جددت الوكالات الأممية تحذيراتها من تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن بشكل عام، وفي مناطق سيطرة جماعة الحوثيين بشكل خاص، وبصورة غير مسبوقة منذ بداية الصراع.
وتوقعت المنظمات الإغاثية أن تتضاعف أزمة الغذاء مع حلول شهر يونيو/حزيران وحتى سبتمبر/ أيلول المقبلين، مع استمرار توقف توزيع المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الجماعة منذ نهاية العام الماضي بسبب تدخلاتها في تحديد قوائم المستحقين تلك المساعدات، وعزوف المانحين عن تقديم الدعم لتغطية تكاليف خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي.
تدهور الأزمة في مناطق الحوثيين لم يكن له أي تأثير على الجماعة الحوثية لمراجعة مواقفها وإيقاف التصعيد لتعزيز مسار السلام، بل ذهبت نحو التصعيد داخلياً واستهدفت القوات الحكومية في أطراف محافظة لحج وفي محافظة مأرب وفي تعز، وواصلت حربها الاقتصادية على الحكومة.
وفي حين أدت الهجمات الحوثية على السفن إلى تعطيل طرق التجارة العالمية، وما زالت تهدد بنشوب حريق أوسع نطاقاً، فإن الجهود التي بذلت لاستئناف مسار السلام وفقاً لخريطة الطريق التي أعلن عنها مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تواجه تحديات كبيرة نتيجة تصعيد الجماعة، وهو التصعيد الذي يرفضه المجتمع الدولي، ويرى أن أي تقدم في مسار السلام يتطلب وقف تلك الهجمات.
إلى جانب توقف توزيع المساعدات وقلة الدعم الدولي، فإن المنظمات الإنسانية تبين أن السبب الرئيسي الآخر للاحتياجات الإنسانية في اليمن هو الأزمة الاقتصادية التي طال أمدها نتيجة توقف تصدير النفط بسبب هجمات الحوثيين على موانئ تصديره، حيث يؤدي الارتفاع السريع في أسعار المواد الغذائية والوقود إلى تآكل القوة الشرائية للأسر، ويدفع بمزيد منها نحو الجوع واليأس، وفق أحدث بيانات مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.
وترى الأمم المتحدة أن الوقت قد حان لوضع حد للإجراءات الاقتصادية العدائية ووضع مصالح الشعب اليمني أولاً، فقد شددت على وجوب أن يوقف الحوثيون هجماتهم على موانئ تصدير النفط، والسماح باستئناف تصديره بشكل فوري.
وتجزم الأمم المتحدة بأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى استقرار العملة المحلية ويعزز الخدمات العامة الأساسية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. كما أن حصول موظفي القطاع العام في جميع أنحاء البلاد على رواتبهم سيؤدي إلى استعادة الخدمات العامة.
وتؤكد المنظمات الإنسانية أن الجوع لا يزال التهديد الأبرز في هذه الأزمة باليمن، وأن التحسينات المتواضعة في معدلات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في أعقاب الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة قد اختفت تقريباً الآن، فلا يزال مستوى الحرمان الشديد من الغذاء مرتفعًا بشكل مثير للقلق في جميع أنحاء البلاد، ومن المتوقع أن يتفاقم أكثر خلال الأشهر الأربعة المقبلة.
وإلى جانب أزمة الغذاء، فإن مرض الكوليرا مستمر في الانتشار، وقد أُبلغ حتى الآن عن 40 ألف حالة مشتبه فيها وأكثر من 160 حالة وفاة؛ غالبيتها في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وطبقًا للتقارير الإنسانية، فإنه يجري الإبلاغ عن مئات الحالات الجديدة كل يوم، ومن المتوقع أن تؤدي الأمطار الغزيرة والفيضانات إلى تفاقم الوضع بشكل أكبر خلال الأسابيع المقبلة، ولهذا اتخذت الأمم المتحدة وشركاؤها إجراءات وصفتها بـ«العاجلة» لوقف انتشار المرض.