من الممكن أن تؤدي اضطرابات سلسلة التوريد إلى تقليص معدل النمو الاقتصادي في آسيا بنسبةٍ تصل إلى 0.5 نقطة مئوية هذا العام، وزيادة معدل التضخم بنسبة تصل إلى 0.4 نقطة مئوية، وفقًا لتقرير صادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية.
حيث جاء في التقرير: "نظرًا لتأثر صادرات آسيا بالفعل في العام الماضي بضعف الطلب الغربي، ستزيد الهجمات الأخيرة من الضغط على اقتصاداتٍ متعددة في آسيا التي تعتمد بشكل كبير على الصادرات، لا سيما في جنوب شرق آسيا حيث انهيار تقريبًا في تجارة الحاويات"، مشيرًا إلى أن إندونيسيا وتايلاند وماليزيا من بين الدول الأكثر ضعفًا في هذا الصدد.
كما ستتأثر معظم المنطقة بشكل غير مباشر وذلك من خلال زيادة تكاليف الشحن، خاصة تلك التي تعتمد على واردات الغذاء مثل دول جزر المحيط الهادئ ونيوزيلندا والهند وباكستان.
وقالت وحدة الاستخبارات الاقتصادية: "قد يترك التضخم المرتفع المصارف المركزية في بلدان مثل الفلبين وأستراليا والهند في موقف أكثر صعوبة في إيجاد فرصة للبدء في تخفيض السياسة النقدية".
و قد تدفع الاضطرابات المستمرة في الشحن إلى جعل الشركات المصنِّعة تبحث عن خياراتٍ أقرب إلى أسواق المستخدمين النهائيين بدلاً من الاعتماد على سلاسل الإمداد "المتوترة" في آسيا، وفقًا للتقرير.
ووفقًا لتقديرات وحدة الاستخبارات الاقتصادية، فيستغرق الشحن من شمال غرب أوروبا الآن 56 يومًا للوصول إلى ماليزيا وسنغافورة، مقارنة بـ 32 يومًا قبل بدء هجمات الحوثيين في نوڤمبر/ تشرين الثاني. أما بالنسبة للصين وهونغ كونغ وتايوان، فقد زادت المدة إلى 55 يومًا من 42 يومًا.
• تتجاوز التجارة العالمية التحديات وتسجل تعافٍ ملحوظ:
تُفيد متابعة التجارة من بلومبرغ أن الطلب المتماسك قد سمح للشحنات العالمية بتحقيق تعافٍ غير متوقع رغم استمرار اضطرابات سلاسل التوريد.
حيث كان هناك اثنان فقط من بين عشرة مؤشرات في لوحة التجارة تحت "مستوى طبيعي" في مارس/ آذار، وهي أفضل قراءة منذ عام 2022 على الأقل.
وقد جاء التحسن بفضل أداء صادراتٍ قوية من تايوان، البلد الذي يُعد مؤشرًا رئيسيًا للتجارة، حيث زاد الطلب على الإلكترونيات. وتحسنت التوقعات أيضًا بين الشركات الأمريكية حيث توسعت طلبات التصدير الجديدة لأول مرة في 19 شهرًا.
و حتى في ظل تصاعد العنف في البحر الأحمر الذي يرفع تكاليف الخدمات اللوجستية، تمكن حجم الشحنات في الموانئ الكبرى في لوس أنجلوس وهونغ كونغ من الوصول إلى "مستوى أعلى من المعتاد" وفقًا لقراءات مؤشر التجارة الأخيرة.
و على الجانب الآخر، تظل أوروبا تعاني. بينما ارتفعت الإنتاجية العالمية مؤخراً في فبراير/ شباط، قامت البيانات بإظهار أن إنتاج منطقة اليورو والمملكة المتحدة لا يزال في منطقة الانكماش. وظلت الشركات الألمانية متشائمة بشكلٍ كبير.
و تُظهر الأنباء الإيجابية عن بداية عملية التعافي بوادرًا مرحبة في ظل تحذيراتٍ من منظمة التجارة العالمية بأن التجارة العالمية قد تكون أضعف من المتوقع هذا العام، نظرًا لتعثر حركة الشحن في الشرايين الحيوية. وعلى صعيد الأسواق المتقدمة، استمرار التضخم المستمر قد تسبب في عرقلة خفض أسعار الفائدة.
و تبقى مجموعة DHL القائمة في ألمانيا متحفظة -على الأقل- خلال النصف الأول من عام 2024. في حين أن انخفاض الشحنات داخل أوروبا أكثر عمقًا مما كانت الشركة تتوقعه، إلا أن التجارة العالمية "تصل إلى نهايتها، لذا ليس هناك نزول حر تمامًا كما شهدناه في منتصف العام الماضي"، وفقًا للرئيس التنفيذي (توبياس ماير) في مقابلة تلفزيونية مع بلومبرغ.
وقد تم اختيار مؤشرات متعددة في مجال الشحن وحجم الصادرات للمراقبة. وللحصول على أدق مؤشر، تم قياس مدى اختلاف كل مؤشر عن المعدلات التاريخية. وستتحدث هذه البيانات في الوقت الحقيقي من محطة بلومبرغ حالما يتم الإبلاغ عنها.