الخميس 21/نوفمبر/2024
عاجلعاجل

مديريات جنوب تعز.. لماذا تنشط خلايا الحوثيين في شريان المدينة المحاصرة؟ (تحقيق خاص)

مديريات جنوب تعز.. لماذا تنشط خلايا الحوثيين في شريان المدينة المحاصرة؟ (تحقيق خاص)

تظهر جماعة الحوثي بثوب الراعي لإخفاء صورة الذئب الذي يمثل مشروعها السلالي من خلال استغلال طبيعة المجتمع اليمني والظروف التي يمر بها للتغرير بالكثير من ضعفاء النفوس بغية تمير مخططاتها.

ويحاول الحوثيون إنعاش آمالهم في كسب الحاضنة المحلية بعدما انكشفت حقيقة مشروعهم التدميري، حيث تعتقد الجماعة أن الفرصة اليوم مواتية من بوابة التظاهر بمناصرة ودعم القضية الفلسطينية مستغلة بذلك الحرب الاسرائيلية على غزة.

وفي تحول واضح لمسار الحرب العسكرية في اليمن إلى حرب ناعمة طوعتها الهدنة الأممية بدأ الحديث مؤخراً عن اختراقات أمنية غير مسبوقة لخلايا حوثية في المديريات الجنوبية لمحافظة تعز جنوبي غرب البلاد.

ولا بد أن نشاط الخلايا الحوثية وضع السلطات المحلية وقوات الجيش والأمن والمجتمع أمام اختبار كبير لمواجهة ذلك كونه يهدد الأمن والسلم المجتمعي في المناطق المحررة بتعز.

وفي عملية بحث دامت أكثر من شهرين قام فريق "المجهر" بالتواصل مع مصادر مختلفة لجمع المعلومات المتعلقة بنشأة هذه الخلايا وتطور نشاطها، كما قمنا بالتدقيق في مدى صحة المعلومات من خلال تنفيذ نزول ميداني إلى تلك المناطق وإجراء عدد من اللقاءات بهدف الحصول على تفاصيل أكثر من شأنها أن تضعنا في حقيقة المشهد.

 

بؤرة الخلايا

 

اشتغلت جماعة الحوثي على زرع خلايا لها في المديريات الجنوبية لمحافظة ومنها مديرية الشمايتين والمواسط والمعافر أو ما كان يعرف بمناطق الحجرية بالإضافة لمنطقة الأقروض بمديرية المسراخ وبعض مناطق جبل حبشي وكذلك أجزاء من مديرية المقاطرة.

ويعتقد محللون عسكريون أن جماعة الحوثي تخطط للسيطرة على هذه المناطق المطلة على طريق السفن في البحر العربي وباب المندب، وفي كل الأحوال فقد كشفت شخصيات في الخلية أن الجماعة دفعت بهم لإغراق المنطقة بالفوضى والتوسع فيها لتتمكن بعد ذلك من تحقيق مخططاتها أيَّا كانت.

وتفيد المعلومات الواردة من الأجهزة الأمنية في محافظة تعز بأن أكثر من 600 شخصية نسقت معهم لزيارة محافظة صعدة خلال العام الجاري بهدف مبايعة زعيم الجماعة المدعومة من إيران عبدالملك الحوثي.

والمثير للريبة أن ما نسبته 48 % من إجمالي الشخصيات التي زارت صعدة هم من أبناء مديريات جنوب تعز، حيث بلغوا أكثر من 250 شخصية من مشايخ ووجهاء وشباب ومهمشين في المنطقة.

وقبل أكثر من عام على الزيارة كانت هناك عملية استقطاب واسعة طالت كثير من الشباب وسائقي الدرجات النارية لأخذ دورات طائفية في منطقة الحوبان شرق تعز والتي تخضع لسيطرة الحوثيين، وجرى اعتقالهم لدى عودتهم والتحقيق معهم وبعد ذلك تم الإفراج عنهم.

 

تنسيق الزيارة

 

يبرز التساؤل الأهم هنا عن كيفية استقطاب عدد كبير بهذا الحجم فلا بد أن هذه المهمة أخذت مدة زمنية طويلة إضافة إلى أهمية معرفة الشخصيات التي تولت مهمة التنسيق معهم.

وفي الواقع سبقت هذه التحركات الحوثية عمليات دعائية مدروسة ومركزة لاستهداف أبناء مديريات جنوب تعز عبر مجموعات واتساب مخصصة لهذا الغرض إلى جانب الاجتماعات واللقاءات التي كان يتم دعوتهم إليها.

وكلفت جماعة الحوثي مجموعة من أبناء هذه المناطق بمهمة الاستقطاب والعمليات الدعائية، وحصل "المجهر" على عدد من الأسماء أبرزهم القيادي الحوثي طارق سلام البناء، وهو محافظ عدن المعين من قبل الحوثيين.

وتولى القيادي البناء إدارة التوجيه المعنوي في هذه المهمة بالإضافة إلى أنه مكلف باستقطاب شخصيات في عدن، وتم تسليمه هذه المهمة لأهميتها بحكم أنه يحظى بثقة محمد علي الحوثي رئيس ما يسمى باللجنة الثورية.

ويليه القيادي الحوثي عفيف عقلان المذحجي مدير قسم بالحوبان معين من قبل الجماعة، ومراد الزريقي مسؤول حراسة سجن الصالح، بالإضافة إلى جميل المقرمي مراسل قناة المسيرة التابعة للحوثيين في تعز.

وإذاً فقد تواصلت جماعة الحوثي مع مشايخ ووجهاء مديريات جنوب تعز عبر مسؤوليها في هذه المديريات وكان جوهر الزيارة هو مبايعة زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي والتخطيط لإسقاط مناطقهم بيد الحوثيين وتوزيع المهام عليهم.

 

استقطاب مكثف

 

بالحديث عن المشايخ والأعيان الذين قاموا بزيارة محافظة صعدة فهناك قائمة طويلة حصل عليها "المجهر" وفي مقدمتهم الشيخ عبدالوراث القرشي، وهو من بيت السقاف إحدى الأسر الهاشمية وتم اعتقاله من قبل قوات الأمن في منطقة التربة.

ومن بين الشخصيات التي زارت صعدة القيادي عبدالواحد الجابري مسؤول مديرية المسراخ المعين من قبل الحوثيين، والقيادي أحمد سلطان السامعي المكلف بحشد مشايخ ووجهاء في مديرية سامع.

وبلغت عدد الشخصيات التي زارت صعدة من مديرية الشمايتين فقط (40) شخصا ومن بينهم " الشيخ احمد درهم عبدالله راجح، والشيخ خالد عبدالله حزام ومحمد عبده سيف ولبيب الزريقي " وشباب آخرون من مناطق مختلفة تم التحفظ عن ذكر أسمائهم لأسباب خاصة.

كما شملت الزيارة عناصر استخبارية مدربة تعمل لصالح الحوثي منذ أكثر من عشر سنوات، أبرزهم: "الشيخ عبده سيف، وعبدالواسع مهيوب قاسم الجابري، ويوسف صادق محمد عبده فارع، وعارف عبده عبدالله قحطان".

والمعلومات الأمنية التي حصل عليها "المجهر" تفيد بأن هذه الشخصيات تلقت دورات استخباراتية متخصصة، وصرفت لهم مستحقاتهم ورواتبهم كما تم تسليمهم رواتب بقية الخلايا الحوثية المتواجدة في المناطق المحررة والتي لم تكن ضمن الزيارة.

ومن بين المهام التي تقوم بها هذه الخلايا، رصد أُسر وأقارب أفراد الجيش الوطني في مناطق سيطرة الحوثيين والإبلاغ عنهم، ولتنسيق مثل هذه المهام عاد القيادي الحوثي المدعو عبدالواحد عبدالرب عثمان من صعدة بتكليف من قبل زعيم الجماعة ليكون وكيلا لمحافظة تعز في منطقة الحوبان رغم تواجده في قرية بلعان بمديرية المسراخ.

 

برنامج الزيارة

 

انطلقت رحلة المشايخ والأعيان إلى منطقة الحوبان تحت مبرر حضور عرس هناك ومنها إلى محافظة ذمار لزيارة مقبرة مخصصة لقتلى الحوثيين في الحرب، قبل أن ينطلقوا إلى محافظة صعدة أيام حسب إقرار بعض عناصر الخلية ممن تم القبض عليهم، في حين رفض بعضهم الموافقة على الزيارة بعد ملاحظتهم تعامل الحوثيين مع رفقائهم أثناء الدورات التي أقيمت لهم في الحوبان.

وفي الزيارة التي استمرت ثلاثة أيام، تحدث بعض عناصر الخلية لـ "المجهر" أن الوفد التقى بمسؤولين مقربين من زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي وجرى مناقشة ما أسموه "التصدي للعدوان والوقوف مع غزة".

كما تضمنت زيارة ضريح مؤسس الجماعة حسين بدرالدين الحوثي ووالده ومقابر قتلى الحروب الستة التي اندلعت في العام 2004م بالإضافة إلى إجراء لقاءات مع قيادات عسكرية تتبع المنطقة العسكرية الرابعة التابعة للحوثيين وزيارة مقبرة خاصة بقتلى الحوثيين في ذمار.

وتوزع الوفد إلى قسمين؛

  • الوفد الأول: تم التنسيق لهم في شهر رجب الماضي واستلم كل شخص مبلغ مائة ألف ريال قديم.

  • الوفد الثاني: ذهبوا في شهر شعبان واستلم كل شخص خمسون ألف ريالا، وكلا الوفدين استلموا كذلك كتب وملازم خاصة بالجماعة تتضمن معتقداتها ومشروعها السلالي.

وفي اللقاءات التي جرت مع قيادات حوثية في صعدة تم التنسيق مع الخلايا للاستمرار بالعمل والتفاعل مع فكر الحوثي ونشره في مناطق جنوب تعز، تحت مبرر مساندة غزة.

وتابع أحدهم: "وزعوا علينا بعض المهام مثل استقطاب أشخاص آخرين وزعزعة الأمن والاستقرار وافتعال قضايا وسط المجتمع إلى جانب مهام زرع الفكر الحوثي والصرخة".

 

توضيح أمني

 

بعد العودة من الزيارة قامت السلطات الأمنية والعسكرية باعتقال عدد منهم والتحقيق معهم وظلت لأكثر من شهرين دون التوضيح للإعلام عن أسباب الاعتقال، إلا ان قيادة اللواء 35 مدرع عقدت، الأسبوع الماضي، لقاءً جمع أعضاء من السلطة المحلية بمحافظة تعز وقيادة الجيش والأمن وممثلين عن الأحزاب وبعض مشايخ ووجهاء المناطق المستهدفة للحديث عن ذلك.

وجاء هذا التوضيح عقب حملة شنها الحوثيون على وسائل الأعلام التابعة لها ومواقع التواصل الاجتماعي لتهييج الرأي العام والتحريض ضد قوات الجيش والأمن في مناطق الشرعية بتعز بأن عمليات الاعتقال تمت بشكل تعسفي وبدون أسباب.

وضمن المبررات الحوثية أن الشخصيات التي تم اعتقالها هم وسطاء لتحرير أسرى من محور البقع وكتاف عددهم "1300" بدعوى ضرورة حضور مشايخ من مديريات التربة إلى الحوبان لاستقبالهم وضمانتهم رغم وجود لجان مختصة بالأسرى من الطرفين.

ونتج عن ذلك الافراج عن 11 شخصاً من أبناء مديريتي الشمايتين والمقاطرة دون غيرهما وهو ما يثير تكهنات عن نوايا الحوثي باستهداف النسيج الاجتماعي للمناطق الواقعة ضمن سيطرة الشرعية في تعز.

وتدعي جماعة الحوثي أن عملية الافراج تمت بوساطة الشيخ عبدالوارث القرشي وعارف الأديمي اللذين تم القبض عليهما على خليفة قضية زيارة صعدة، وبالرغم من اعترافهما بعدم مناقشة قضية الأسرى في الزيارة إلا أن الحوثيين استغلوا صمت الأجهزة الأمنية حينها لاتهام أمن الشمايتين باعتقال الوسطاء.

 

تدريب الخلايا

 

بدأت جماعة الحوثي قبل عامين تقريباً بعمليات استقطاب واسعة للشباب وتدريبهم على دورات طائفية في منطقة الحوبان، وجعلت هؤلاء المتدربين نواة لتشكيل الخلايا الموكلة بتنفيذ الخروقات الأمنية وافتعال الفوضى والتفجيرات في مناطق الشرعية بمحافظة تعز.

وفي الفترة الأخيرة توسع عمل الخلايا جنوب تعز لتصبح عمليات الاستقطاب تطال عدد أكبر من الشباب، وتولى هذه المهمة القيادي الحوثي المدعو عفيف عقلان بالتنسيق مع عدد من المشايخ في التربة أبرزهم الشيخ وسام سلطان المذحجي والشيخ مروان عبدالرقيب الشرجبي.

وبعد اعتراف بعض الشباب بالمشاركة في الدورات الحوثية، تحدث أحدهم لـ"المجهر" "ذهبنا لغرض أخذ بنادق والهروب بها" رغم أن الجماعة ترفض صرف السلاح إلا بعد التأكد من ولاءهم.

بعض الشباب المشاركين في الدورات ذهبوا دون التنسيق مع أحد وتم القبض عليهم أثناء عودتهم من الحوبان وكانت اعترافاتهم صادمة، فقد عبر المتهم "س . ب" عن ندمه بعدما اكتشف أن قيادات حوثية مارست الابتزاز ضد أبناء مناطقها في مديريات جنوب تعز.

ولدى لقاء فريق "المجهر" بالشباب الذين تم القبض عليهم، أكدوا أن بعض المشايخ والوجهاء تلقوا تهديدات من قيادات حوثية بمصادرة أملاكهم في صنعاء ومناطق سيطرتهم في حال رفضوا التعاون معهم.

كما مارست الضغوط على بعض الشباب من أجل التوسط لمن يتم القبض عليهم في النقاط التابعة للشرعية، خصوصاً مع من كانوا ينتسبون لألوية الجيش الوطني المتورطين بحضور الدورات في الحوبان.

ولا بد أن نوضح هذا النقطة على وجه الخصوص، فقد انسلخ بعض الشباب من الألوية المنتسبين لها من عزل المذاحج والأكاحلة وشرجب والربيصة وذبحان وجبل صبران وعزل أخرى، وقبل أكثر من عامين قاموا بإنشاء تكوينات عسكرية خاصة.

وظهر هؤلاء الشباب بأسلحة وتمويل مجهول المصدر ما أثار قلق الأجهزة الأمنية، ومن بينهم زكريا عبدالرقيب احمد سيف المحسوب على تنظيم القاعدة، ومؤخراً شارك بعضهم في الدورات الحوثية بالحوبان.

 

التنسيق الأمني

 

يبدو أن التطورات الأمنية في مديريات التربة كشفت عن نوع من ضعف التنسيق بين إدارة أمن تعز وفروعها في المديريات، وفي هذا الصدد لفت مصدر أمني في مديرية الشمايتين لـ"المجهر" بأن إدارة أمن المديرية ألقت القبض على المتهم "م . ن" وأرسلته إلى تعز للتحقيق معه.

وكان المتهم قد اعترف لأمن الشمايتين بالذهاب إلى منطقة الحوبان ومشاركته في الدورات الطائفية واستلام سلاح ومبالغ مالية، إلا أن إدارة أمن تعز أفرجت عنه دون أن تحقق معه بهذا الخصوص. وفقا لحديث المصدر الأمني الذي رفض ذكر اسمه كونه غير مخول بالتحدث للإعلام.

لكن إدارة أمن محافظة تعز نفت وجود أي تقصير في التنسيق مع فروعها في المديريات وأقسام الشرطة، مؤكدة أن عملية التنسيق في اعلى مستويات من الجاهزية والسرية وأنها على تواصل دائم لضبط الأمن في عموم المديريات المحررة.

جاء ذلك رداً على تساؤلات طرحها "المجهر" على مصدر أمني مسؤول بإدارة أمن تعز، والذي في شرحه للوضع العام أفاد بأن الأجهزة الأمنية في المحافظة تقوم بواجبها رغم ما تواجهه من تحديات وغياب للدعم والإمكانات اللازمة.

وفيما يخص الخلايا الحوثية والتطورات الحاصلة في التربة والمناطق المجاورة، أكد أمن تعز على أهمية التعامل بحذر وحس أمني عالي نظراً لطبيعة التحركات الحوثية ومدى خطورتها وتبعات ذلك وتأثيره على المنطقة.

هذا إلى جانب أن مديريات جنوب تعز تمثل أهمية كبيرة في طبيعتها الجغرافية والجيوسياسية والاجتماعية، ولذلك كان تعامل الأجهزة الأمنية حذراً ويقضاً في آن واحد بما يضمن عدم زعزعة الوضع فيها وحتى لا يحدث انعكاس سلبي على الأمن الداخلي من أي تحركات مشبوهة.

وعلى هذه الأساس تحاول الأجهزة الأمنية بتعز استدارج الخلايا الحوثية، لتتمكن من التوصل لأكبر قدر من الأهداف المحددة والقضاء على أي تحركات أو أعمال خطيرة تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.

ويشير المصدر الأمني إلى أن أمن تعز عمل على ضبط عدد من العناصر والخلايا المشبوهة خلال الفترة الماضية وحقق معها، مبيناً أن الجهود مستمرة بهدف التوصل إلى خيوط وآثار تحركات بقية عناصر الخلايا.

 

تدخلات عليا

 

لا شك أن الأمر يستدعي موقف قوي وموحد من كافة الجهات الرسمية والمكونات السياسية والاجتماعية للرد على هذه التهديدات التي تطال مديريات التربة وهي الشمايتين والمواسط والمعافر إضافة إلى بقية المناطق المحررة.

وخلافاً لذلك، كشف مدير مديرية الشمايتين عبدالعزيز الشيباني عن تدخل وساطات من المستوى الأعلى لقيادة الشرعية للإفراج عن متهمين كانوا ضمن الوفد الذي زار محافظة صعدة، مبيناً أن الجميع رفض التدخل قبل أن يتم تحويل المتهمين من النيابة.

وقال الشيباني في حديثه لـ"المجهر" إن جماعة الحوثي جهزت جماعات مدربة للسيطرة على العزل وقامت بتوزيعها على مستوى كل مديريات جنوب تعز، ما يهدد سلامة المجتمع.

وأضاف الشيباني أن الأجهزة قامت بالقبض على رؤوس الفتنة من خلال المعلومات التي رصدتها عبر عناصرها ممن جندتهم لمرافقة المجموعة الأولى التي زارت صعدة، لتضمن بذلك القبض على المتهمين الحقيقيين.

وأشار إلى أن قادة هذه الخلايا على ارتباط مع جماعة الحوثي منذ عام 2011م وظلت طول هذه الفترة تعمل لصالح الجماعة وتنفذ مخططاتها، وهي اليوم تسعى لتقويض تواجد الشرعية في هذه المناطق وتسهيل دخول الحوثيين إليها.

 

استهداف التعليم

 

مطلع أبريل/نيسان الماضي، ذكر بيان صادر عن أسر الشهداء والجرحى بمديرية الشمايتين أن المشايخ والوجهاء الذين زاروا صعدة هم أنفسهم من استقبلوا الحوثيين عندما حاولوا التوغل بمديريات جنوب تعز وقدموا لهم كشوفات برجال المقاومة لغرض تصفيتهم والقبض عليهم.

وقد اثبت المعلومات الأمنية التي حصل عليها "المجهر" تورط قيادات سابقة في المقاومة الشعبية بالتواصل مع الحوثيين في الحوبان والتنسيق لزيارة صعدة، ومن بينهم قيادي سابق في مقاومة المعافر يدعى "عبدالإله عبدالله عبده".

والأخطر من ذلك، هو استهداف جماعة الحوثي للمنظومة التعليمية في مناطق الشرعية بتعز، فقد كان هناك معلمين ومدراء مدارس ضمن الشخصيات التي تم دعوتها لزيارة صعدة، منهم "الأستاذ محمد عبدالله عمر والأستاذ أحمد بن أحمد الصغير والأستاذ فاروق سعيد".

ويرى مدير مديرية المواسط أمين شرف، أن هذه التطورات هي مناسبة ينبغي من خلالها التفتيش على ما يجري في المدارس والمناهج التعليمية ومعرفة القصور فيها، لكنه عاد للتأكيد على أنه لا يوجد في المنطقة من يعيد النظر في المشروع الوطني وما حدث كانت محاولات عبثية على هامش ما يسمى الهدنة الأممية.

من جهته أوضح مدير مديرية الشمايتين عبدالعزيز الشيباني، في اللقاء الذي نظمته قيادة اللواء 35 مدرع، أن الحوثيين لهم أكثر من خطة للتغلغل في التربة وتدمير المديريات من الداخل ابتداء بالشخصيات الاجتماعية وبعض مدراء المدارس.

ويعتقد الشيباني أن ميليشيات الحوثي اصطدمت بقوة في جبهات القتال ولذلك لجأت للقوة الناعمة والتغلغل في أوساط المجتمع عبر عصابة من المجرمين وبائعي الأوطان في محاولة إنشاء حاضنة شعبية لمشروعها السلالي, حد وصفه.

 

ثغرة اجتماعية

 

يعتقد مشايخ ووجهاء التربة أن الجهات الرسمية لم تقم بوضع جسر تواصل معها للتعبير عن اهتمامها بمناقشة قضايا المنطقة، وهو الأمر الذي صنع فجوة بين القيادات الاجتماعية والجهات الرسمية ولعل هذا أبرز سبب استغلته جماعة الحوثي لمحاولة كسب الحاضنة الاجتماعية.

وخلال لقاء فريق "المجهر" بعدد من الوجهاء، اتفق معظمهم على أن قيادة السلطة المحلية والقيادات العسكرية والأمنية لم تعطِ أي اهتمام للشخصيات الاجتماعية في المنطقة من أجل حثها على كسب الحاضنة المحلية، وهذا مثل السبب الرئيسي في استجابة بعض أبناء هذه المناطق للدعوات الحوثية بزيارة صعدة.

ورغم أنه لا يوجد ما يبرر الاستجابة لهذه الدعوات إلا أن تراكمات الجو العام الذي ظهر مؤخراً في المنطقة أدى إلى ركود النشاط الأمني وبالتالي نشوء تحركات مريبة أحدثتها خلايا الحوثي لا سيما من داخل المدارس عبر المعلمين ومدراء المدارس.

وفي السياق أكد وكيل محافظة تعز محمد عبدالعزيز الصنوي، في اللقاء الذي نظمته قيادة اللواء 35 مدرع، أن استجابة بعض المشايخ والوجهاء للدعوات الحوثية ليس لها مبرر، مشدداً على ضرورة اتخاذ الإجراءات الصارمة بحق كل من يثبت إدانته.

ووجه الصنوي بتشكيل غرف عمليات للتواصل بين المديريات وقيادات الجيش والأمن للتعامل بجدية مع أي بلاغات لمشتبهين تأتي من الميدان مع الحرص على أن تكون التحقيقات شفافة حتى لا يظلم أحد.

وبدوره يجد قائد اللواء 35 مدرع العميد الركن/ عبدالرحمن الشمساني، أن التساهل والتراخي الأمني والشعبي في الفترة الأخيرة شجع ميليشيات الحوثي لاستغلاله في الترويج لمشروعها السلالي.

مبينا أن ذلك يأتي في إطار " مؤامرة خطيرة وخبيثة لضرب التماسك الاجتماعي وزعزعة السلم الأهلي في منطقتنا وهي مدروسة بعناية ومخطط لها بأحكام" مشيرا إلى أن جماعة الحوثي رصدت أموال وميزانيات للتغرير بضعفاء النفوس لتغذية الفوضى والنعرات القبلية.

وفي الواقع من الضرورة اليوم إعادة النظر في علاقة القيادات الرسمية بالشخصيات الاجتماعية، لضمان تعاونهم مع الدولة لأنه إذا قام هؤلاء المشايخ والوجهاء بواجبهم في المناطق التي ينتمون إليها سيحافظون على التلاحم الاجتماعي ولن يستطيع الحوثي اختراقها.

 

كسب الحاضنة

 

استغل الحوثيون الهدنة الأممية لاختراق المناطق المحررة وزعزعة الأمن والاستقرار فيها، حيث تفيد المعلومات الأمنية أن الجماعة خصصت جزء كبير من اعتماداتها للجبهات من أجل تمويل الأعمال التخريبية في مناطق الشرعية.

ويرى مراقبون أن مرحلة التهدئة لا تقل خطورتها عن مرحلة الحرب في ظل عدم استقرار البلاد، لأن الفرصة تكون سانحة أمام جماعة الحوثي للترويج الإعلامي وتفعيل جانب الاستقطاب الاجتماعي للحصول على حاضنة شعبية.

وفي تقرير خاص عن الوفود المشاركة في زيارة محافظة صعدة، استعرض ضابط أمن اللواء 35 مدرع العقيد محمد شمسان، جانبا من نتائج التحقيق مع المتورطين بالزيارة ممن تم القبض عليهم وعددهم 16 شخصاً من أبناء عزلة الجبال بني حماد وعزلة ذي البرع قدس بمديرية المواسط.

ولايزال التنسيق قائماً بين قيادة اللواء والحاضنة الاجتماعية في المنطقة لإيصال بقية الاشخاص والرصد والتحري عن تحركاتهم لمعرفة ما يهدف له العدو من خلال ذلك. وفقا للتقرير.

وتبين من خلال التحقيق مع المتهمين وجمع المعلومات أن الهدف من تلك الزيارة هو كسب حاضنة شعبية في المناطق غير الخاضعة لسيطرتهم يهدفون من خلالها إثارة الفوضى وإحداث شرخ في النسيج الاجتماعي للحاضنة الشعبية للجيش الوطني.

وفي بلاغ صحفي، اعتبرت الأحزاب السياسية بمحافظة تعز أن الخلايا الحوثية تمثل أعمالا وجرائم تمس أمن الدولة والمجتمع ويجب التعامل معها بكل حزم ويقظة دائمة، مثمنة مواقف الحاضنة الاجتماعية المساندة للسلطة والأجهزة الأمنية والعسكرية في تعز.