الخميس 21/نوفمبر/2024
عاجلعاجل

اقتصاد: ارتدادات حرب السفن على اليمنيين عرقلة لخريطة طريق تحسين المعيشة

اقتصاد: ارتدادات حرب السفن على اليمنيين عرقلة لخريطة طريق تحسين المعيشة

ثارت مخاوف في اليمن من ارتدادات حرب السفن التي اندلعت في البحر الأحمر على مختلف الجوانب، وخصوصاً الاقتصادية، وسط تحميل مراقبين، جماعة الحوثيين، جزءاً كبيراً من أسباب التعقيدات الحاصلة في عدم صرف رواتب الموظفين المدنيين وخريطة طريق تحسين معيشة المواطنين.

وصعّد الحوثيون من هجماتهم على العديد من سفن الاحتلال الإسرائيلي في مضيق باب المندب، رداً على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الأمر الذي ترتّب عنه توجيه أميركا وبريطانيا ضربات جوية لصنعاء وعدة مناطق تحت سيطرة جماعة الحوثيين. 

مستقبل خريطة الطريق 

في هذا السياق، يرى الناشط الاجتماعي، أحمد القاضي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن المغامرة الحوثية، كما يصفها، يجب استغلالها في خلق الاصطفاف الوطني الداخلي والتجاوب مع خطة خريطة الطريق التي يعدّها المبعوث الأممي في صرف رواتب الموظفين المدنيين ورفع الحصار عن مدينة تعز وفتح الطرقات التي تقطعها في أكثر من محافظة يمنية. 

وتوصلت الأطراف المتصارعة في اليمن نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي إلى تنفيذ مجموعة من التدابير تشمل تنفيذ وقف إطلاق نار يشمل عموم اليمن، وإجراءات لتحسين الظروف المعيشية، والانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة. 
وسيعمل المبعوث الأممي مع الأطراف في المرحلة الراهنة لوضع تفاصيل خريطة الطريق تحت رعاية الأمم المتحدة تتضمن هذه الالتزامات وتدعم تنفيذها.

خريطة الطريق التي سترعاها الأمم المتحدة ستشمل، من بين عناصر أخرى، التزام الأطراف تنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، ودفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة. 

ويعاني اليمنيون من أزمات اقتصادية ومعيشية خانقة أدت إلى زيادة أعداد الفقراء إذ أكدت الحكومة اليمنية، في شهر يوليو/ تموز الماضي ارتفاع نسبة الفقر في البلاد، إلى 80% وانكماش الاقتصاد بنسبة 50%، في ظل الصراع الذي يشهده اليمن منذ نحو 9 سنوات. 

مخاوف كبيرة 

تسود مخاوف كبيرة في اليمن من تأثير الأحداث المتصاعدة في البحر الأحمر بتنفيذ خريطة الطريق، حيث يترقب مئات الآلاف من الموظفين المدنيين صرف رواتبهم المتوقفة منذ نهاية عام 2016، إذ يأتي ذلك مع امتداد الصراع الناتج من الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ أكثر من ثلاثة أشهر إلى البحر الأحمر، حيث يستمر الحوثيون باستهداف السفن التجارية التي يؤكدون أنها إسرائيلية أو متعاونة معها بالصواريخ والطائرات المسيَّرة. 

وأدى ذلك إلى تشكيل عملية بحرية متعددة الجنسيات تقودها الولايات المتحدة الأميركية لحماية التجارة في المنطقة، حسب زعمهم، في حين تؤكد سلطة صنعاء استمرارها في تنفيذ قرارها، محذرةً من مساعي أميركا لعسكرة البحر الأحمر وتهديد الملاحة الدولية، داعيةً كل البلدان المشاطئة للبحر الأحمر في التحرك ضد التحالف الأميركي، لما له من أضرار على الملاحة الدولية. 

ويرى خبراء اقتصاد أن هناك نتائج وتداعيات كبيرة على تجارة الاحتلال الإسرائيلي من حرب السفن ، لافتين إلى ما يقوم به الحوثيون، حيث أصبح البحر الأحمر من خليج العقبة حتى باب المندب محرماً على السفن التجارية الإسرائيلية العبور فيه، سواء بسفن تابعة لدولة الاحتلال، أو شركات متعاملة معها، أو أي سفن وبواخر تمتلكها شخصيات إسرائيلية. 

مغامرة غير محسوبة 

من جانبه، يرى المحلل الاقتصادي نبيل العمري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن ما يقوم به الحوثيون تهور ومغامرة غير محسوبة العواقب بالنظر إلى سياساتهم الداخلية وتبعات الهجمات والأزمة المتصاعدة في البحر الأحمر التي ستزيد تكاليف الشحن التجاري وتفرض تعقيدات واسعة على الشحن والواردات إلى اليمن.

وأشار إلى أن اليمن لم يعد يحتمل أي أزمة اقتصادية أو تجارية أو إنسانية، في ظل وصول هذه الأزمات إلى أعلى مستوى لها بفعل الصراع في البلاد الذي يحمل هذا المحلل الاقتصادي جماعة الحوثي السبب الأكبر في تفاقمها، إلى جانب الحكومة المعترف بها دولياً.

وأدت الهجمات الأخيرة، بما فيها الهجمات التي شنّتها أميركا وبريطانيا على اليمن، إلى ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 2%، حيث صعدت العقود الآجلة لخام برنت. 

في السياق، أكد المجلس السياسي الأعلى للحوثيين أن ما قامت به أميركا وبريطانيا اعتداء غير مشروع ولا مبرر له ومخالف لكل القوانين الدولية، والمهدد الحقيقي للسلام والأمن الدوليين. 
وقال إن الوجود الأميركي والبريطاني ومن تحالف معهم تحت حجج كاذبة في البحر الأحمر وباب المندب مرفوض ومخالف لكل القوانين، وهو تهديد مؤكد للملاحة الدولية، والجمهورية اليمنية معنية بالتعامل معه بالصورة المناسبة. 

ولفت إلى تمسك حكومة صنعاء بما أعلنته عند بدء عمليتها البحرية بإنهاء الحصار وإيقاف العدوان وحرب الإبادة على غزة وإدخال المواد الغذائية والعلاج والمحروقات وكل وسائل الحياة، مشيراً إلى استمرار الإجراءات التي تتخذها القوات المسلحة في البحر الأحمر وباب المندب بمنع مرور السفن الإسرائيلية أو التي تحمل بضائع للموانئ الفلسطينية المحتلة مهما كان الثمن.

الجدير بالذكر أن نحو 18 شركة قررت تغيير مسار سفنها من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح لتجنّب تعرّضها للهجمات والآثار المتوقعة على البحارة، إذ يضيف ذلك بحسب المنظمة البحرية الدولية 10 أيام إلى تلك الرحلات البحرية ويزيد أسعار الشحن. 

واعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 2722 بتأييد 11 عضواً وامتناع 4 عن التصويت، الذي يدين الهجمات التي شنها الحوثيون على السفن التجارية وسفن النقل في البحر الأحمر، ويطالب بالوقف الفوري لجميع هذه الهجمات. 

كذلك يدين القرار بأشد العبارات الهجمات التي شنّها الحوثيون، والتي زاد عددها على العشرين، على السفن التجارية وسفن النقل منذ 19 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ويطالب بأن يكفّ الحوثيون فوراً عن جميع هذه الهجمات التي تعرقل التجارة العالمية وتقوّض الحقوق والحريات الملاحية والسّلم والأمن الإقليميين.