تصاعد التوتر مجددًا بين القطاع التجاري وجماعة الحوثي، عقب إعلان الجماعة عن قرارات جديدة تقضي بتقييد الاستيراد ورفع التعريفة الجمركية على عدد من السلع، تحت ذريعة "تشجيع الصناعات المحلية"، وهو ما قوبل برفض واسع من رجال الأعمال والغرفة التجارية في صنعاء، التي أصبحت تحت سيطرة الحوثيين بعد مواجهة مع القيادة المنتخبة.
وفي بيان رسمي هو الأول منذ سيطرة الجماعة على قيادة الغرفة، رفضت الغرفة التجارية والصناعية بصنعاء قرار رفع الجمارك ومنع استيراد بعض السلع، معتبرة أن هذه الخطوة ستؤدي إلى مزيد من الأعباء على المواطنين، وتؤجج الغلاء، وتشل الحركة التجارية، وتدفع رؤوس الأموال الوطنية إلى الهجرة.
وخلال اجتماع عُقد لمناقشة القرار الحوثي الصادر عن وزارات المالية والاقتصاد والصناعة والاستثمار، أكد التجار رفضهم القاطع للآلية الجديدة في المنافذ الجمركية، واصفين هذه السياسات بأنها غير مدروسة وخانقة للاقتصاد، وتؤسس لاحتكار السوق وتدمير روح المنافسة.
وأكد البيان أن الغرفة التجارية تقف في صف المواطن والتاجر على حد سواء، وأن منع أو تقييد الاستيراد بحجة وجود بدائل محلية هو قرار تعسفي، خاصة أن معظم المنتجات اليمنية تعتمد على مواد خام مستوردة، ولا تزال تفتقر إلى الجودة المطلوبة.
وأضاف: "توطين الصناعات لا يكون بمنع المنافسة وفرض المنتج المحلي بالقوة، بل بتحسين الجودة ومنح المستهلك حرية الاختيار".
وفي السياق ذاته، يقول عبد الله محمد، العامل في القطاع الصناعي، لـ "الشرق الأوسط" إن الصناعة اليمنية تعاني من مشكلات مزمنة أبرزها الانهيار الأمني والسياسي، وانعدام البنية التحتية، وانقطاع الكهرباء، ورداءة الطرق، وتدهور الخدمات في الموانئ والمطارات.
وأضاف أن أغلب المواد الخام المستخدمة في التصنيع مستوردة، وهو ما يجعل القطاع الصناعي عرضة لتقلبات الأسواق العالمية وتكاليف باهظة نتيجة تضخم العملة وانهيار النظام المصرفي، في حين تغيب برامج التدريب والتأهيل، وتزداد هجرة العمالة الماهرة، مما يهدد مستقبل هذا القطاع.
من جهته، اعتبر رجل الأعمال محمد الصريمي أن قرارات الحوثيين تمثل "احتكارًا محرّمًا شرعًا وقانونًا"، وتحول السوق إلى بيئة طاردة للاستثمار، مشيرًا إلى أن تقنين الحصص ومنع الاستيراد الحر يضرب مبدأ العدالة الاقتصادية، ويزيد من معاناة المستهلك.
وبحسب القرار الحوثي، فإنه سيتم حظر استيراد السلع التي يوجد لها بديل محلي يغطي السوق بشكل كامل، بدءًا من أغسطس/آب المقبل، وتشمل القائمة: الألبان والعصائر غير الطبيعية، المياه المعلبة، المناديل الورقية، الإسفنج الجاهز، الأعمدة الحديدية، والمنتجات البلاستيكية والجنابي (الخناجر) وغيرها.
كما فُرضت تعرفة جمركية مقطوعة على سلع لا تتوفر لها بدائل محلية، مثل لب المانغو، صلصة الطماطم، العصائر، السكر، حفاضات الأطفال، البقوليات، الحلاوة الطحينية، الكراتين، الشنط، البلاط، المخبوزات والمعجنات الجاهزة.
ويحذر مراقبون اقتصاديون من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تضخم إضافي في الأسعار، وانخفاض حاد في القوة الشرائية، وخروج مزيد من رؤوس الأموال الوطنية نحو مناطق أكثر أمانًا واستقرارًا، وسط بيئة اقتصادية متدهورة، ونظام مالي معطّل، وسوق يتجه تدريجيًا نحو الاحتكار والتقنين القسري.
ويأتي ذلك في وقتٍ تشهد فيه العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين موجة غلاء غير مسبوقة، وعجزًا متزايدًا لدى المواطنين عن تلبية احتياجاتهم الأساسية، وسط اتهامات للجماعة بتحويل القرار الاقتصادي إلى أداة للهيمنة السياسية والإثراء غير المشروع.
ودعت الغرفة التجارية كافة الجهات المعنية والفاعلين المحليين والدوليين إلى الضغط لوقف هذه السياسات العشوائية، والعمل على استعادة دور المؤسسات الاقتصادية بعيدًا عن التسلط والجباية القسرية، من أجل الحفاظ على ما تبقى من بيئة الاستثمار والتجارة في البلاد.
تابع المجهر نت على X