الأربعاء 18/سبتمبر/2024
عاجلعاجل

خرافة "الولاية".. ذريعة الحوثيين لشرعنة انقلابهم في اليمن (تقرير خاص)

خرافة "الولاية".. ذريعة الحوثيين لشرعنة انقلابهم في اليمن (تقرير خاص)

المجهر- تقرير خاص

في الثامن عشر من شهر ذي الحجة من كل عام يحتفل الحوثيون بما يسمى بيوم "الولاية" أو عيد الغدير، وهي مناسبة دينية سنوية يحتفل بها أتباع المذهب الشيعي الاثنا عشري، على اعتبار أنها دليل صريح على أحقية آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلّم بالحكم من بعده، بدءًا من علي بن أبي طالب (رابع الخلفاء الراشدين) مرورًا بأحد عشر إماما من ذريته يعتقد بهم "الشيعة"، وبعد ذلك فالحكم هو حقٌ مقدسٌ لمن كان هاشميًا فاطميًا، حد زعمهم.

حديث الغدير

يعود حديث الغدير تاريخيا إلى السنة العاشرة للهجرة، واتفقت الروايات الدينية على أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل بمكان فيه ماء يسمى "غدير خُم" وفيه ذكّر الرسول الكريم صحابته وأتباعه بفضل أهل بيته بقوله (أذكركم الله في أهل بيتي)، وبهذا الصدد يتحدث الشيخ علي القاضي- عضو هيئة علماء اليمن في سلسلة منشورات نشرها على حسابه في منصة «فيسبوك» قائلا بأنه "ليس في أحاديث فضل أهل البيت أي اختصاص لهم أو لذريتهم بالحكم والسلطة كما يزعم الشيعة".

وتعليقًا على حديث (من كنت مولاه فعليٌ مولاه) يقول القاضي: بالرغم من كون الحديث صحيحا إلا أن له سببين يوضحان أن معنى الولاية فيه ليست الخلافة، موضحًا أن الصحابة الذين رافقوا عليا غضبوا منه لأنه اتخذ لنفسه سبية قبل القسمة وسبق جيشه إلى الحج فوجدهم قد لبسوا الثياب التي غنموها فأمرهم بنزعها فغضبوا منه، فكان الحديث تطمينًا وتأكيدا على مكانة علي رضي الله عنه فحسب.

خرافة" الولاية"

يتخذ أتباع المذهب الشيعي والحوثيين على وجه الخصوص الأحاديث التي تبين فضل ومكانة علي بن أبي طالب كدليل دامغ على أحقيته بالخلافة من بعد الرسول الكريم ومن ثم الحق لذريته من نسل فاطمة الزهراء، على الرغم من أيّ من تلك الأحاديث والنصوص الدينية لم تشر إلى موضوع الولاية والخلافة مطلقا، ولو كان لأوصى النبي بذلك صراحةً لكنه كان يقول حين يسئل: "الأمر لله من قبل ومن بعد يضعه حيث يشاء".

يعتقد الصحفي سلمان المقرمي أن احتفال جماعة الحوثي بيوم الولاية هذا العام "مُبالغ فيه"، موضحًا أن الحوثيين يتعمدون فعل ذلك إرضاءً لإيران التي تمولهم من جهة، ولغرض تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية من جهة أخرى.

ويقول الصحفي المقرمي في تصريح خاص لـ" المجهر": أن جماعة الحوثي تهدف من المبالغة باحتفالاتها بيوم الغدير إلى إظهار نفسها بمظهر القوة بالتزامن المفاوضات، وإرهاب المجتمع اليمني على اعتبار أنها تملك الحق الإلهي في الحكم وهناك من يُسلّم بذلك ويحتفل في مناطق سيطرتها.

ويوضح بأن احتفالات الحوثيين بهذه الخرافة يراد منه إيصال رسالة بأنها ما زالت قادرة على الحشد والاحتفال، تنظيميا وماليا لكن ذلك يصطدم بالواقع الذي يعايشه اليمنيون في مناطق سيطرتها فينكشف ما هو مستور، ويتبين أن الجماعة موقفها هش وتحاول استجلاب بعض القوة من خلال ذلك.

مبالغة وتقديس

يبالغ الحوثيون كثيرا باحتفالاتهم بذكرى ما يسمى بيوم الولاية أو عيد الغدير، وتحاول الجماعة من خلال تلك المناسبة إضافة هالة من القداسة على قياداتها وزعيمها على وجه الخصوص، وذلك يعطيها قدرة على تسويق الفكر المتطرف الذي تصبغ به اليمنيين، بحسب الكاتب والباحث عبدالله إسماعيل.

ويضيف الكاتب إسماعيل في تصريح خاص لـ"المجهر" بأن احتفال الجماعة بهذه المناسبة له جانب اقتصادي كبير، كونها أحد المسميات التي استحدثتها الجماعة لمواصلة نهب ما بحوزة اليمنيين من أموال.

ويؤكد بأن ذلك هو احتفال عنصري بالأفضلية التي تدّعيها الجماعة استنادًا إلى رؤى مزعومة غير حقيقية لا تتسق مع روح الإسلام الذي يقوم على المساواة بين الناس، وهي مبالغة تحاول الجماعة من خلالها تفسير وتبرير فكرة "ولاية الفقيه".

ويأتي احتفال الحوثيين بخرافة الولاية في ظل انهيار للوضع الاقتصادي في البلاد وانقطاع المرتبات في مناطق سيطرة الجماعة، الأمر الذي أدى إلى إطلاق حالة من الاستهجان والسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث صور ناشطون بأن رواتب الموظفين المنقطعة منذ أكثر من ثماني سنوات أهدرتها الجماعة على إطلاق ألعاب نارية واحتفالات بهذه الخرافة.

استغلال وتجويع

تستغل جماعة الحوثي تفشي الفقر لنشر أفكارها الطائفية في أوساط المجتمع اليمني، وتركز بشكل أكبر على النشء فتعمل على تغذية الصغار بمعتقداتها العنصرية من خلال المراكز الصيفية، وتستهدف الكبار الذين لم ينالوا قسطا كبيرا من التعليم بمناسبات دينية استحدثتها الجماعة لتكريس وجودها على أساس عقائدي.

يعتقد الكاتب والباحث عبدالله إسماعيل بأن جماعة الحوثي تستغل الوظيفة العامة والتجويع والإفقار والتخويف الديني وتلعب في ظل مناخات من الأمية، للتأثير على الدين والمعتقدات وزرع أفكارها الطائفية في عقول السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

ويشير الكاتب إسماعيل بأن الجماعة لا يعنيها معاناة اليمنيين وهي غير قادرة تاريخيا على إقامة دولة انطلاقًا من كونها لا تؤمن بها كفكرة، لذا تستغل الجماعة كل لحظة وكل فرصة للإفقار والتجويع على اعتبار أنها تعلم جيدا بأن اليمنيين لن يستجيبوا لدعواها ولن يقبلوا لمحاولة التطييف الممنهج الذي تمارسه عليهم، وبالتالي فهي تتعمد نهب ما في جيوبهم ثم تفتح منافذ محددة للتكسب مرتبطة بها، فتجبرهم على حضور دورات ثقافية أو تزج بهم ضمن مقاتليها للحصول على بعض المال.

ويضيف بأن هذه المناسبة وغيرها ليست دينية في الأساس ولا تتعلق بالدين بل تتعلق بخرافة الولاية والهدف منها هو سلالي بامتياز لأنها تجعل الثروة في أيدي قياداتها فيما تنشر الفقر والجوع في أوساط الناس حتى تضمن ولاؤهم لها.

ويؤكد الكاتب إسماعيل بأن جماعة الحوثي لن تنجح في تحقيق أي مكاسب لأنه لا مستقبل لها وليس لها قبول شعبي لأنها تعمل على تهديم كل شيء في طريقها مستغلةً بذلك الفرصة التاريخية التي أتيحت لها، فهي تتعمد تخريب الجانب التعليمي وتفخيخ العقول، وبالتالي فهذه الجماعة سلالية متطرفة ليس لها أي توجه سياسي، تؤمن بالمكاسب الآنية والإثراء والتمكين على حساب اليمنيين.

دحض الخرافة

تحت هذا المسمى وجه وزير الأوقاف والإرشاد في الحكومة المعترف بها، محمد عيضة شبيبة رسالة إلى الدعاة والخطباء والمرشدين، حثهم فيها إلى الاضطلاع بدورهم في محاربة خرافة "الولاية" والتحذير منها في المحاضرات والدروس عبر كل الوسائل المتاحة انطلاقًا من واجب ديني ووطني.

وقال الوزير شبيبة "هذه الخرافة تتعارض مع نظامنا وتخالف دستورنا وتخالف دستورنا وتضر شعبنا في اختيار حكامه فإن التحذير منها لا يعد من باب محاربة الطقوس الدينية أو المناسبات المذهبية".

وأكد وزير الأوقاف" التحذير من هذه الخرافة التي يروج لها الكهنوت الإمامي الغيض يستوجب الأمر الإشارة إلى هوية اليمن الحضارية والتاريخية والدور اليمني في حمل رسالة الإسلام منذ بواكيره الأولى، وأن ما يسمى بالاصطفاء الإلهي أو حصر الحكم في جيينات بعينها غير مقبول في بلادنا وباطل عند شعبنا ومخالف لعقيدتنا".

ناشطون رأوا أن هناك صحوة كبيرة في أوساط المجتمع اليمني لمواجهة خرافات الحوثيين، معتقدين بأن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تشكل وعيًا كبيرا لدحض تلك الأفكار الطائفية، وهو بمثابة تحصين جزئي ينبغي تكامله بتضافر الجهود الرسمية والمجتمعية لإيجاد فكر مستنير.

اقرأ أيضا: المراكز الصيفية الحوثية.. قنبلة موقوتة في خاصرة المجتمع اليمني (تقرير خاص)