتبر البنك المركزي أنّ تلك الإجراءات تندرج ضمن الممارسات التدميرية للاقتصاد الوطني، وفرص الاستقرار النقدي والمالي، وإضعاف الثقة بالعملة الوطنية، وبالتالي ارتفاع تكاليف السلع والخدمات، وتكبد الأفراد والقطاع التجاري خسائر فادحة من قيمة دخولهم ومدخراتهم، إضافة إلى الأضرار بالأنشطة الإنتاجية والتجارية والاستثمارية في البلاد.
ووفق التقرير المرجعي للبنك المركزي، فإنّ جماعة الحوثي قامت خلال الفترة من (2016 – 2018) بالاستحواذ على جزء كبير من المبالغ النقدية للبنوك، مستغلة تواجد أغلب المراكز الرئيسية للبنوك في صنعاء، وإجبارها على سحب السيولة النقدية المتوفرة في خزائن فروعها، ونقلها إلى مراكزها الرئيسية، ثم توريدها لحسابات الجماعات واستخدامها كأحد مصادر دعم مجهودها الحربي دون اكتراث لتأثير ذلك على نشاط البنوك وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها، وفقدان ثقة العملاء بالقطاع المصرفي.
وذكر البنك المركزي أنّ الحوثيين قاموا عبر ما سمي بلجنة المدفوعات سابقًا، ولاحقًا من خلال فرع البنك المركزي في صنعاء بالاستحواذ على موارد النقد الأجنبي للمؤسسات المالية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وفرض بيعها تحت اشرافهم بسعر صرف منخفض للشركات والقطاع التجاري، الذي يفرضون عليه تسليم الكثير من الأموال والجبايات بمسميات مختلفة لتضاف في نهاية المطاف على قيمة وأسعار السلع والبضائع.
وبيّن أن قيام الجماعة بإجبار البنوك والمصارف على توفير مبالغ النقد الأجنبي بسعر صرف منخفض للجهات والكيانات التابعة للقيادات الحوثية، وهو ما يمثل تدميرًا لآلية وقواعد السوق القائمة على العرض والطلب، واستخدام تلك الوسائل للكسب والاثراء غير المشروع واحد مصادر تمويل أنشطة وحروب الجماعات التدميرية والعبثية.
وأشار البنك المركزي إلى أنه ترتب على تلك الممارسات الاستيلاء بطريقة احتيالية على مبالغ بالمليارات على حساب الاشخاص المستفيدين من الحوالات الواردة من الخارج بالعملة الأجنبية سواء تلك المتمثلة بمبالغ المساعدات الإنسانية، أو حوالات المغتربين، عبر اجبار اسرهم على استلام حوالاتهم بالريال اليمني بسعر صرف منخفض، وغير عادل.
وحمّل البنك المركزي، في التقرير المرجعي، الجماعة الحوثية المسؤولية عن تعريض القطاع المصرفي اليمني، لمخاطر عالية وكبيرة، من خلال السعي لاستخدام بعض المؤسسات المالية في مناطق سيطرتها لفتح حسابات لجهات وكيانات وهمية كواجهة للقيام بعمليات مالية مشبوهة، بما في ذلك غسل الأموال التي يتم نهبها من مصادر غير مشروعة، وإدخالها في النظام المالي، وتمويل أنشطتها غير القانونية، ما يعرض سمعة ومكانة القطاع المصرفي والمالي بأكمله للمخاطر والعقوبات الدولية.
كما أشار إلى أنّه منذ العام 2020، استمرت جماعة الحوثي بممارسة ضغوط متواصلة على البنوك في صنعاء، بغرض منعها من الاستثمار في الأدوات المالية الصادرة من المركز الرئيسي للبنك في عدن، واجبارها على تمويل مشروعات لا تحقق أي أرباح، ضمن خطط الجماعة الرامية لمزيد من الاستيلاء على أموال المواطنين، ومدخراتهم، تحت مسمى "تغيير شكل النظام المصرفي المحلي القائم على الفائدة، الى نظام إسلامي".
ولفت إلى أنّ الجماعة قامت لاحقًا في عام 2023، بإصدار ما أسمته "قانون منع المعاملات الربوية، الذي تجرم من خلاله التعامل بالفائدة". معتبرًا أنّ هذا الإجراء لا يعدو عن كونه ممارسة احتيالية على أموال المودعين من العملاء ونهب حقوقهم المتمثلة في العوائد المستحقة عن ودائعهم المصرفية، والقضاء على ماتبقى من ثقة بالقطاع المصرفي.
وفي ذات السياق، جدد البنك المركزي من مخاطر اقدام الجماعة نهاية شهر مارس الماضي، على صك وطرح عملة معدنية غير قانونية فئة 100 ريال، واتخاذ خطوات تعسفية لفرضها على المواطنين، والبنوك والمؤسسات المالية في صنعاء، مع إطلاق تلميحات بالاستمرار في القيام بإصدارات نقدية غير قانونية أخرى خلال الفترات القادمة.
وأوضح أنّه ظل على الدوام يتعامل مع البنوك من منطلق اختصاصاته وصلاحياته الدستورية والقانونية، كسلطة نقدية قانونية مسؤولة في البلاد، والجهة الوحيدة المخولة بعملية الاشراف والرقابة المصرفية وفقا للدستور والقوانين اليمنية النافذة، بالتنسيق مع المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية المختصة بالشئون المالية والمصرفية والمجالات ذات العلاقة.
وأكد البنك المركزي وقوفه على مسافة واحدة من كافة البنوك والمؤسسات المصرفية باعتباره بنك البنوك، وحرصًا منه على تحقيق الاستقرار المالي والنقدي، والحفاظ على القطاع المصرفي، وحمايته من التأثيرات السلبية، الناتجة عن التعقيدات والمتغيرات الداخلية والخارجية.