انشقاق قيادي رفيع عن الحوثيين والتحاقه بالجيش الوطني في مأرب (تفاصيل)

انشقاق قيادي رفيع عن الحوثيين والتحاقه بالجيش الوطني في مأرب (تفاصيل)

أعلن القيادي السابق في جماعة الحوثي الإرهابية، العميد صلاح مقبل الصلاحي المكنّى "أبو صقر" وقائد ما يُعرف باللواء العاشر “صمّاد”، انشقاقه عن صفوف الجماعة وانضمامه إلى قوات الجيش الوطني في محافظة مأرب، في خطوة وُصفت بأنها من أكبر الانشقاقات داخل البنية الميدانية للحوثيين خلال العام الجاري.

وجاء الإعلان خلال مؤتمر صحفي نظمته وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة، بحضور عدد من القيادات العسكرية والإعلامية، حيث أكد الصلاحي أنه "عاد إلى جادة الصواب"، داعياً من تبقى من زملائه إلى التخلي عن القتال الذي لا يخدم سوى المشروع الإيراني في اليمن.

وقال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العميد الركن عبده مجلي، إن الحكومة تمدّ يد العفو لكل من يتخلى عن الانخراط في صفوف الحوثيين، مؤكداً أن الجماعة "تزجّ بالشباب في حروب عبثية خدمةً للمشروع الإيراني، وتمارس انتهاكات جسيمة بحق أبناء الشعب اليمني".

وأوضح الصلاحي في كلمته أن جماعة الحوثي تتعامل مع قادتها الميدانيين بعقلية استخباراتية مريبة، وتستغل أبناء القبائل كوقود في معاركها، مشيراً إلى أن "من يرفض أو يعارض توجهاتها يُتهم بالخيانة ويُستبعد أو يُصفى".

وبرز اسم العميد صلاح مقبل الصلاحي خلال الأعوام الماضية كأحد القيادات الميدانية البارزة في صفوف الحوثيين بجبهات تعز والضالع والساحل الغربي.

وكان قد تولى قيادة "اللواء العاشر صمّاد" منذ عام 2021، وهو أحد التشكيلات العسكرية القبلية التي أسستها الجماعة تحت مظلة ما يُعرف بـ"قوات الصمّاد"، نسبة إلى رئيس مجلسها السياسي السابق صالح الصماد.

وقد أسهم الصلاحي في تنظيم عمليات التجنيد القبلي في مناطق شرعب وبعدان والوزيرة، واستطاع بناء شبكة واسعة من المجندين المحليين الذين اعتمدت عليهم الجماعة في تعزيز جبهاتها بمحافظتي لحج وتعز، لا سيما في مناطق كرش والقبيطة وماوية.

كما أشرف الصلاحي على إدارة عمليات الإمداد اللوجستي ونقل المقاتلين من محافظتي إب وذمار نحو جبهات الجنوب، وكان من بين القادة الذين يتمتعون بنفوذ قبلي وشعبي مكنه من فرض حضور مؤثر داخل صفوف الجماعة، ما جعله لاحقاً محل ريبة وخصومة من قبل القيادات الحوثية القادمة من صعدة.

وتؤكد مصادر مطلعة أن خلافات حادة نشبت بين الصلاحي وعدد من القيادات البارزة في المنطقة العسكرية الرابعة التابعة للجماعة، أبرزهم اللواء عبداللطيف المهدي، والعميد علي الشرفي، والعميد نور الدين المراني، بسبب تضارب الصلاحيات واتهامات متبادلة بالفساد والتقصير الميداني.

وأشارت المصادر إلى أن الصلاحي تعرض لمحاولات تهميش وإقصاء خلال الأشهر الماضية، ترافقت مع حملات مراقبة وتحقيق داخلية من قبل جهاز الأمن الوقائي التابع للحوثيين، الأمر الذي دفعه إلى التخفي والعمل على تهريب أسرته إلى خارج مناطق سيطرة الجماعة، قبل أن ينجح في مغادرتها نحو مناطق الشرعية.

وعقب انشقاقه، دفعت الجماعة بتعزيزات عسكرية مكثفة إلى منطقة الأمجود بمديرية شرعب السلام شمال تعز، حيث فرضت طوقاً أمنياً على منازل أقاربه، ونصبت نقاط تفتيش جديدة في مداخل القرى المجاورة، في محاولة لتعقّب العناصر التي كانت ضمن تشكيلاته القتالية.

وقال مصادر محلية، إن مسلحين حوثيين تمركزوا في مرتفعات سد الناصر والقبة وبني جلال، وأقاموا تحصينات جديدة تطل على مناطق التماس مع القوات الحكومية، وسط حالة من التوتر والغضب بين الأهالي الذين رفضوا التوسع العسكري داخل قراهم.

وتُعد منطقة شرعب السلام ذات أهمية استراتيجية في خارطة الصراع، إذ تربط بين محافظات تعز وإب والحديدة، وتشكل ممراً رئيسياً لإمداد الجبهات الحوثية في الساحل الغربي.

ويأتي انشقاق الصلاحي، في وقت تشهد فيه جبهات تعز تصعيداً ميدانياً من قبل الحوثيين شرق وشمال المدينة، رغم التهدئة التي ترعاها الأمم المتحدة منذ أبريل 2022.

ويرى مراقبون أن عملية الانشقاق تمثل ضربة موجعة للحوثيين، فهو من جهة يُفقد الجماعة أحد أبرز القادة الميدانيين ذوي الحضور القبلي، ومن جهة أخرى يكشف عمق الانقسامات والتذمر داخل صفوفها، خاصة بين القادة المحليين والقيادة المركزية القادمة من صعدة.