أفاد تقرير حديث أن جماعة الحوثيين تواصل استغلال المهاجرين الأفارقة الذين فرّوا من ويلات الحروب والجوع والجفاف في بلدانهم، واختاروا اليمن كوجهة جديدة، حيث بات أولئك المهاجرين عرضة للاضطهاد على يد الجماعة، التي حولتهم إلى أدوات لتحقيق أهدافها العسكرية والسياسية.
وأوضح التقرير الذي أصدره مركز اليمن والخليج للدراسات أن اليمن لطالما كان محطة عبور للمهاجرين الأفارقة وملاذا آمنا لهم إلا أن الانقلاب الحوثي وتفاقم الصراع حوّل البلاد إلى مكان مليء بالمخاطر، حيث يتعرض المهاجرون هناك لأسوأ أنواع الانتهاكات.
وذكر التقرير أن اليمن تحتضن ما بين 200 ألف و308 ألف مهاجر أفريقي، معظمهم من إثيوبيا (88%)، يليهم الصوماليون (12%). بحسب تقديرات الأمم المتحدة، مضيفا "ولكن بسبب سيطرة الحوثيين على معظم المناطق الشمالية، أصبحت أوضاع هؤلاء المهاجرين أكثر سوءًا، حيث يتعرضون للاعتقال القسري، التجنيد الإجباري، والتشريد".
وأكد التقرير أن جماعة الحوثيين منذ انخراطها في الصراع الإقليمي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بذريعة دعم غزة، أطلقت حملة تعبئة عامة لاستقطاب مقاتلين جدد، لكنها وجدت نفسها بحاجة إلى دعم بشري بعد تآكل صفوف مقاتليها نتيجة حربها الطويلة ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا. لافتا إلى أن الجماعة اتجهت لتجنيد مختلف الفئات، بما في ذلك موظفي الدوائر المدنية وطلاب المدارس، ولم تتوقف عند هذا الحد بل وسّعت دائرة استهدافها لتشمل المهاجرين الأفارقة.
وأردف: "تشير التقارير إلى أن الحوثيين أجبروا أكثر من 220 مهاجرًا أفريقيًا على الانخراط في دورات تدريب عسكرية ضمن حملة "طوفان الأقصى". وكثيراً ما يُخيَّر المهاجرون بين القتال في صفوف الحوثيين أو الترحيل القسري إلى مناطق محفوفة بالمخاطر".
وبحسب تقرير مركز اليمن والخليج للدراسات فإن هذا التجنيد القسري لا يقتصر على القتال، إذ يتم استغلال المهاجرين أيضًا في مهام لوجستية مثل نقل الأسلحة وحفر الخنادق وبناء المتاريس. علاوة على ذلك، تبث وسائل الإعلام الحوثية مشاهد لتشييع مقاتلين أفارقة سقطوا في المعارك، في محاولة لاستغلال هذه المشاهد لأغراض دعائية، مستشهدة بـ"تضحيات" هؤلاء المهاجرين في سبيل "القضايا العادلة".
وأشار إلى أن رحلة المهاجرين الأفارقة إلى اليمن محفوفة بالمخاطر، حيث يجبرون على قوارب متهالكة لعبور خليج عدن، مما يعرضهم لخطر الغرق، وعند وصولهم إلى اليمن، غالبًا ما يجد المهاجرون أنفسهم بلا مأوى أو مصدر دخل. مضيفا أن "48% من المهاجرين الأفارقة في اليمن يعيشون دون مأوى، بينما يعتمد 42% على وظائف موسمية و35% بلا أي مصدر رزق".
وتابع "لا تتوقف معاناة المهاجرين عند الظروف الاقتصادية الصعبة، بل تتعداها إلى الانتهاكات الجسيمة. يُحتجز الآلاف منهم قسرياً في معسكرات الحوثيين، حيث يتعرضون للتعذيب الجسدي والنفسي. كما تكررت تقارير عن حالات اغتصاب، وزواج قسري، واختفاء قسري للمهاجرين".
ولفت إلى أن إحدى أبرز الحوادث كانت في مارس/ آذار 2021، عندما قُتل ما لا يقل عن 60 مهاجرًا إثيوبيًا داخل مركز احتجاز يديره الحوثيون في صنعاء. حينها، أطلق عناصر الحوثي قذائف على المركز لإخماد احتجاجات للمحتجزين، مما أدى إلى اندلاع حريق هائل أسفر عن عشرات القتلى.
كما أكد التقرير بأن أوضاع المهاجرين في اليمن تفاقمت نتيجة الأزمة الإنسانية المتصاعدة في البلاد، حيث يعاني 80% من سكان اليمن من نقص في الغذاء والخدمات الأساسية، ما يجعل توفير احتياجات المهاجرين شبه مستحيل، وبينما يعيش اليمنيون أنفسهم تحت وطأة الفقر والجوع، يواجه المهاجرون صعوبات إضافية، منها التمييز والاضطهاد.
ودعا مركز اليمن والخليج للدراسات في تقريره إلى مزيد من الضغط على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية للتدخل وحماية المهاجرين الأفارقة في اليمن. منوهًا بالجهود التي تبذلها بعض المنظمات لتنظيم رحلات عودة طوعية للمهاجرين إلى بلدانهم.