الاثنين 16/سبتمبر/2024
عاجلعاجل

حصار المنافذ.. الحوثيون يتهربون من فتح طرقات تعز ومأرب (تقرير خاص)

حصار المنافذ.. الحوثيون يتهربون من فتح طرقات تعز ومأرب (تقرير خاص)

في كل مرة يطالب اليمنيون بفتح المنافذ والطرقات المسدودة منذ البدايات الأولى للحرب في اليمن، يتنصل الحوثيون بطريقة أو بأخرى عن فتح المعابر المغلقة على أطراف المدن أمام المسافرين والمرضى، كما يرفضون التخفيف عن معاناة المواطن.

وخلال الأيام الماضية، جددت الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، دعوتها لفتح الطرقات أمام المسافرين وحركة التجارة، ورفع المعاناة على اليمنيين بعد تسع سنوات من انقلاب جماعة الحوثي على الدولة ومؤسساتها، ونهب إيرادات البلد.

 

مبادرة حكومية

 

وبادرت الحكومة اليمنية بفتح الطريق الرابطة بين مدينتي مأرب، وصنعاء العاصمة المختطفة من قبل الجماعة، حيث تربط الطريق التي أعلنت الحكومة فتحها من جهتها، بين مدينة مأرب، شرق العاصمة صنعاء، ومدينة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وهي طريق يبلغ طولها 172 كيلومتراً، وأُغْلِقت منذ سعي الجماعة للسيطرة على مدينة مأرب في عام 2015.

وجاءت هذه التحركات، تحت ضغط المطالب الشعبية لإنهاء معاناة المسافرين بين المحافظات اليمنية، وبعد تشاور مع القيادة السياسية والعسكرية في مأرب، حيث افتتح عضو مجلس القيادة الرئاسي، سلطان العرادة الطريق الرابطة بين مدينتي مأرب وصنعاء، وطالب الجماعة الحوثية، بخطوة مماثلة لتسهيل تنقلات المواطنين، داعيًا الجميع للتعاون في فتح الطرقات الرئيسية من أجل مصلحة الشعب، وبعيداً عن حسابات الحرب والسلام والمفاوضات.

لكن هذه المبادرة، قوبلت بالرفض من قبل الجماعة الحوثية التي أظهرت تملصها من فتح الطرقات، من خلال رد علي طعيمان، المعين من جماعة الحوثي في منصب محافظ مأرب، بإعلان مبادرة لفتح طريق أخرى فرعية بين المدينتين تمر عبر تضاريس جبلية وعرة، ويستغرق قطع المسافة خلالها أكثر من 7 ساعات، وهي طريق -صرواح -مأرب.

وحسب المعلومات، فإن مبادرات فتح الطرقات تكررت كثيرًا خلال السنوات الماضية، لكن جماعة الحوثي تشترط اشتراطات تعرقل أي عمل لفتح الطرقات وتخفيف معاناة السكان.

 

تنصل حوثي

 

من مأرب إلى مدينة تعز، جددت السلطة المحليّة، دعوة جماعة الحوثي الإرهابية، لفتح طريق (المدينة - الحوبان) وبقية الطرقات الرئيسية، ورفع الحصار عن المدينة التي تعاني مجاعة إنسانية.

يقول الصحفي طه صالح لـ "المجهر" إن الحكومة استجابت لدعوات الرأي العام بوساطة الأمم المتحدة، وفتحت من جانبها، مؤكدًا أن الشرعية لا تفرض أي حصار، والواقع أن الطرق مفتوحة، كونها لا تزرع الألغام ولا يوجد قناصات تستهدف المدنيين، والجميع يعرف أن الحصار من قبل طرف الحوثيين.

ويضيف صالح، أن المنافذ من جهة مناطق الشرعية، عادة تكون مردومة بأكوام تراب، كإغلاق عسكري بسبب هجمات الحوثي، وهذا لا يعتبر فرض حصار، مشيرًا إلى أن الحصار يفرض بكمية الألغام المزروعة بالعبوات الناسفة بالقناصة المتمركزين على التباب المطلة على هذه المنافذ سوى في تعز أو في بقية المحافظات".

ويؤكد أن جماعة الحوثي تتعلل كعادتها، محاولة الالتفاف على هذه المبادرات "رفضوا فتح المنافذ الرئيسية وذهبوا لفتح منفذ غير رئيسي، وشقوا طرق جديدة لأهداف عسكرية ومنها لتغطية على أنها تقوم بفتح المنافذ".

 

هروب من المسؤولية

 

ورفضت جماعة الحوثي الإرهابية فتح طريق الحوبان المنفذ الرئيسي لمدينة تعز عبر عقبة منيف وجولة القصر، والذي تواصل الجماعة إغلاقه منذ تسع سنوات.

وعطفًا على إعلان السلطة المحلية بتعز التابعة للحكومة المعترف بها فتح طريق الحوبان من جانب واحد، ردت جماعة الحوثي بمقترح فتح خط فرعي (الخمسين - الستين).

وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، إن الطريق الذي اقترحه الحوثيون مجردُ خطٍ فرعي وترابي لا يصلح لمرور الناقلات وحافلات المسافرين، متهما الجماعة برفض مبادرة الحكومة فتح طريق الحوبان.

من جهته، اتهم رئيس الوفد الحكومي في مفاوضات فتح طرق تعز عبد الكريم شيبان، مليشيا الحوثي بالمخادعة واقتراح فتح طرقٍ تخدم أغراضَها العسكرية بعيدًا عن خدمة المواطنين وتسهيل تنقلاتهم وبضائعهم.

وأضاف شيبان في بلاغ صحفي خلال زيارته لطريق عقبة منيف المغلقة شرق مدينة تعز "لاتزال مليشيا الحوثي تفكر بطريقة القطران، ومخادعة الناس بإعلانها فتح طريق بعيدة كل البعد عن خدمة المواطنين، وتسهيل تنقلاتهم وبضائعهم، منوها الى إن الطرق الرئيسة المؤدية إلى مدينة تعز أو الخارجة منها يعرفها كل مواطن وكل يمني".

واعتبر رئيس لجنة فتح الطرقات أن الاستعراض والمزايدة الإعلامية سلوك سيئ نشأت عليه جماعة الحوثي، وأنهم يكذبون كما يتنفسون. وأوضح شيبان "الإعلان من جهتنا كان واضحا وضوح الشمس بفتح طريقين معروفين، - طريق حوض الأشراف، عقبة منيف، وطريق المطار القديم، حذران، والأهم أنهم قد وقعوا عليهما بمحضر تنفيذي تم بين الطرفين، لكنهم عند التنفيذ نكثوا كعادتهم، ولم ينفذوا ما وقعوا عليه".

وأشار إلى أن جماعة الحوثي لم تتجاوب مع مقترح المبعوث الأممي، وكل مواقفها منذ تسع سنوات تقريبا تتراوح بين الاستعراض الإعلامي، والمناورات التي لا تفضي إلى شيء، حد وصفه. وطالب رئيس لجنة فتح الطرقات المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لفتح الطرقات في تعز، كونهم لا يفون بوعودهم ولا يهتمون لمعاناة المواطنين.

 

معاناة مستمرة

 

تواصل جماعة الحوثي، حصارها الخانق لجميع المنافذ على أطراف المدينة منذ انقلابها، حيثُ يتجرع ملايين من المواطنين معاناة مشقة السفر، إلى جانب الفقر والمرض، وغياب الرعاية، في ظل تجاهل أممي لرفع الحصار وفتح الطرقات.

وفي هذا السياق، كتب الصحفي غمدان اليوسفي، في حسابه بمنصة "إكس": إن ‏"مبادرات فتح الطريق من جانب الدولة، هو تصرف دولة بما تحمله كلمة (دولة) من مسؤوليات تجاه الناس.. محافظ مأرب ومحافظ تعز قاما بما يتوجب على رجال الدولة أن يقوموا به".

وأضاف: "اليوم ينكشف الحوثي أمام الناس الذين يدعي أنه يراعي مصالحهم، وتظهر الحقيقة أنه رجل خائف من تلبية مطالب الناس، ففتح الطرقات حق، وهناك حقوق أخرى ستجره إلى مربع لا يجيده".

وأشار: "الحوثي يجيد صناعة الألغام وإرسال الطائرات المسيرة وقنص الاطفال وغيرها من المواهب القاتلة، أما مهمة البناء والرواتب والحقوق فهذه من أعمال الدول، وهو مقتنع أنه ليس دولة، وبالتالي سيظل يتصرف كخاطف وزعيم عصابة".

وتابع: "غزة سيتوقف فيها الحرب مهما طال الأمد، وسيبدأ الحوثي بالبحث عن حرب جديدة ليشرب من دم ضحاياها، وينصب شماعته المستدامة، ليعلق عليها قمصان الهروب من المسؤولية".

ويرى مراقبون بأن رفض فتح خطوط النقل من قبل جماعة الحوثي، يفاقم العديد من العواقب الإنسانيّة وتردي الوضع المعيشي، حيثُ يتعرض السكان المحليون والنازحون لصعوبة في الحصول على مستلزمات غذائية وطبية.

وينص لدستور اليمني في المادة رقم (57) على أن حرية التنقل من مكان إلى آخر في الأراضي اليمنية مكفولة لكل مواطن، ولا يجوز تقييدها إلا في الحالات التي يبينها القانون لمقتضيات أمن وسلامة المواطنين وحرية الدخول إلى الجمهورية والخروج منها.

 

حصار متعمد

 

تتعمد جماعة الحوثي رفض كافة المبادرات لفتح الحصار، منذ إعلان المبعوث الأممي الخاص لليمن غروندبرغ في الثاني من أبريل 2022، هدنة لمدة شهرين، تكللت بإيقاف جميع العمليات العسكرية البرية والجوية والبحرية داخل اليمن وخارجه.

وتضمنت الهدنة فتح الطرق، وتشغيل مطار صنعاء، ودخول 18 سفينة من سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة خلال الفترة المحددة، إلا أن جماعة الحوثي استمرت برفض فتح الطرق الرئيسية في تعز.

وفي يونيو 2023، قدمت الحكومة الشرعية مقترح فتح المنافذ الرئيسة المؤدية إلى تعز إلا أن جماعة الحوثي رفضت المقترح، في ظل صمت أممي ودولي واضح.

وتكرر الحديث حول المبادرات طيلة السنوات الماضية، لكنها انتهت عبر افشال جماعة الحوثي كافة الجهود التي بذلتها الوساطات المحلية، التي قدمتها الحكومة لفتح الطرقات في (مأرب، تعز، الحديدة) والاتفاقات التي أُبرمت برعاية أممية لفتح الطرق، بما فيها اتفاق ستوكهولم 2018، والتي رفضت الجماعة تنفيذها، وذهبت لإعلان استعدادها فتح طرق مستحدثة وعرة وترابية وغير آمنة.

إلى ذلك, يعتقد رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح بتعز، أحمد عثمان، أن رد جماعة الحوثي على مبادرة فتح الطرقات الرئيسية، بمقترح فتح طرق فرعية ووعرة، يعد "هروب سخيف يكشف سياسة الجماعة في فرض كل ما من شأنه زيادة معاناة الشعب كسياسة راسخة ومتجذرة في عقيدة الإيذاء والتجويع والإرهاق لدى الجماعة التي تعتبر نهب الشعب وإرهاقه تقرب إلى الله وسياسة حكم".

وحسب حقوقيين فإن جماعة الحوثي الإرهابية، تتعمد تعذيب المواطنين في مختلف المدن اليمنية، وتسعى لخنقهم بالحصار، وغيرها من الأساليب القمعية، واستغلال القضايا الأخرى ومحاولة تصديرها كمبررات بهدف التنصل من المسؤولية الشعبية تجاه اليمنيين.