الاثنين 16/سبتمبر/2024
عاجلعاجل

مواد تمييزية ضد المرأة في القانون اليمني (تقرير خاص)

مواد تمييزية ضد المرأة في القانون اليمني (تقرير خاص)

تعتبر القوانين ميزان عدالة تطبق على كل شرائح المجتمع دون استثناء وتمييز ، حتى تخرج من مسارها وهدفها القائم على العمومية، لكن هناك مواد في القانون اليمني تمييزية ضد المرأة جعلت حقوقها تذهب أدراج الرياح.

المرأة في القانون

ما يدل أن هناك تهميش لحقوق المرأة اليمنية ، المادة (42) من قانون الجرائم والعقوبات ،والتي نصت “دية المرأة نصف دية الرجل، وأرشها مثل أرش الرجل إلى قدر ثلث دية الرجل وينصف ما زاد، ويعتمد في تحديد نوع الإصابة على تقرير من طبيب مختص أو أهل الخبرة، وإذا طالت الإصابة أو سرت إلى مالم يقدر أرشه؛ فيلزم حكمه بما تراه وتقدره المحكمة”، فالمادة هذه تعتبر مخالفة لمبدأ المساواة الذي ينص عليه الدستور اليمني.

والمادة(20) من قانون الأحوال الشخصية رقم 20 لسنة 1992 جاء فيها ،“يصح أن يتولى عقد الزواج عن طرفيه شخص واحد ينطق بصيغة الإيجاب والقبول في مجلس العقد”؛ ففي هذا النص تغييّب لحق المرأة في حضور عقد قرانها، وبالتالي يمكن لوليها الذكر أن يزوجها دون علمها لمن يرغب وفقًا لمزاج ولي أمرها.

كما تنص المادة (156) من القانون نفسه على أنه “لا يحكم للزوجة بأكثر من نفقة سنة سابقة على المطالبة القضائية ما لم يتفق الزوجان على خلاف ذلك”.

يعتقد المحامي عبدالعليم حمادي، إن المادة (42) من قانون العقوبات تعتبر  قصور وتمييز واضح ضد المرأة ،مطالبًا بضرورة إعادة تصحيح تلك النصوص القانونية فدية المرأة كدية الرجل لا نصف دية الرجل.

أما المادة (20) من قانون الأحوال الشخصية ، يشير عبدالعليم، أنه يحق لولي المرأة عقد النكاح ، لكن يجب على الأمين الشرعي اخذ موافقة المرأة قبل العقد، مؤكدً، أن الكثير من اولياء الامور يعقدون دون استشارة المرأة بل وبعض الأحيان تزوج كرهًا برجل لا يناسب أن يكون شريك حياتها.

وفي المادة (156) يرى المحامي عبدالعليم ، أن تلك المادة  مخالفة للدستور بل وتعتبر محل  بطلان أمام الدائرة الدستورية في المحكمة العليا، مضيفًا قوله، يجب دفع نفقة المرأة إذا كانت مهجورة، وغير ذلك يعتبر حرمان المرأة من حقها في النفقة الشرعية من زوجها الذي يهجرها سنوات ويقصر حقها في المطالبة بنفقة سنة واحدة فقط، وحرمانها من حقها في النفقة للسنوات الماضية.

ويعتبر المحامي حسان ، أن نص المادة (156 ) تعتبر تمييزية ضد المرأة حرمتها من حقها في النفقة الشرعية طوال سنوات الهجران وليس سنة فقط .

من جهته, يرى المحامي والناشط الحقوقي مختار الوافي ، أن هناك تمييزًا بيّنًا في حق المرأة اليمنية من المشرع ،فمثلا المادة (71) في قانون الأحوال الشخصية رقم 20 لسنة 1992،  تم حذفها كاملاً في التعديل الجديد للقانون، والتي كانت تنص على أنه إذا طلق الرجل زوجته وتبين للقاضي أن الزوج متعسف في طلاقها دون سبب معقول، وأن الزوجة سيصيبها بذلك بؤس وفاقة؛ جاز للقاضي أن يحكم لها على مطلقها بحسب حالة ودرجة تعسفه بتعويض لا يتجاوز مبلغ نفقة سنة لأمثالها فوق نفقة العدة، وللقاضي أن يجعل دفع هذا التعويض جملة أو شهريًا بحسب مقتضى الحال.

تمييز واضح

التمييز القانوني ضد المرأة اليمنية وحرمانها من حقوقها المشروعة، كالزواج المبكر والإكراه ، وتهميشها وحرمانها من حقوقها المشروعة،  اثر سلبًا على حياتها النفسية والصحية.

 ويؤكد الوافي ، أن المادة (71) في قانون الأحوال الشخصية رقم 20 لسنة 1992، تم الغاؤها في القانون المعدل، لان ذلك يعتبر خطأ في حرمان المرأة المطلقة تعسفًا من حقها في التعويض.

ويضيف الوافي، "كنا نتوقع أن يتم رفع سقف التعويض، لكن فوجئنا بإلغاء المادة دون مبرر، وإلغاؤها هو تمييز ضد المرأة اليمنية وحرمانها من حقها في التعويض من الطلاق التعسفي".

القانون والعنف الأسري

تقول الناشطة الاجتماعية مها عون “إن التمييز القانوني يعزز الصورة النمطية الجنسية الضارة، ويقود النساء إلى أدوار محدودة وتقليدية، مما يؤدي إلى تقليل مشاركتهن في الحياة العامة، وتقليل نفوذهن في المجتمع، كما يضع التمييز القانوني النساء في مواقف خطيرة من الناحية الصحية، على سبيل المثال، زواج القاصرات الذي يؤدي إلى مشكلات صحية وجسدية ونفسية خطيرة.

وتضيف عون أن القانون اليمني لا يعتبر العنف الأسري جريمة صريحة، وينظر إليه عادةً على أنه” مسألة خاصة”، مما يضع النساء المتضررات من العنف الأسري في موقف صعب. كما ينبغي أيضًا ذكر قضية الحضانة؛ حيث يتم منع الأمهات في كثير من الأحيان من الحصول على حضانة أطفالهن بعد الطلاق، أو يُمنحن حقوق زيارة محدودة، مما يؤثر على العلاقة بين الأم والطفل”.

وفي هذا الصدد تقول مدير اتحاد نساء اليمن بمحافظة تعز جنوب غرب البلاد، صباح أحمد،: إن القانون لا يحمي المرأة من العنف الزوجي أو العنف الأسري، وإذا تم تطبيق عقوبات على الزوج المعتدي فإنها لا تكون كافية وغير رادعة بما يكفي لمعاقبة العنف الذي تعرضت له المرأة.

موقف الدستور

يعتبر الدستور اليمني أعلى الهرم في المنظومة القانونية والتي يفترض أن تخضع لها كافة القوانين خاصة بما يتعلق في  المساواة وعدم التمييز ضد المرأة ، فالدستور اليمني اعطى المرأة حقها في جميع المجالات ،وجل الجنسيين متساويين في الحقوق والواجبات،

فالمادة 41 من الدستور اليمني والتي تنص ، أن المواطنين جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة. والمادة 31 نصت أيضاً ، أن “النساء شقائق الرجال، ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة، وينص عليه القانون”. المادة (24): تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًا وثقافيًّا وتصدر القوانين لتحقيق ذلك.

الدستور اليمني لم يقتصر فقط على التأكيد على المساواة بين الجنسيين، بل طالب الدولة بجعل ذلك التزامًا قانونيًا. ولن يتحقق التكافؤ في الفرص بين الجنسيين إلى بالقضاء على التمييز ضد المرأة، ويجب على الدولة في حال ظهور أي تمييز، أن تصدر قوانين تجرم التمييز وتعتبره عملًا مجرّمًا يعاقب عليه مرتكبه.

ولكي تضمن المرأة اليمنية حقوقها المشروعة يجب، أن تخضع تلك المواد القانونية التمييزية إلى التعديل حتى يكون هناك مساوة بين الجنسيين، بحسب المحامي عبدالعليم حسان.

ويشير حسان، إلى وجوب نشر الوعي القانوني ومعرفة المجتمع بحقوقهم المكفولة في الدستور  حتى يعلم المجتمع بان الدستور لم يظلم أو يميز بين الرجال والنساء وانما هناك بعض من المواد التي يجب أن تخضع لتعديل.

ويختم حسان قوله، لم يكن القانون وحده من يهمش المرأة ويحرمها من حقوقها، بل أن العادات والتقاليد السلبية، والتي تسيطر على المجتمع ، أحرمت المرأة اليمنية أيضًا من ابسط حقوقها التي كفلها الدستور والقانون.