المجهر - وكالات
أحيا زلزال تركيا وسوريا النقاش حول أهمية تكيف الدول ذات النشاط الزلزالي العنيف مع هذا النوع من الكوارث ومع قسوة الطبيعة، على غرار اليابان، التي باتت رائدة في هذا المجال خصوصا مع أبنيتها المضادة للزلازل ومع خفضها عدد الضحايا بشكل لافت.
وتعرف اليابان بأبنيتها المضادة للزلازل، حيث تفرض الحكومة معايير بناء تعتبر الأكثر صرامة في العالم، كما يتم تجديد البنايات مع مراعاة المخاطر الطبيعية التي تهدد البلاد.
وقال موقع "لاكراو" الفرنسي إن زلزال تركيا وسوريا الأخير أحيا التساؤلات حول مدى هشاشة المباني التي دمرتها الهزات العنيفة على جانبي الحدود، ما يذكرنا بأهمية احترام معايير البناء وفقا للنموذج الياباني.
واستفادت اليابان من خبرة طويلة الأمد في مجال مكافحة الزلازل ترجع لقرون.
إذ بدأت دراسات علم الزلازل منذ مئة عام خصوصا في أعقاب الزلزال الذي دمّر طوكيو في 1923 وخلّف أكثر من 100 ألف قتيل، حيث دمّرت الهزات غالبية المباني الغربية الطراز المبنية بالطوب وكذا المنازل الخشبية التقليدية.
وحدد التشريع المحلي في عام 1924 المعايير التي يجب مراعاتها في تصميم وبناء المباني الجديدة، وهو بمثابة أول تشريع هندسي في العالم يحدد معايير البناء التي تراعي النشاط الزلزالي.
وقال محمود القريوتي الباحث المتخصص في علم ورصد الزلازل، لوكالة "فرانس برس" إن هناك عدة خطوات تجسد الاستراتيجية اليابانية لمكافحة آثار الزلازل.
وأوضح أن الخطوة الأولى تتمثل بتقييم الخطر الزلزالي بمعنى معرفة الصدوع النشطة وأماكن الصفائح التكتونية بحيث يتم تقييم المخاطر لكافة المناطق وتحديد أكبر نشاط يمكن أن يحدث في المناطق المعنية بالدراسة، ثم معرفة خصائص ومميزات الأبنية والمنشآت بشكل عام وأماكن التجمعات السكنية لوضع خرائط تبين مواقع الخطر الزلزالي.
والخطوة الثانية هي "وضع سيناريوهات اعتمادا على أماكن الخطر الزلزالي وأيضا على أماكن التجمعات والمنشآت السكانية بحيث يمكن تطبيق تلك المخاطر على المناطق السكانية ومعرفة حجم التهديد الزلزالي".
وأشار إلى أنه "بالإضافة إلى ذلك هناك استراتيجيات توسع المدن وانتشارها في المناطق الأقل خطرا، بحيث يتم التركيز عليها والابتعاد قدر الإمكان عن مناطق الصدوع النشطة لأنه لا يمكن مطلقا منع النشاط الزلزالي لكن يمكن تخفيف مخاطره".
إجراءات أخرى
وتعتمد التجربة اليابانية على إجراءات هامة جدا أيضا، مثل صياغة تشريع هندسي لمقاومة آثار الزلازل بناء على دراسات زلزالية جيولوجية هندسية مختلفة، بحيث يتم تنظيم المعايير الهندسية والمتطلبات الواجب اتخاذها من الأطراف المعنية بما في ذلك مصممو الأبنية والمنشآت الهندسية أو المنفذون، والالتزام التام بهذه المعايير والخطوات حتى تكون المنشآت المختلفة تقاوم أفعال آثار الزلازل.
وهناك إجراءات أخرى تخص الأبنية حيث يتم إخماد الموجات الزلزالية أثناء حدود النشاط الزلزالي من خلال وضع مجسّات أو مصنّعات هندسية مختلفة على مستوى الأساسات وأماكن أخرى لجعل المبنى يتحرك بشكل يناسب الحركة الزلزالية حتى يتم إخماد تلك الموجات.
ونجحت هذه الإجراءات بشكل ممتاز بتخفيف الأخطار في اليابان ما أدى إما إلى انعدام الضحايا خلال حدود الزلازل أو سقوط عدد قليل جدا.
ويمكن تطبيق هذه الاستراتيجية على بلدان كثيرة من ضمنها تركيا وسوريا والمناطق ذات النشاط الزلزالي.
إقرأ أيضًا: أدهم النابلسي يكشف سبب اعتزاله.. “أنا بأفضل حال الآن”