الخميس 21/نوفمبر/2024
عاجلعاجل

تقرير: أين وصلت الجهود الدبلوماسية المكثفة لوقف حرب اليمن؟

تقرير: أين وصلت الجهود الدبلوماسية المكثفة لوقف حرب اليمن؟

المجهر- الأناضول

باتت الجهود المبذولة إقليميا ودوليا لإحلال السلام في اليمن على مفترق طرق، فإما أن تحقق نجاحا حاسما بإقرار وقف الحرب نهائيا، أو على الأقل هدنة بين 6 أشهر وعامين، تطلق خلالها عملية شاملة وإجراءات عسكرية وسياسية واقتصادية تدفع لدخول مفاوضات الحل النهائي.

ويقف اليمن حاليا بين وساطة إقليمية توجت بزيارة وفدين عماني وسعودي إلى العاصمة صنعاء والاجتماع مع جماعة الحوثي في 9 أبريل/ نيسان الجاري، وجهود دولية مكثفة تبذلها واشنطن والأمم المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.

وبين هذه التحركات الدبلوماسية المكثفة تراوح الأزمة اليمنية بين “اللاحرب” و”اللاسلم”، كما يصفها مراقبون.

نقطة توقف

الأسبوع الماضي، أعلن وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك في حديث خاص للأناضول، استئناف اللقاءات بين الوفد السعودي وجماعة الحوثي، بعد عيد الفطر.

وقال بن مبارك، إن “رفض الحوثيين تجديد الهدنة استلزم تدخل السعودية والتواصل مع مليشيا الحوثي عبر سلطنة عمان، ثم تحولت تلك الاتصالات لمحادثات مباشرة بين المملكة والجماعة وصولا إلى عقد لقاءات في صنعاء”.

وجاء حديث بن مبارك بعد لقاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني مع السفير السعودي لدى البلاد محمد آل جابر، عقب زيارة الأخير لصنعاء في 9 أبريل الجاري.

ولفت إلى أن النقاشات مستمرة بين قيادة التحالف العربي والمجلس الرئاسي بشأن الأفكار والمقترحات لحل الأزمة اليمنية.

الأمر ذاته أكده رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط، الذي قال عقب مغادرة الوفدين السعودي والعماني لصنعاء، إنه جرى اتفاق بين جماعته ووفد الرياض على “عقد مفاوضات جديدة بين الجانبين بعد عيد الفطر المبارك”.

وما بات واضحاً هو أن التقارب السعودي الإيراني غير من موقف جماعة الحوثي ولهجتها تجاه السعودية، وهو ما قد ينعكس على تحسين بيئة إيجاد حل سياسي للأزمة.

وفي 10 مارس/ آذار الماضي، أعلنت السعودية وإيران استئناف علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016، وإعادة فتح السفارات في غضون شهرين، وذلك عقب مباحثات برعاية صينية في بكين، بحسب بيان مشترك للبلدان الثلاثة.

كما يظهر تغير موقف الجماعة في تراجع الجهود الدبلوماسية الدولية ودور الأمم المتحدة، وحضور السعودية بتواصلها المباشر مع الحوثيين وتقديم نفسها وسيطا، حسب ما أكده السفير آل جابر في تصريحاته خلال تواجده في صنعاء.

سلام أم عودة للحرب؟

استئناف اللقاءات خلال الفترة المقبلة، كما هو معلن، يشير إلى أن نقاطا متعددة لا تزال محل خلاف، وبحسمها أو تواصل التباين فيها، يتقرر ما إذا كان اليمن يتجه إلى إيقاف الحرب أو عودة للصراع أو على أقل تقدير استمرار الحالة الراهنة المتمثلة بالتهدئة.

وفي هذا الخصوص، كشف مصدر حكومي يمني في تصريحات لمراسل الأناضول، مفضلا عدم الكشف عن هويته، أن الحوثيين يرفعون سقف مطالبهم لتحقيق مكاسب أكبر، إدراكا منهم أن التحالف العربي اتخذ قرار السلم.

وأضاف المصدر، أن “الحوثي يريد الاعتراف به أولا كطرف شرعي، دون أن يسلم السلاح أو أي منطقة تحت يده، بل إنه يريد أن يكون شريكاً في الموارد والتعويضات بنسبة كبيرة”.

وزيادة على ذلك تفيد مصادر مقربة من الحكومة اليمنية المعترف بها، أن “الحوثي” تشترط أن تتولى صرف الرواتب، ونسبة كبيرة من إيرادات النفط بمناطق الحكومة واستئثارها بالإيرادات في مناطق سيطرتها، الأمر الذي قد يعقد المفاوضات، وقد يعيدها إلى نقطة الصفر.

ولم يتسن الحصول على تعليق فوري بشأن ذلك من الجماعة، لكن عضو مجلسها السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، قال السبت، إنه “لا عبرة بالمحادثات والنقاشات ما لم تشرع السعودية في خطوات ملموسة عملية على الصعيد الإنساني”.

وأضاف في تصريحات لقناة “المسيرة” الناطقة باسم الحوثيين، إن جماعته تتطلع إلى إنهاء الحرب تماماً وليس إلى الهدنة، متحدثاً عن جملة مطالب تتعلق بفتح الموانئ ومطار صنعاء وصرف الرواتب.

قاعدة الحل السياسي

ولا تزال مرتكزات الحل السياسي تهدد أي جهود لإنهاء الحرب بشكل شامل، فالحكومة متمسكة بمرجعيات ثلاث تشدد على ضرورة الالتزام بها في أي مفاوضات.

والمرجعيات الثلاث يرفضها الحوثيون، وهي المبادرة الخليجية (2011) ونتائج مؤتمر الحوار الوطني (2013-2014) وقرارات مجلس الأمن الدولي خصوصا رقم 2216 (يلزم الحوثيين بترك المناطق الخاضعة لهم وتسليم سلاحهم).

كما ذكر وزير الخارجية اليمني في تصريح سابق، أن “أهم عامل للأزمة استمرار الانقلاب الحوثي على السلطة الشرعية، والانقلاب على المبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ورفض تنفيذ القرارات الأممية والعملية الديمقراطية التي ارتضاها اليمنيون منهجا لاختيار حكامهم، واستبدال ذلك بادعاء الحق الإلهي في الحكم”.

فيما اتهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، في خطابه ليلة عيد الفطر، الحوثيين بـ”مواصلة التسويف وعدم الاستجابة للمبادرات ومحاولة استثمارها لتحقيق أهداف سياسية وتعبوية وحملات إعلامية مضللة”.

وأضاف العليمي: “قدمنا كل التنازلات الضرورية لتخفيف المعاناة عن شعبنا، وتعبيد الطريق أمام جهود الوسطاء الإقليميين والأمميين والدوليين”.

القضية الجنوبية

وتبرز القضية الجنوبية ملفا شائكا ينعكس على الحل النهائي للأزمة، فالمجلس الانتقالي الجنوبي المشارك في مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، يتمسك بقاعدة فك الارتباط بين الشمال والجنوب.

وفي فبراير/ شباط الماضي، صرح رئيس مجلس القيادة الرئاسي أن “القضية الجنوبية عادلة، لكن الحديث عنها في هذه اللحظة أو نقاش حلها في هذا الوقت قد يكون غير مناسب”.

وأضاف أنه بعد استعادة الدولة “سنضع كل شيء على طاولة الحوار والنقاش، ونضع المعالجات بالحوار وليس بالعنف أو الرفض”.

وشدد العليمي على أن معالجتها يجب أن تكون في إطار حلول “النظام السياسي حول مضمون الدولة وشكل النظام السياسي المستقبلي”.

هذه التصريحات حينها أثارت سخط “الانتقالي” الذي يشدد على أن تكون القضية ضمن أجندة مفاوضات وقف الحرب لوضع إطار تفاوضي لها، وعبره سيحدد ما يطلقون عليه “شكل الدولة”.

سلام باشتراطات غير متوفرة

يعتقد الكاتب والمحلل السياسي اليمني علي الفقيه، أن عملية السلام تقتضي اشتراطات وأسسا متينة، لكنه يرى أنها عملياً غير متوفرة حالياً.

ويوضح الفقيه للأناضول، أن من أهم اشتراطات السلام شعور الأطراف المختلفة بحاجتها إليه، وعدم جدوى الحرب، واستعدادها لتقديم تنازلات.

ويذهب إلى أن الحاصل اليوم في اليمن هو رغبة السعودية في إغلاق ملف الحرب في اليمن، بينما يرفض الحوثيون تقديم أي تنازلات حتى الآن.

ويشير إلى رغبة لدى الحوثيين بأن يكون المشهد الأخير في الحرب هو منحهم الشرعية والتسليم بالسيطرة التي يفرضونها على رقعة جغرافية واسعة.

ويؤكد الفقيه أن المخاوف لدى الأطراف المحلية المختلفة تشكل أيضا عائقا دون تحقيق السلام، لأنها تدرك أن إنهاء الحرب بهذه الطريقة لا يعني عمليا تحقيق السلام، وإنما ينقل المشهد اليمني إلى فصل جديد، مهيأ لاندلاع جولة أخرى من الصراع، تغيب عنها الأطراف الإقليمية ويبرز فيها العنصر المحلي بشكل أكبر.