الثلاثاء 08/أكتوبر/2024
عاجلعاجل

هل ينجح الحوثيون في تجميل صورتهم المشوهة بادعاء مناصرة غزة؟ (تقرير خاص)

هل ينجح الحوثيون في تجميل صورتهم المشوهة بادعاء مناصرة غزة؟ (تقرير خاص)

شكلت الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة مناسبة أمام الحوثيين للهروب من الشأن الداخلي والضغوط الشعبية إلى مناصرة القضية الفلسطينية وكسب التأييد الشعبي المتعاطف مع فلسطين.

واستغلت الأدوات الإعلامية التابعة للحوثيين القضية الفلسطينية لتحسين صورة الجماعة، من خلال مسرحياتها الهزلية في البحر الأحمر المتمثلة باستهداف السفن التجارية في إطار حربها المزعومة ضد إسرائيل.

هذه الدعايات المضللة التي تستخدمها الجماعة جعلت المتابع العربي والدولي يتعاطى مع مضمونها غير مدرك حقيقة الحوثي بكونه قاتل مأجور تستخدمه إيران لتنفيذ أجندتها في المنطقة وارتكب جرائم ومجازر كثيرة بحق اليمنيين في الحرب المستمرة منذ أكثر من تسع سنوات.

وفي حين نتحدث عن استفادة الحوثيون من القضية الفلسطينية إعلاميا واستغلالها لتلميع صورة الجماعة، لا بد أن نتساءل عن الدور المفقود لخصوم إيران في المنطقة فيما يتعلق بحرب غزة وهو الأمر الذي ترك مجالاً مفتوحاً أمام حلفاء إيران بما فيهم الحوثيين.

 

أدوار فعالة

 

تبقى مسألة التصدي للتضليل الإعلامي الحوثي متوقفة على دور الأنظمة والحكومات التابعة لخصوم إيران في المنطقة بما في ذلك الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، من أجل احتواء القضية الفلسطينية وبالمقابل كشف الجرائم التي يرتكبها الحوثي بحق اليمنيين.

وهذا يحتاج إلى إيجاد مؤسسات فاعلة بنفس فاعلية الأدوات الحوثية وإعادة رسم استراتيجية العمل في القضايا الإعلامية والحقوقية والإنسانية وتوضيح الصورة الذهنية الحقيقية للحوثيين بدلاً عن الصورة النمطية المرتبطة بمناصرة القضية الفلسطينية والبطولات الزائفة في مواجهة أمريكا وإسرائيل.

وبالنسبة للصورة النمطية التي تحاول جماعة الحوثي تصديرها للمجتمع الإقليمي والدولي وبالذات الشعوب العربية، يعتقد رئيس مركز أبعاد للدراسات عبدالسلام محمد، أن الأمر يحتاج إلى إعادة بناء استراتيجية جديدة للحكومة اليمنية فيما يتعلق بالجانب السياسي والإعلامي والحقوقي والدبلوماسي في آن واحد.

وتأتي أهمية إعداد الاستراتيجية الحكومية لردم الثغرات الحاصلة لدى المتابع العربي وقبلها المتابع اليمني، من خلال توضح صورة أكثر فاعلية في الوصول إلى كل وسائل الإعلام وبمختلف الوسائل والأدوات الإعلامية.

كما يؤكد مدير مركز أبعاد عبدالسلام محمد في حديثه لـ "المجهر" على أهمية التحركات الجدية للحكومة اليمنية على الأرض لأنها تجعل المواطن اليمني يثق بها وتكسب احترام بقية الشعوب.

وبطبيعة الحال فأن تعرية الحوثيين وحلفاء إيران في المنطقة واستغلالهم للحرب الإسرائيلية على غزة هو أمر مرهون بالمواقف الرسمية والشعبية المؤيدة والمساندة للقضية الفلسطينية.

 

دعاية إيرانية

 

يبدو أن التضليل الإعلامي هي سمة تاريخية مرتبطة بالعرقية الطائفية لحلفاء إيران في المنطقة العربية، وهو ما جعلهم يسارعون في تسخير كل إمكانياتهم السياسية والمالية والمجتمعية لنشر أكاذيبهم والترويج لها.

وفي هذا السياق، يعول الصحفي والناشط الحقوقي همدان العليي، على الانفتاح الثقافي والإعلامي في الأوساط اليمنية والعربية المتأهبة لكشف الأكاذيب التي قال إنها "جزء لا يتجزأ من المنهجية التي يسير عليها المحور الخاص التابع للخميني".

ومع حرص حلفاء إيران في المنطقة على تكثيف جهودهم لتعزيز هذه الأكاذيب، يعتقد همدن العليي، أن الجهود التي تهدف إلى كشفها ستنصدم بموجة من الدعايات المخادعة للناس ومن ذلك نشر الروايات التي تعزز الخديعة الكبرى بكون هذه الجماعات تكونت لتحرير القدس.

ويذهب إلى القول إن التضليل الإعلامي للحوثيين يتمحور في محورين أساسيين؛ أحدهما يتركز في نشر الأكاذيب المتعلقة بالواقع السياسي للجماعة والمحور الثاني يذهب إلى نشر الأكاذيب حول خصومها الذين تستهدفهم بشكل عام ممن تختلف معهم في المعتقد وهم السنة.

ومن هذا المنطلق، فقد لجأ حلفاء إيران في المنطقة بما فيهم الحوثيين إلى تكريس أموالهم وجهدهم ووقتهم للدعاية والإعلام سواء المرئي والمسموع أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي إلى جانب الضخ المجتمعي من خلال خلاياها العرقية والطائفية المنخرطة في المجتمعات العربية والإسلامية حتى في تلك البلدان التي لم تشهد حروباً داخلية وتعيش حالة استقرار.

 

انسياق خلف التضليل

 

ساهمت وسائل إعلامية محلية وخارجية في الترويج لأكاذيب الحوثي وإعلامه المظلل بصورة أو بأخرى، ما يجعل كثيرين يتساءلون عن أسباب انسياق بعض الوسائل المرموقة وراء ذلك.

ويحتمل هذا التوائم الإعلامي ثلاث أشكال وفقا للصحفي همدان العليي، فإما أن تكون وسائل إعلامية تابعة لحلفاء إيران في المنطقة، أو وسائل إعلامية تتبع أطراف لديها موقف من دول إقليمية ودولية ما جعلها تقف بشكل أو بآخر في صف الجماعات التابعة للمشروع الإيراني.

إضافة إلى وجود مؤسسات إعلامية محلية وخارجية تبحث عن مصالحها المالية من خلال التسويق لما يريده الممول، وفي كل الأحوال فقد أثر هذا التوائم بشكل سلبي على القضية اليمنية والمجتمع اليمني.

كما تعتمد جماعة الحوثي على الجيوش الإلكترونية نظراً لإدراكها بأهمية مواقع التواصل الاجتماعي في التأثير على المتابع المحلي والدولي وكسب موقفه وتكوين قناعاته مقابل اشغاله عن الجرائم التي ترتكبها في الداخل.

وكشفت منصات إعلامية يمنية متخصصة في تدقيق المعلومات عن قيام قيادات حوثية بإنشاء حسابات مزيفة على موقع "فيسبوك" ومنصة "إكس" بأسماء بعض الشخصيات المعروفة بغرض التضليل الإعلامي وضخ الشائعات من خلالها بالشائعات.

ويشير الصحفي والناشط الحقوقي همدان العليي في حديثه لـ"المجهر" إلى أن قيادات جماعة الحوثي لجأت إلى إنشاء حسابات وهمية بكميات هائلة، ومن خلالها تقوم إما بترهيب من يقف ضدها عن الحديث أو لتشجيع غير العرب على نقل رواياتهم الخاطئة بهدف تضليلهم.

ويضيف أن الحسابات المزيفة عندما تؤيد خطاب ما بأعداد هائلة، لا بد أن ذلك سيؤدي إلى تزييف الحقيقة وعدم رؤيتها بالنسبة للمتابع من خارج اليمن، وهو ما سعت له جماعة الحوثي من خلال إنشاء حسابات مزيفة بأسماء شخصيات سياسية واجتماعية ودينية معروفة لصالح فكرها المطرف.

 

جهود مكثفة

 

إن مواجهة هذا النوع من التضليل الإعلامي الحوثي يتطلب مضاعفة الجهود المجتمعية من كافة المكونات السياسية اليمنية على المستويين الرسمي والشعبي من أجل إبطال مفعول أكاذيب الحوثيين وإعادة الأمور إلى نصابها.

ولا تتوقف الجهود المجتمعية على الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والتحالفات والمبادرات الشبابية، حيث يؤكد الصحفي والناشط الحقوقي همدان العليي في حديثه لـ"المجهر" على أهمية دور الفرد كأخ تجاه أخوته وكأب وأم وشيخ قبيلة وكمعلم في المدرسة وأكاديمي في الجامعة.

ويقع الدور الرئيسي على الجهود الرسمية في التركيز المكثف على تفنيد الأكاذيب الحوثية أولاً بأول وكشف أفكارها الطائفية القائمة على نشر التطرف والإرهاب، إلى جانب الاهتمام بالمؤسسات الثقافية والإعلامية والدينية لتصحيح المعتقدات.

لأنه وكما أشار العليي إلى أن هذه الأكاذيب والأفكار مهما كانت غير منطقية ستجد في المتجمع من يؤيدها ويتعامل معها كحقائق ويبني من خلال قناعات مدمرة ستسهم بشكل أو بآخر في تدمير الدولة لصالح الميليشيات. وفق تعبيره.