الخميس 21/نوفمبر/2024
عاجلعاجل

العدوان الإسرائيلي على الحديدة يُشعل غضب اليمنيين (تقرير خاص)

العدوان الإسرائيلي على الحديدة يُشعل غضب اليمنيين (تقرير خاص)

أثارت الغارات الجويّة التي شنتها مقاتلات الاحتلال الإسرائيلي على ميناء الحديدة غربي اليمن، مساء السبت، ردود أفعال يمنية واسعة وغاضبة، وفتحت الباب أمام قراءات متعددة لطبيعتها وأهدافها ومآلاتها وتأثيراتها على اليمن واليمنيين.

ومساء السبت، شنت المقاتلات الإسرائيلية غارات على خزانات النفط في ميناء الحديدة، إضافة إلى محطة كهرباء المحافظة التي يسيطر عليها الحوثيون، وذلك بعد يومين من تبنّي الجماعة هجوم بطائرة مُسيّرة استهدف تل أبيب ونتج عنه مقتل إسرائيلي وإصابة 10 آخرين، وذلك في إطار ادعاءاتها أنها تساند غزة التي تتعرٌّض لجرائم إبادة بنيران الاحتلال الإسرائيلي.

من جانبها، أعلنت ما تُسمّى بوزارة الصحة العامة والسكان في حكومة الحوثيين (غير معترف بها) أن الحصيلة الأولية لجريمة استهداف العدو الاسرائيلي خزانات النفط ومحطة الكهرباء بمحافظة الحديدة بلغت 80 جريحًا معظمهم بحروق شديدة.

فيما أعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي أن طائراتها المقاتلة قصفت أهدافا عسكرية لجماعة الحوثي في منطقة ميناء الحديدة باليمن ردا على هجمات الجماعة التي نُفذت ضد إسرائيل في الأشهر القليلة الماضية.

وأفادت وسائل إعلام عبرية أن المقاتلات الإسرائيلية شنت 10 غارات على ميناء الحديدة، وشارك في الهجوم 20 مقاتلة إسرائيلية، وجرى تزويدها بالوقود جويا.

وتفاعل سياسيون وصحفيون ونشطاء يمنيون، مع هذه الغارات الإسرائيلية، حيث اتفقوا على رفضها وإدانتها، فيما تنوّعت قراءاتهم للحادثة وأبعادها وأهدافها، ومدى استفادة المتمردين الحوثيين منها.

 

عدوان مُدان

 

عبدالملك المخلافي، مستشار رئيس المجلس الرئاسي ونائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة، أدان العدوان الصهيوني السافر، وقال إن: الحديدة مدينة يمنية وليست حوثية، كانت وستبقى كذلك، وشعبها يمني قبل الحوثي وبعده، ومنشآتها المدنية ملك للشعب اليمني وليست ملكا للحوثي، والصهاينة بجرائمهم أعداء للإنسانية وللعرب والمسلمين ولكل من له ضمير في العالم". مضيفًا: "هذا هو موقفي، ومن المؤكد أن هذا لا يلغي موقفي الراسخ والمعروف من الحوثي وجرائمه في حق الشعب.

الصحفي والكاتب همدان العليي، قال في تدوينة: "أدين كيمني الهمجية الإسرائيلية واستهداف ميناء الحديدة وأرفضه كما أرفض جرائم الحوثيين في بلادنا تماما". مضيفًا: "نعلم جيدا بأن هذا ما تريده العصابة الحوثية من خلال نشاطها وممارساتها لأنها مثل البكتيريا والديدان لا تعيش وتتكاثر إلا في الشقوق والجروح والدماء المسفوكة على الأرض".

وأشار إلى أن من يعتقد بأن ما تقوم به عصابة الحوثي الإرهابية بطولة وبسالة، جاهل ولا يشعر بالمسؤولية تجاه اليمن واليمنيين. ومن يصدق بأن الحوثيين يدافعون عن فلسطين لا يفهم شيء في الواقع. لكن مع ذلك هذا لا يمكن أن يجعلنا نؤيد قصف إسرائيل لبلادنا والتي عندما قررت فعل ذلك استهدفت مصالح الناس". مردفًا: نرفض هذا العدوان، ونحمل الحوثيين مسؤولية كل هذا الدمار والخراب لأنهم لا يفعلون ذلك إلا لانتزاع مكاسب إضافية لصالحهم في المنطقة وليس نصرة للقضية العادلة في فلسطين.

من ناحيته، قال عدنان العديني، نائب رئيس الدائرة الإعلامية في حزب التجمع اليمني للإصلاح، إن "‏كيان الاحتلال الصهيوني كعادته يستهدف المنشآت المدنية في كل اعتداءته، وهو بهذا يتساوى مع المليشيا الحوثية ويوفران الذرائع لبعضهما".

وأكد العديني أن "اليمنيون لن يقبلوا بأي اعتداء اسرائيلي على أي جزء من جغرافيا اليمن، كما لن يتخلوا عن معركتهم ضد مليشيا الحوثي المتورطة بسلوك مشابه ضدهم منذ سنوات". مضيفًا: "سيواصل اليمنيون نضالهم مستندين الى إرادتهم الذاتية وعدالة قضيتهم في مواجهة جماعة فاشية قتلت وشردت مئات الالاف من اليمنيين".

فيما قال البرلماني شوقي القاضي: "أدين وأرفض وأستنكر قصف ‎الكيان الصهيوني المجرم لمدينة ‎الحديدة وأحمله و؛ مليشيا الحوثي السلالية العنصرية الإرهابية مسؤولية هذا العدوان وما ينتج عنه من ضحايا وتدمير، وأطالب قيادة ‎الشرعية وشركائنا ‎السعودية بتعجيل تحرير ‎صنعاء والحديدة لإنقاذ ‎اليمن مما يجلبه ‎الحوثي على بلادنا".

المحامي عبدالرحمن برمان رئيس المركز الأمريكي للعدالة كتب على حسابه بمنصة إكس: "عمل إجرامي جبان قام به الكيان الصهيوني بقصف أهداف مدنية وبنى تحتية في محافظة الحديدة اليمنية، في انتهاك للقوانين والأعراف الدولية".

ودعا برمان "الحكومة اليمنية الى سرعة تقديم طلب عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لمناقشة العدوان الإسرائيلي على اليمن والذي استهدف أعيان مدنية محمية وفقاً للقوانين والأعراف الدولية في محافظة الحديدة".

 

فرح حوثي

 

وفي حين زعمت جماعة الحوثي، على لسان متحدثها الرسمي، محمد عبدالسلام، أن هذه الغارات الإسرائيلية هدفها الضغط على جماعته للتوقف عن مساندة غزة، وأن جماعته مستمرة في التصعيد ومواجهة التحديات، أكد محللون يمنيون أن الجماعة الحوثية تعيش فرحة غامرة بهذا العدوان الذي سيعود عليها بالنفع في التحشيد وتحسين السمعة وغسيل الإجرام.

الصحفي والمذيع محمد الضبياني، قال في تغريدة على منصة إكس، إن "أكثر عصابة تعيش الفرح والسعادة والبهجة من القصف الصهيوني على ‎ميناء الحديدة هي الحوثية".

وأشار إلى أن الحوثي "لم يجلب لليمن سوى الخراب والإرهاب والدمار، وألد أعدائه هم اليمنيون الذين ينكل بهم ويدمر حاضرهم ويفخخ مستقبلهم". مؤكدًا أن "الحوثية والصهيونية إرهاب واحد".

في ذات السياق، قال الكاتب والصحفي محمد دبوان المياحي: "تفرح العصابات حين تتعرض للضرب. إنّهم يستثمرون حتى في الإهانات. أن تقصفهم إسرائيل، فهذه الصفعة بالنسبة لهم؛ تأكيد حاسم لوجودهم". وأضاف: "أن تكشف بلادك للعدو، هذا لا يمنحك شرفًا لتمثيله ولا يجردك من تهمة الخساسة. إسرائيل عدو وقح وأنت مقامر تبحث عن قيمتك في سوط عدوك. السلام على شعبنا المسكين".

الكاتب والباحث أحمد البتيت، كتب على حسابه بالفيسبوك: "أقسم بالله غير حانث أن الفارح الوحيد والمستفيد الوحيد من القصف في الحديدة هم الحوثة.. ولن يناموا الليلة من الفرحة والزقرعة!". مضيفًا: "وإن قلت أنهم متفقون على هذا القصف ما أبعدت".

وأضاف البتيت: "يضرون اليمن واليمنيين من أجل فقاعة إعلامية تظهرهم أبطالًا! انتبهوا يضحكوا عليكم بهذه المسرحيات التجميلية.. المعادلة تقول: السلالية والسهيونية وجهان لعملة واحدة. يجري هذا ضمن تخادم الصادات الثلاث: (صـ.ـفوية صـ.ـهيونية صـ.ـليبية)".

 

إدانة للعدوان وتحذير للحوثي

 

وفي أول تعليق من الحكومة اليمنية المعترف بها، أدان مصدر مسؤول في الحكومة بأشد العبارات عدوان الكيان الصهيوني، وانتهاكه لسيادة الأراضي اليمنية، في مخالفة صريحة لكافة القوانين والأعراف الدولية، محمّلا الكيان الصهيوني المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات جراء غاراته الجوية بما في ذلك تعميق الأزمة الانسانية التي فاقمتها المليشيات الحوثية بهجماتها الارهابية على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، فضلا عن تقوية موقف هذه المليشيات، وسردياتها الدعائية المضللة، وفق ما نشرته وكالة سبأ الحكومية.

وجدد المصدر تحذيره للمليشيات الحوثية الإرهابية من استمرار رهن مصير اليمن، وأبناء شعبه والزج بهم في معاركها العبثية خدمة لمصالح النظام الإيراني ومشروعه التوسعي في المنطقة، داعيًا: "النظام الايراني، والكيان الصهيوني من أي محاولة لتحويل الأراضي اليمنية عبر المليشيات المارقة الى ساحة لحروبهما العبثية، ومشاريعهما التخريبية في المنطقة".

ودعا المصدر المليشيات الحوثية إلى الاستماع لصوت العقل، والاستجابة لإرادة الشعب اليمني وتطلعاته، وتغليب مصالحه الوطنية على أي مصالح وأجندات اخرى، وعدم استجلاب التدخلات العسكرية الخارجية، والانخراط الجاد في عملية السلام، ووقف كافة أشكال العنف والتصعيد العسكري".

 

استهداف لليمن

 

وفي خضمّ التفاعلات وردود الأفعال الواسعة والغاضبة، أكد صحفيون ونشطاء يمنيون أن الحوثي وسيلة صهيونية ناجحة لتدمير اليمن وقتل اليمنيين.

الوزير اليمني السابق ياسر الرعيني، يرى أن "قصف منشأة عامة ملك للشعب وترك القيادات الحوثية ليس استهدافاً للحوثي بل استهداف لليمن واعتداء سافر على شعبه".

وأضاف أن "الحوثي كما الكيان الصهيوني عدوين لليمن والانسانية.. وكما لن يتحقق السلام والاستقرار في فلسطين والشرق الاوسط إلا بقيام الدولة الفلسطينية على كامل أراضيها، فلن يتحقق السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة إلا بهزيمة المليشيات الحوثية الارهابية وتخليص اليمن والمنطقة منها".

في السياق ذاته، قال الصحفي الاقتصادي وفيق صالح، إن هذه المنشآت الحيوية التي تدمر هي ملك اليمنيين ومقدرات دولة وشعب، ولا تعني الحوثي في شيء.

وأشار إلى أن استهداف المنشآت والمؤسسات والمرافق الخدمية، لا تشكل أي خسارة بالنسبة للحوثيين، بل العكس يتم استخدامها كشماعة في عدوانهم على اليمنيين في الداخل". مؤكدًا أن هذا الاعتداء الهمجي الإسرائيلي "هو اعتداء على اليمنيين، أما الحوثي فقد وجد فيه ضالته، لاستمرار مقامرته بمصالح الشعب اليمني".

 

تمكين للحوثيين

 

من جانب آخر، لفت مراقبون إلى أن إسرائيل لم تستهدف قيادات الحوثي ومخابئ السلاح في صعدة وصنعاء بل استهدفت مقدرات الشعب اليمني في المناطق الرازحة تحت سطوة جحيم المليشيات الانقلابية، لافتين إلى أن هذا تخادم من الطراز الرفيع، وأن اليمن بين نارين الانقلاب والقصف الاجرامي الاسرائيلي.

الصحفي عصام بلغيث، كتب قائلًا: "ضربات اليوم على الحديدة من قبل الكيان الصهيوني لا يفهمها اليمنيون إلا في سياقها المعروف والراسخ لديهم وهو : تمكين الحوثي من شرعية القرار الذي لم يمنحهم اياه اليمنيون ولن يمنحوه حتى لو حصل ما حصل". مضيفًا: "قصف مرفوض وتدخل في السيادة اليمنية وتدمير لمقدرات الشعب".

فيما قال الإعلامي عبدالله دوبلة، في تدوينة "حروب الأوغاد بين الحوثي والصهاينة والامريكيين تثبت الحكم الحوثي وما ترغب فيه فقط هو تحجيم قدراته على اذاهم".

أمّا الباحث والإعلامي عبدالله اسماعيل، فقال: "لم يتجرأ العدو الصهيوني أن يضرب شبرا من الأرض اليمنية الا في مناسبتين وجميعها لخدمة الإمامة، الأولى عندما انطلقت الطائرات الصهيونية لمناصرة الكاهن البدر حميد الدين، والثانية لخدمة الهدف الحوثي في استدعاء الحرب". مضيفًا: "هذه الجريمة المنكرة لا يرحب بها أو يفرح بحدوثها إلا الحوثي ومشغلته إيران التي تدفعه ليحول اليمن إلى ساحة لحربها بعيدا عن أرضها ومصالحها".

الصحفي مصطفى غليس، كتب قائلًا: "إسرائيل تقصف اليمن = الحوثي يبتهج". مضيفًا: "هذه هي المعادلة باختصار، وهذا ما كان يرجوه من عملياته الكسيحة في البحر الأحمر وضد إسرائيل".

ولفت إلى أنه "من وجهة نظر الحوثي ليموت مليون يمني، فالمهم بالنسبة له أن تتصاعد شعبيته عربيًا وإسلاميًا وإن ذهب اليمن بكل مقدراته إلى الجحيم".

 

مخاوف التصعيد

 

وفي المواقف الدولية، أعلنت الخارجية المصرية أنها نتابع بقلق بالغ العمليات الإسرائيلية باليمن وطالبت بضبط النفس والتهدئة وإنهاء الحرب على غزة.

فيما أعلن المتحدث باسم ‎وزارة الدفاع العميد تركي المالكي، إن المملكة ليس لها أي علاقة أو مشاركة باستهداف الحديدة، وأن المملكة لن تسمح باختراق أجواءها من أي جهة كانت.

وبدوره قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم الأحد، إنه يشعر بقلق عميق إزاء التقارير عن غارات جوية داخل وحول ميناء الحديدة في اليمن. في إشارة إلى الهجوم الإسرائيلي بغارات جوية على مدينة الحديدة غربي اليمن.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، الأطراف إلى تجنب الهجمات التي يمكن أن تلحق الضرر بالمدنيين وبالبنية التحتية، مشيرًا إلى أنه يشعر بالقلق إزاء خطر حدوث المزيد من التصعيد في المنطقة، مؤكدًا أنه يواصل حث الجميع على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.

 

نقل الحرب إلى اليمن

 

ويرى خبراء سياسيون وعسكريون، أن هذا التطورات الحاصلة تأتي في سياق نقل المعركة إلى اليمن، ضمن ترتيبات مسبقة متفق عليها.

في هذا السياق، قال الباحث عبدالسلام محمد، رئيس مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية، "كنت بالأمس مستغرب من نفخ المتحدث الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في الحوثيين بتأكيده إعلان مسؤوليتهم عن الهجوم على تل أبيب، فلما رأيت الضربات الاسرائيلية اليوم على الحديدة تأكد لي أن الصهاينة لديهم بنك أهداف مسبقة يريدون ضربها في اليمن، واتخذوا من كذبة الحوثي أنه وراء ضرب تل أبيب مبررا لتحقيق هدفهم". مضيفًا أن "الحوثيون الذين حققوا أهداف إيران لن يتورعوا عن تحقيق أهداف إسرائيل ولو كان الثمن البحر الأحمر وباب المندب، مقابل الرضا عنهم وعدم إسقاط حكمهم".

ووفق الباحث، فإن "إيران ترى أن خفض التصعيد مع إسرائيل ومنع الاحتكاك وإيقاف أي احتمالات للحرب في جبهة لبنان أولوية مع اختبار مرشح رئاسي معتدل، ولذلك قررت نقل الحرب إلى اليمن ضمن قواعد اشتباك جديدة متفق عليها مع اسرائيل".

فيما تساءل الخبير العسكري والاستراتيجي علي الذهب: "هل ورط حزب الله، المتمردين الحوثيين، بدفعهم للاعتراف بالهجوم على تل أبيب؟".

وأضاف: لا أعبأ لما يثار بأن الهجوم مصدره الحوثيون، فلا زلت مقتنعا أنهم أدعياء، ولا يكترثون للثمن الذي يدفعه اليمن من منجزاته الاستراتيجية. وأردف: "نعلم أن الحوثيين لا يطلقون مقذوفات فردية، ثم أين الصواريخ فرط صوتية؟!"