الاثنين 25/نوفمبر/2024
عاجلعاجل

عزمي بشارة: واشنطن تريد استئناف التطبيع العربي- الإسرائيلي لا دولة فلسطينية

عزمي بشارة: واشنطن تريد استئناف التطبيع العربي- الإسرائيلي لا دولة فلسطينية

لخّص المدير العام لـ"المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" الدكتور عزمي بشارة النقاش الجاري تداوله عن مشروع أميركي للاعتراف بدولة فلسطينية مبهمة وغير محددة، بأنه كلام لا معنى له، لأن هدف واشنطن هو استئناف التطبيع العربي- الإسرائيلي الذي أوقفته عملية السابع من أكتوبر الماضي، لا تأسيس دولة فلسطينية.

ولاحظ في هذا السياق كيف أنه استُبدل أميركياً مفهوم إنشاء الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، بالاعتراف بـ"دولة" لا يُشار إلى حدودها ولا شكلها من دون الإحالة إلى الاحتلال حتى.

وعن توقعاته الخاصة باجتياح رفح، أعرب بشارة عن قناعته بأن إسرائيل لن توقف عدوانها على غزة إلى أن تقول "إننا وضعنا أرجلنا في كل بقعة" من القطاع، وأبدى تشاؤمه من أن حكام تل أبيب باتوا يطرحون عودة الغزيين إلى وسط وجنوب غزة "وهذا هدفه تفريغ رفح" بحسب المفكر العربي.

أما على الصعيد الفلسطيني الداخلي، فقد أكد بشارة على ضرورة أن تميّز حركة "فتح" نفسها عن السلطة الفلسطينية وأن تضع يدها بيد المقاومة لإقامة قيادة فلسطينية موحدة تواجه ما يُخطط للفلسطينيين في إطار مشاريع "اليوم التالي" مثلما يطرحها مسؤولو إسرائيل وأميركا.

واستبعد بشارة، في حوار أصبح أسبوعياً ثابتاً تقريباً معه منذ بداية العدوان على غزة، على شاشة "التلفزيون العربي" من مدينة لوسيل في دولة قطر، أن تكون هناك خطة أميركية مكتوبة سبق لصحيفة "واشنطن بوسط" أن تحدثت عنها الأسبوع الماضي في إطار الاعتراف بدولة فلسطينية بعد توقف الحرب على غزة مقابل استئناف التطبيع العربي- الإسرائيلي الذي أوقفته حرب السابع من أكتوبر.

ورداً على سؤال عن هذه "الخطة"، اعتبر بشارة أن هناك أفكاراً أميركية يطرحها أركان مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض، لا خطة مكتوبة، همّها التطبيع الإسرائيلي- العربي في المنطقة، "وهم يعرفون أن هذا صار مستحيلاً من دون العودة إلى حل القضية الفلسطينية لذلك يتحدثون عن الدولة الفلسطينية لفظياً بشكل هلامي غير محدد من دون زوال الاحتلال" على حد تعبيره. ووصف بشارة حديث الاعتراف بـ"دولة فلسطينية" بأنّه لا معنى له.

وتوقف عند حقيقة أنه فجأة "استُبدل مفهوم إنشاء دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران بما يسمى الاعتراف بدولة فلسطينية"، ورأى أن هذا "يجب أن يُفضح عربياً بدل التواطؤ معه ليكون الكلام عن إقامة دولة فلسطينية بدل الاعتراف بدولة غير موجودة".

وعن رفض الحكومة الإسرائيلية حتى هذا السقف، أجاب بشارة أن منطق الإسرائيليين يقوم على ترك الفلسطينيين لهم وحدهم لذلك قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أخيراً إن كل شيء يُتفق عليه بمفاوضات إسرائيلية فلسطينية "من دون شروط مسبقة"، أي أن الأقوى يفرض ما يريده طالما أن الشروط المسبقة الضرورية لأي مفاوضات هي زوال الاحتلال، وفق تعبير مدير "المركز العربي".

ونبه من أنه لو كان الحديث عن إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران، مثلما كان يحصل منذ خريطة طريق جورج بوش الابن (2002) والرؤساء الأميركيين الذين خلفوه، لكان ممكناً أن يكون هذا الأمر تطوراً، لأن السلطة عندها تتخذ مكانة دولة في الأمم المتحدة وهذا قد يعطيها أدوات أفضل في المؤسسات الدولية بصفتها دولة واقعة تحت الاحتلال، "لكن ما يُطرح لا علاقة له بهذا"، وفق كلام بشارة.

ورداً على سؤال حول أداء الشعب الفلسطيني وقواه السياسية، أشار بشارة إلى أن ما يقدمه الشعب الفلسطيني "عظيم بقدرة هائلة على الصبر وتحمل الشدائد وتحمل نتائج أفعال لم يُستشر فيها، المسؤول عنها هو الاحتلال".

أما القوى السياسية، فأداؤها لا يزال محدوداً بحسب وصف ضيف "التلفزيون العربي". عسكرياً، قوى المقاومة أداؤها "أثار اندهاش العالم كله وإسرائيل متفاجئة جداً منه" برأي بشارة، لكن "يبقى الأهم إقامة مرجعية وطنية موحدة للشعب الفلسطيني".

واستفاض في التذكير بكيفية قضاء السلطة الفلسطينية على منظمة التحرير الفلسطينية، الإطار الجامع سابقاً للشعب الفلسطيني في فلسطين وفي الشتات، وجزم بشارة بأن إقامة قيادة موحدة اليوم في ظل حرب الإبادة أصبحت حاجة وجودية، ولفت إلى أن التمايز بين السلطة وحركة فتح ضروري "وضروري أن يتعمق وإلا فالمطروح تكرار تجربة أوسلو واستنساخ تجربة سلطة رام الله في غزة".

وأعرب عن أسفه لأن هناك تنافساً في بعض دوائر السلطة الفلسطينية للعودة إلى إدارة قطاع غزة وحذّر من أنه تنشأ عن ذلك شبكة مصالح تجعل الناس تقبل بالواقع الجديد وتصبح القضية الوطنية ثانوية. وفي مشروع توحيد القيادة الفلسطينية في إطار جامع قد يكون منظمة التحرير أو غيرها.

كما شدد بشارة على أنه لا مشكلة في بقاء السلطة لكن لإدارة الشؤون اليومية للناس فقط بلا دورٍ سياسي هي عاجزة عن تأديته بسبب ربطها بموجب أوسلو بمهمة حماية أمن إسرائيل. واختصر جوابه على هذا الموضوع بتساؤل حرفيته: هل تضع فتح يدها بيد المقاومة لإعادة توحيد القيادة الفلسطينية بعيداً عن السلطة؟