اعتبر باحث يمني أن الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت ميناء رأس عيسى النفطي شمال محافظة الحديدة، غربي اليمن، مثّلت تحولًا استراتيجيًا نوعيًا في مسار التصعيد ضد جماعة الحوثي الإرهابية.
وأشار الباحث المساعد في مركز اليمن والخليج للدراسات، هاشم محمد إلى أن ذلك يعد "ضربة مزدوجة" استهدفت البنية المالية واللوجستية للجماعة، ووجّهت في الوقت ذاته رسائل صارمة إلى إيران.
وقال الباحث في تحليل نشره مركز اليمن والخليج للدرسات، إن "الميناء كان يشكّل شريانًا رئيسيًا لتوريد النفط الإيراني إلى مناطق سيطرة الحوثيين، بعائد شهري يقدّر بنحو 35 مليون دولار، ويُستخدم كمصدر تمويل رئيسي للجماعة".
ولفت إلى أن الحوثيين "يحققون من تجارة المشتقات النفطية أرباحًا شهرية تتراوح بين 80 و130 مليون دولار، تُسخّر في تمويل العمليات العسكرية وشراء الولاءات وتمكين شبكات أمنية وإعلامية".
وأوضح أن الميناء لا يتمتع فقط بأهمية اقتصادية، بل يحمل أبعادًا عسكرية كبيرة، إذ تحوّل خلال السنوات الأخيرة إلى قاعدة بحرية متقدمة تضم معدات وزوارق مسيّرة وألغام بحرية، مكّنت الحوثيين من تنفيذ تهديدات استراتيجية في البحر الأحمر.
وأضاف الباحث المساعد في مركز اليمن والخليج للدراسات أن الضربة "أحدثت دمارًا شبه كامل في الميناء، وأوقعت أكثر من 200 قتيل وجريح، بينهم عمال وفرق إنقاذ، ما يعني فقدان الحوثيين لأحد أهم مصادر التمويل والدعم اللوجستي"، معتبرًا أن آثار الضربة قد تمتد إلى إحداث شلل طويل الأمد في قدرة الجماعة على استقبال النفط وتوزيعه.
كما أشار إلى أن البدائل المتاحة أمام الحوثيين محدودة، خاصة مع تضرر ميناء الحديدة أيضًا، مرجّحًا أن تلجأ الجماعة إلى فرض مزيد من الإتاوات على المواطنين والتجار، في خطوة محفوفة بالمخاطر قد تثير غضبًا شعبيًا واسعًا، خصوصًا في ظل الانهيار المعيشي القائم وانعدام الحد الأدنى من الخدمات.
وتحدّث محمد عن تداعيات الضربة على الصعيد الإنساني، محذرًا من أن نقص الوقود قد يؤدي إلى تعطل قطاعات حيوية مثل المياه والكهرباء والنقل، ما سينعكس مباشرة على حياة السكان في المدن ذات الكثافة السكانية العالية، مثل صنعاء وذمار والحديدة.
وفي ضوء هذه التطورات، قال الباحث إن الضربة "فتحت فرصة استراتيجية أمام الحكومة الشرعية لتعزيز حضورها السياسي والاقتصادي، من خلال تقديم نفسها كجهة بديلة قادرة على توفير المشتقات النفطية"، موضحًا أن هذه المبادرة قد تسهم في تحسين صورتها شعبيًا ودوليًا، وتساعد في استعادة زمام المبادرة في المشهد اليمني.
كما شدد على أن هذه التحركات "قد تسهم في كشف زيف الخطاب الدعائي الحوثي الذي لطالما حمّل الحكومة مسؤولية الأزمات، خاصة مع اتساع الهوة بين قيادة الجماعة المرفهة والسكان الذين يرزحون تحت وطأة المعاناة".
على الصعيد الإقليمي، اعتبر أن الضربة وجّهت رسالة واضحة إلى طهران، بأن الدعم غير المباشر لوكلائها في اليمن لم يعد بمنأى عن الاستهداف، مشيرًا إلى أن "استهداف شريان تمويلي بهذا الحجم يمثل تحولًا في قواعد الردع، ويعيد توازن القوى في البحر الأحمر".
واختتم الباحث هاشم محمد تحليله بالتأكيد على أن ما حدث في رأس عيسى يتجاوز كونه ضربة عسكرية، بل يمثل نقلة استراتيجية قد تُربك الحسابات الحوثية، وتُعيد ترتيب المشهد اليمني سياسيًا ولوجستيًا، إذا ما أُحسن استثمار هذه اللحظة من قبل الحكومة والتحالف.
تابع المجهر نت على X