الثلاثاء 08/أكتوبر/2024
عاجلعاجل

وعي ثوري ضد الحوثيين .. احتفالات سبتمبر تبدأ باكرًا في اليمن هذا العام (تقرير خاص)

وعي ثوري ضد الحوثيين .. احتفالات سبتمبر تبدأ باكرًا في اليمن هذا العام (تقرير خاص)

في شوارع مدينة تعز التي يحاصرها الحوثيون للعام العاشر تواليا، تكتسب الاحتفالات الشعبية بذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، عفوية مطلقة وزخمًا واسعًا يوحي بمدى تمسك أبنائها بروح النضال والمقاومة لردع المشروع الحوثي، وتأكيدًا على أن هذه المدينة كانت ولا تزال رافعة عمود الجمهورية، وقلب اليمن النابض بالحرية في وجه الإمامة القديمة والجديدة.

فمنذ بداية سبتمبر/ أيلول الجاري هذا العام، بدأت احتفالات اليمنيين بزخم أكبر من ذي قبل، إذ لم تقتصر على الأغاني الوطنية فحسب، بل وصلت إلى مظاهر المقاومة ضد الإمامة؛ ففي شوارع تعز، تُرفرف أعلام الجمهورية في كل زاوية، وتعلو الهتافات الثورية وتبرز صور الأبطال الذين ضحوا بحياتهم من أجل الحرية والكرامة، كلوحات وجداريات تذكارية وسط هذه المدينة، فالعديد من المناضلين الأوائل نقشوا تاريخ العهد الجمهوري على ماضٍ إمامي وهذا ما رسخ جولات المرور بين الطرفين ورفع مستوى التنسيق بينهم.

 

تذكير بقيم الجمهورية

 

مظاهر الاحتفاء الشعبي هذه، أتت تجديدًا لقيم نظام الجمهورية، وتمسكًا بمبادئ ثورة كانت تشكل حدثاً عظيماً في حياة اليمنيين، خاصة أنها أنقذت الشعب من كابوس الإمامة، وأسست حق المواطنة بدلاً عن الرعية، وفتحت الأبواب أمام التقدّم والحداثة، وحصّنت الوعي العام ضد الخرافة والتضليل، فزيادة الاحتفالات بذكرى سبتمبر دلالة على أن المشروع الحوثي انكشف حقيقته للناس، ويعيش أيامه الأخيرة.

من سبتمبر الثورة والجمهورية، وصولًا إلى سبتمبر النكبة والانقلاب الحوثي على الدولة، ثمة تصورات مختلفة للمشهد اليمني، فالعديد من غالبية اليمنيين لن يقبلون بالعودة إلى عصور الظلام والتخلف، وأنهم مصممون على استعادة دولته وبناء مستقبل مشرق لأجياله القادمة.

مراقبون أكدوا أن الاحتفالات العفوية بذكرى ثورة سبتمبر لها دلالتين، الأولى تعبر عن عدم قناعة الشعب اليمني بالواقع الذي يحاول الحوثيون فرضه بالقمع والترهيب، فيما تتمثل الدلالة الثانية في أن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر أثرت بشكل كبير على اليمنيين، وتركت إرثًا واسعًا متجذرًا في عقول الناس، الذين استوعبوا عدد من المفاهيم والمعارف في مختلف مجالات الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها.

 

وعي ثوري

 

زيادة الاحتفالات بذكرى سبتمبر دلالة واضحة أن مشروع جماعة الحوثي الإرهابية، قد انكشف حقيقته وعرف اليمنيون حجم الكذب والخداع، ونسبة التضليل ووهم الخرافة، التي يحاولون من خلال هذه الأساليب تمرير مشروعه العنصري السلالي، وبالتالي يعيش الحكم الحوثي حلقاته الأخيرة من مسلسل إرهاب وتخويف المدنيين.

الباحث السياسي، أمين المشولي، ورئيس فرع حزب العدالة والبناء بتعز، يقول لـ "المجهر": إن البداية المبكرة للاحتفاء والاحتفال بثورة السادس والعشرين من سبتمبر دليل واضح على أن الشعب اليمني برمته، بدأ التفكير بصوت مرتفع استعدادًا ليوم الخلاص من الجماعة الحوثية، وشاهد على تنامي الغضب الشعبي ضد الكهنوت الإمامي البغيض.

ويضيف المشولي بأن المؤشرات التي ترى بالعين المجردة توضح أن هناك ثورة شعبية تتشكل في كل جغرافية المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، والرفض المتنامي والصدام المسلح الفردي علامة واضحة، على تأكيد أن اليمنيين لا يمكن أبدًا القبول بالكهنوت والعودة إلى عصر العبودية التي غادرها شعبنا في سبتمبر 1962م.

وفي حديث خاص لـ "المجهر"، أكد المشولي أن الشعب اليمني لا ينظر إلى أي سلام لا يلبي ولا يحقق طموحاته وتطلعاته لبناء يمن يتساوى فيه الجميع، وبالتالي فإن حالة الاحتقان الحاصلة في مناطق الحوثيين علامة واضحة أن الشعب ضاق ذرعًا ولم يعد بمقدوره الصبر والتحمل أكثر.

ويشير الرجل إلى أنه من الملاحظ التفكير بصوت مسموع أصبح واضحًا، بل وصل إلى استخدام السلاح في مناطق عدة، وهناك ضحايا من جماعة الحوثية نتيجة لذلك.

ويختتم المشولي حديثه بالقول : أعتقد لا ينقص الشعب من إقامة ثورة تجتث الجماعة إلا التفاف الجميع حول بعضهم وصولًا إلى توقيت زمني مناسب يكون الجميع قد وصل إلى مرحلة اللاعودة فإما الحرية أو الموت دون ذلك".

 

تجسيد حي للرفض

 

الاحتفالات الشعبية وسط مدينة تعز، ليست مجرد ذكرى، بل هي تجسيد حي للرفض المطلق للحكم الإمامي، وتأكيدًا أن روح الثورة لا تزال حية في قلوب الناس، الأمر الذي مدى رفض الشارع اليمني للعودة إلى عصور الظلام والتخلف، ولذلك يناضلون من أجل استعادة الدولة وبناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة.

وكثيرة هي المفارقات بين سبتمبر الثورة والجمهورية، وسبتمبر النكبة وفشل الانقلاب الحوثي في إدارة مؤسسات الدولة، الأمر الذي جعل ملامح الدولة تبدو هشة ومخفية، والمواطن البسيط يعاني من مشقة البحث اليومي عن لقمة عيش تسد رمق جوعه؛ ورغم التحديات والصعوبات، يبقى وهج الثورة السبتمبرية مشعًا في قلوب اليمنيين، ورمزًا للإصرار والتحدي.

يقول الصحفي زكريا الكمالي، إن الإمامة تُطل برأسها، حيث تتعاظم قيمة ثورة 26 سبتمبر لدى اليمنيين عام بعد آخر، لكن المظاهر الاحتفالية الموسمية، غير كافية لردع الإمامة الجديدة التي تطل برأسها بشكل سافر.

ويستطرد متابعًا: "صحيح أن الزخم السبتمبري المبكر والعفوي يبعث على الاطمئنان، إلا أن حجم الخطر الذي يتربص بأهداف ومكاسب الثورة، أكبر مما يتصور البعض". مشيرًا إلى أن هناك مؤامرة كبرى تستدعي صحوة شعبية في وجه تغول الإمامة الجديدة على مدار العام، وعدم الاكتفاء بتغيير إطارات الصور الشخصية في منصات التواصل الاجتماعي بشعارات الثورة، أو ترديد الأناشيد الوطنية عبر مكبرات الصوت، في باحات المدارس، خلال شهر الثورة فقط.

ويوضح أن الإمامة أصبحت تجاهر بمشروعها السام دون خجل، وكما تجرأت، قبل عام، على تعديل الهدف الأول من أهداف الثورة في منهج التربية الوطنية، تعمل جاهدة على طمس باقي الأهداف بشكل لم يعد يخفى على أحد، لافتًا إلى أن كل عناوين عصر الإمامة البائدة من فقر وجهل ومرض وتمييز طبقي وغياب مواطنة، استحضرها الحوثي من جديد بعد أكثر من 6 عقود على زوالها، وأضاف عليها الكثير من الطقوس والمناسبات الطائفية المستوردة.

وبين الصحفي الكمالي أن "العنصرية المقنعة التي يحاول الحوثي خداع اليمنيين باتت مكشوفة ولم تعد تنطلي على أحد، وأنه لا هدف للحوثي سوى تمكين السلالة من حكم واستعباد اليمنيين مجددًا، والجميع يعرف جيدًا أن المناصب الصورية التي تذهب لأشخاص من خارج السلالة، يُحكمون بمشرفين من قادة الجماعة، فالحوثي لا يمنح ثقته لأحد، حتى ولو كان ذلك في أكثر المناصب دونية".

السموم التي تبثها الإمامة الجديدة يجب أن تكون جرس إنذار لكل اليمينين على السواء، بحسب زكريا الكمالي، الذي يعتقد أن المتماهين مع الحوثي في مناطق الانقلاب مجرد أرقام لتمرير المشروع الطائفي الرجعي، ومهما حاولوا تقديم طقوس الولاء، فإن ذلك لن يشفع لهم طالما لا ينتمون للسلالة، فيما الناجون في المناطق المحررة يعتبروا ضحايا مستقبليين في حال تم استمرت اللامبالاة الحاصلة منذ عقد، نتيجة لأنه لا أحد في مأمن، والإمامة الجديدة إذا لم تطارد البسطاء في معاقلهم، ستحاصرهم في أحلامهم، ومستقبل نسيجهم الاجتماعي.

ويرى الكمالي أنه حان الوقت لنهج جديد يتعاضد فيه الجميع لحماية مكاسب ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المهددة بالانهيار، وقبل التفكير في تحصين المناطق المحررة، مضيفا أنه "يجب الالتفات أولًا لمعاناة الناس في المناطق المختطفة بقوة السلاح من قبل جماعة الحوثيين، وعدم تركهم فريسة وحقول تجارب لمشروع رجعي سيدهس الجميع".