صراع مصالح بين وكلاء الغاز يفجّر أزمة خانقة في تعز (تفاصيل)

صراع مصالح بين وكلاء الغاز يفجّر أزمة خانقة في تعز (تفاصيل)

أعلنت السلطة المحلية في تعز (جنوب غربي اليمن) حل أزمة الغاز المنزلي بعد الإفراج عن الشاحنات المحتجزة في لحج، مشيرة إلى أن الأزمة نتجت عن خلافات بين وكلاء شركة النفط.

وقال إعلام السلطة المحلية نقلا عن المحافظ نبيل شمسان إن جهودًا قادها القائد في قوات العمالقة حمدي شكري ساهمت في تجاوز العقبات ودخول المقطورات إلى المحافظة.

وشهدت مدينة تعز أزمة خانقة في مادة الغاز المنزلي استمرت لأيام، في مشهد يتكرر باستمرار إلا أنه هذه المرة لم ينشأ من نقص في الكمية، وإنما من صراع محطات ومصالح متضاربة، وسط صمت الجهات الرسمية في وضع الحلول ومحاسبة المعرقلين.

وبحسب معلومات خاصة اطلع عليها "المجهر" ووثائق رسمية، فإن أسباب الأزمة تعود إلى صراع محتدم بين وكيلين رئيسيين للغاز في المحافظة، هما مالك محطة الفرشة التي يديرها عبدالله الصبيحي وتتبها محطة "ساسكو" لمالكها سنان البعداني كطرف، وبين محطة الأخوين التابعة لعبدالكريم مهيوب نجل قائد (شرطة النجدة) كطرف ثاني.

وذكرت المصادر أن الطرفين يتنازعان على أحقية تموين مدينة تعز بمادة الغاز، رغم وجود اتفاق سابق رعته الشركة اليمنية للغاز في مأرب قضى بتوزيع المهام بين الطرفين، لتتولى محطة الفرشة تموين كبار المستهلكين بينما تقوم محطة الأخوين بتوزيع الغاز المنزلي للأربع المديريات المتمركزة وسط المدينة.

لكن الاتفاق لم يصمد طويلاً، ففي يونيو الجاري، تعرّضت محطة "ساسكو" التابعة للوكيل الأول، لاعتداء من قبل مسلحين مجهولين، نُهبت خلاله معدات وتعرض العمّال لاعتداء لتبدأ مرحلة جديدة من التوتر، اتهم خلالها "سنان" غريمه الجديد عبدالكريم بالوقوف خلف الحادثة، ورغم نفي الأخير، تكررت الحوادث واحتدم الصراع لتتجه الأزمة نحو التصعيد.

وتشير المصادر إلى أن الوكيل سنان قام بعد ذلك باحتجاز أكثر من 50 مقطورة غاز تابعة للوكيل الجديد في منطقة رأس العارة بمحافظة لحج عبر حلفاء قبليين، في خطوة تهدف للضغط من أجل إعادة ما تم نهبه من محطة ساسكو، وضبط الجناة.

بينما ردّ الطرف الآخر بحشد وكلاء الغاز وسائقي الشاحنات في وقفة احتجاجية غير مسبوقة أمام مبنى السلطة المحلية بشارع جمال وسط تعز.

وفي سياق متصل، أكد بيان نقابة وكلاء الغاز في تعز أن ما يجري هو "أزمة مفتعلة"، متهمًا جهات مسلحة مقربة من مالك محطة الفرشة بمنع الشحنات القادمة من مأرب عن طريق عدن من المرور، والضغط لإجبار الوكلاء على التموّن من محطته بالقوة.

وحمّلت النقابة السلطة المحلية وفرع شركة الغاز كامل المسؤولية عن تفاقم الأزمة، مؤكدة أن الوضع المعيشي في تعز لا يحتمل مزيدًا من العبث.

وأشار البيان إلى أن عدداً من المحطات الوهمية مدرجة في كشوفات شركة صافر وتحصل على حصص منتظمة من الغاز، دون أن يظهر لها أثر حقيقي على الأرض، وسط معلومات غير مؤكدة عن تهريب هذه الكميات إلى مناطق سيطرة الحوثيين أو القرن الإفريقي، عبر مسارات جانبية كخط صنعاء - الضالع أو سواحل المخا.

من جهتهم، قال سائقو شاحنات الغاز خلال احتجاجهم أمام مبنى محافظة تعز، إنهم اضطروا للقيام بوقفات تصعيدية بعد أن فشلت جميع محاولاتهم لمقابلة مسؤولي السلطة المحلية، في ظل "تجاهل تام" من مدير فرع شركة الغاز بلال القميري، الذي وصفه عدد من المشاركين بأنه "منحاز" لأحد طرفي الصراع بسبب علاقات ومصالح مشتركة.

وقالت مصادر مطلعة إن الشركة اليمنية للغاز في مأرب، تدرس إمكانية تفويض وكيل ثالث لتزويد المدينة بالغاز إذا لم يلتزم الطرفان باتفاق التهدئة ورفع الاعتصام والإفراج عن الشحنات.

وفي هذا السياق، وجهت الشركة اليمنية للغاز خطابات رسمية إلى وزارتي الدفاع والداخلية لاتخاذ إجراءات صارمة بحق المتسببين، كما استدعت القيادات الأمنية في تعز للاستماع إلى روايات الأطراف المتنازعة، وسط تحذيرات من أن استمرار الوضع قد يخرج عن السيطرة.

وبدوره، يؤكد أحد موظفي فرع شركة الغاز في تعز - رفض الكشف عن اسمه - أن الفرع تواطأ بشكل واضح في الأزمة، ولم يقم بدوره في ضبط الوضع أو اتخاذ قرارات حاسمة، متهماً الإدارة بالازدواجية والتقاعس عن حماية مصالح المواطنين.

يشار إلى أن أسعار الغاز في مدينة تعز، شهدت قفزات متتالية في السوق السوداء وسط شكاوى من انتشار محطات عشوائية تتلاعب بالأسعار، في ظل توقف عدد من المحطات الرسمية عن الضخ بسبب الأزمة.

والمفارقة التي تثير غضب المواطنين، أن مادة الغاز ليست منعدمة فعليًا وإنما تُمنع من الوصول إليهم في وقت تعاني فيه المدينة من حصار جزئي منذ 2015م، وتعيش أوضاعًا معيشية صعبة، وسط غياب شبه تام لموقف حازم من الحكومة، والشركة الممولة، والسلطة المحلية.