تواصل جماعة الحوثي الإرهابية تدمير الاقتصاد الوطني، من خلال المتاجرة والسماح باستيراد وتهريب المنتجات الإيرانية، التي أغرقت بها أسواق العاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات اليمنية، الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، في حين تتجه حملاتها المسعورة لمحاربة المنتجات المحلية، وقطاعي التجارة الغذائية والصناعية، والذي يشهد ركودًا كبيرًا جراء السياسة الحوثية التي تتعمد الترويج للاقتصاد الإيراني.
واستمرارًا لتوسيع عملية التهريب بين جماعة الحوثي وطهران، والسيطرة على القطاع الخاص اليمني، أقدمت جماعة الحوثي الإرهابية، في تغذية الأسواق المحلية بالبضائع والمنتجات الإيرانية، التي غطت أغلب المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، جُلها زاد تواجدها في الأسواق خلال العام المنصرم 2023.
منتجات إيرانية
مصادر اقتصادية في صنعاء، قالت إن الحوثيين سهلوا خلال السنوات الأخيرة، عملية دخول المنتجات والبضائع الإيرانية إلى الأسواق المحلية، في مناطق سيطرتها، تنوعت بين السلع الغذائية والأدوية دون إخضاعها للهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس، وهذا ما ضرب المنتجات الوطنية ليسيطر الحوثيون تدريجيًا على السوق المحلي واستبداله بالمنتجات الإيرانية.
وأكدت المصادر أن المنتجات الإيرانية التي تعج بها الأسواق، تعود بالفائدة للجماعة، التي تتربح مئات الملايين عبر تجار موالين لها، وشبكات تنشط في تهريب وترويج المنتجات التي لها مخاطر كبيرة على الاقتصاد الوطني المتدهور.
وقبل أيام، برز الزبيب الإيراني، كواحد من المنتجات التي بيعت في أسواق العاصمة المختطفة صنعاء، الأمر الذي انعكس سلبًا على الزبيب المحلي، حيث تكدست كميات كبيرة من الزبيب اليمني في الأسواق ومخازن التجار نتيجة عدم توفر إمكانية تسويقها وبيعها، ودخول الزبيب الإيراني المستورد الذي يباع في الاسواق بأسعار أقل كمنافس قوي، ما شكل ضربة قوية للتجار اليمنيين.
ضرب المنتج المحلي
يواجه التجار في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، مخاطر الإفلاس والكساد، ورغم مزاعم الحوثيين بمنع استيراد الزبيب (العنب المجفف)، فقد فوجئ المزارعون خلال عيدَي الفطر والأضحى لهذا العام بإغراق الأسواق بالزبيب المستورد، وأغلبه من إيران، ومنذ أسبوعين بدأت ما تعرف باللجنة الزراعية والسمكية العليا، وهي كيان مستحدث، ووزارة الزراعة والري التابعة للجماعة تنفيذ حملات تفتيش ميدانية على محلات بيع وتداول الزبيب المستورد في عدد من أحياء صنعاء.
لكن ذلك، لم يشكل فارقاً لدى تجار التجزئة الذين أبلغوا تجار الجملة والمزارعين برغبتهم في إعادة كميات الزبيب التي اشتروها منهم ما ترتب عليه خسائر فادحة للتجار والمزارعين.
إلى ذلك، تُجبر قيادات حوثية المزارعين وتجار الجملة على بيع الزبيب لها أو لتجار موالين للجماعة بدلاً من تصديره وبيعه خارج مناطق سيطرتها، في حين يتم استيراد الزبيب الإيراني بموافقة وزارتَي التجارة والزراعة في حكومة الجماعة الغير معترف بها دوليًا.
وكانت جماعة الحوثيين قد عممت بمنع استيراد الزبيب في قرار مضى عليه ما يقارب 18 شهراً وخلال هذه الفترة لم تتخذ الجماعة أي إجراء لمنع استيراد الزبيب إلا منذ ثلاثة أسابيع في الوقت الذي ضاعف فيه مئات المزارعين إنتاجهم للزبيب المحلي.
وأصدرت الجماعة الحوثية خلال السنوات الماضية قرارات ضمن ما قالت إنها استراتيجية لدعم وتطوير الزراعة وتحقيق الاكتفاء الذاتي؛ أبرزها منع استيراد الزبيب، لتمكين مزارعي العنب من زيادة وتطوير منتجاتهم، لكنها مجرد قرارات شكلية، تحاول بها الجماعة إظهار نفسها أنها مع المنتجات المحلية، فيما الواقع يثبت عكس ذلك.
سوق الأدوية
الأدوية الإيرانية هي الأخرى تستحوذ على 30% من سوق الدواء في اليمن، وبحسب صيادلة فإن هذه الأدوية المصنعة إيرانيًا تتركز في مناطق سيطرة جماعة الحوثي الإرهابية، ذات الكثافة السكنية العالية، مؤكدين أن الأدوية الإيرانية لم تكن موجودة من قبل في السوق اليمنية وزادت بشكل كبير في فترة سيطرة الجماعة الحوثية.
وبحسب تقارير فإن أكثر من 260 صنفًا تجاريًا تخص أصحاب الأمراض المزمنة غابت عن سوق الدواء، وباتت لا تدخل السوق اليمنية بفعل سياسة جماعة الحوثي التي استبدلتها بالأدوية الإيرانية.
وتعتمد جماعة الحوثي على سوق الأدوية كأحد أهم الموارد المالية بعد سوق الوقود وقطاع الاتصالات لإثراء عناصرها وتمويل الحرب ضد اليمنيين، بحسب خبراء الاقتصاد.
وشكل العام 2023 الأكثر انتشاراً للمنتجات والبضائع الإيرانية في الأسواق المحلية بمناطق سيطرة جماعة الحوثي خلافاً عما كان عليه في الأعوام التي سبقت ذلك العام، وسط اتهامات للهدنة التي سمحت بذلك.
اقتصاد طفيلي
يقول الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي وفيق صالح لـ "المجهر": "جماعة الحوثي تهدف من دخول السلع الإيرانية إلى اليمن، والترويج لها من أجل بناء إقتصاد طفيلي والسيطرة على الحصة السوقية للشركات الوطنية التي تعمل منذ عقود في البلاد".
ويضيف في تصريح خاص، أن هذه الخطوة تأتي في سياق إعادة هندسة الخارطة التجارية والإقتصادية في مناطق سيطرتها عبر إبراز وظهور رجال أعمال ينتمون للجماعة، وتدمير كافة الشركات والبيوت التجارية العريقة.
ويؤكد الصحفي وفيق صالح بأن جماعة الحوثي استغلت الوضع بعد فتح ميناء الحديدة أمام حاويات السفن، بتنفيذ خطة منظمة لإغراق الأسواق بمناطق سيطرتها، بالمنتجات الإيرانية وهذه الخطوة من شأنها أن تعمل على ضرب المنتجات المحلية وافلاس العديد من الشركات الوطنية.
إلى جانب ذلك، فإن السياسة الإيرانية تُلزم أياديها في الشرق الأوسط، أن يكونوا أتباعًا لها، وبالتالي الترويج لأفكارها ومنتجاتها، وهذا ما يجعل الحوثيين يقدمون على محاربة القطاع الاقتصادي الوطني، ومحاربة القطاع الخاص، لتعزيز السيطرة الحوثية الإيرانية على السوق اليمني.
ناشطون يمنيون عبروا عن استيائهم الكبير، إزاء ما تقوم به جماعة الحوثي الإرهابية، في صنعاء وغيرها من المدن الواقعة في مناطق الحوثيين، من ترويج للمنتجات الإيرانية على حساب المنتج المحلي، بالإضافة إلى السياسة التدميرية والانتهاكات المستمرة بحق التجار ورؤوس الأموال.
تهريب المخدرات
وزارة الخارجية الأمريكية، نشرت تقريرًا حديثًا، بشأن تورط جماعة الحوثي في اليمن بتمول أنشطتها الإرهابية، وأجور مقاتليها من أرباح تجارة المخدرات التي يحققون منها أرباحاً خيالية.
وكشف التقرير أن جماعة الحوثي المدعومة من إيران أنشأت أسواقًا محلية للمخدرات غير المشروعة في مختلف المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وذلك بهدف تعزيز دخلها وتمويل أنشطتها العسكرية والإرهابية.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب سلمان المقرمي لـ "المجهر": "تهدف جماعة الحوثي من خلال التبادل التجاري مع إيران إلى تعزيز التجارة مع طهران، من أجل توفير مساحات واسعة لتهريب المخدرات وتهريب الاسلحة وبناء شركات جديدة مع ايران".
ويضيف في حديثه: "جماعة الحوثي تعتمد على استيراد الوقود من ايران خاصة الغاز بعدما اوقفت الجماعة شراء الغاز من مأرب واستيراد الغاز الايراني بقيمة رخيصة ويتم بيعة بقيمة اكبر مما يتواجد بالسوق حيث تصل قيمته لستة أضعاف من سعره بالسوق وتقوم جماعة الحوثي بهذا الاسلوب من أجل تعزيز السيطرة على القطاع الخاص والاقتصاد الوطني".
وفي وقت سابق، كشفت تقارير الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، أن جماعة الحوثي الإرهابية تحقق إيرادات تقدر بنحو 6 مليارات دولار سنويًا من تجارة المخدرات، حيث حوّلوا اليمن إلى مركز لتوزيع وتهريب المخدرات في المنطقة.