يُكنُّ الحوثيون عداءً جوهرياً لثورة 26 سبتمبر الأمر الذي جعلهم يتعاملون بحقد دفين مع كل ما له صلة بهذه الثورة العظيمة وكل من يحمل مبادئها وقيمها، وعلى هذا الأساس ظهرت الجماعة منذ اليوم الأول الذي تأسست فيه، سواء على المستوى التنظيمي باسم الشباب المؤمن في التسعينيات أو على المستوى المسلح مع بداية الحروب الستة في العام 2004م.
إلا أنه وبالرغم من ذلك، كانت جماعة الحوثي في البداية بحاجة إلى ارتداء العديد من الأقنعة التي تساعدها على خداع بعض السياسيين والإعلاميين والشخصيات الاجتماعية التي طالما تعاملت باستهتار مع تحذيرات أحرار اليمن خلال الثلاثة العقود الماضية.
وفي السنوات الأخيرة، ظهر عداء الجماعة لثورة 26 سبتمبر بوضوح ما أرجعه بعض المحللون إلى ترك المجال للحوثيين لتحقيق بعض الإنجازات التي أكسبتهم شعوراً بالنصر والقوة وأوصلتهم إلى مرحلة المجاهرة بعدائهم لثورة سبتمبر المجيدة.
خطوات استبدادية
يستشرف بائع الخضروات (ع. ب) ملامح الجمهورية من رائحة الأرض التي منحته محصولاتها ليقدمها لزبائنه، ما جعله يبدو متمسكاً بظل مبادئ ثورة 26 سبتمبر التي استبدلها الحوثيون بمشروعهم السلالي البغيض.
يقول البائع في حديثه لـ "المجهر" إن جذور ثورة سبتمبر راسخة في جوف كل يمني غيور على بلاده من الامتداد الفارسي الذي يستهدف القضاء على منجزات الجمهورية وإعادة اليمن إلى نظام الاستبداد الإمامي.
وخلال الثلاث السنوات الماضية، تابع اليمنيون حالات استهداف عناصر جماعة الحوثي الإرهابية للمواطنين والاعتداء عليهم لمجرد هتافهم بشعارات ثورة 26 سبتمبر المجيدة ورفع علم الجمهورية اليمنية.
وتعليقاً على ذلك ذكر نائب مدير المركز الاعلامي للقوات المسلحة اليمنية المقدم دكتور صالح القطيبي، أن أكبر خطوة اتخذتها جماعة الحوثي منذ البداية لمعاداة لثورة 26 سبتمبر، هو اجتياحها للعاصمة صنعاء في شهر الثورة واختيارها تاريخ 21 سبتمبر يوما للاحتفال بدلاً عن 26 سبتمبر.
وأوضح القطيبي في حديثه لـ"المجهر" أن هذه الخطوة أعقبتها عدة خطوات بما في ذلك إخفاء معالم الثورة من المتاحف وإزالتها من المناهج الدراسية وتغيير أسماء الشوارع والمدارس والمرافق المسماة بأسماء أبطال الثورة اليمنية ورموزها.
وأضاف: "تعد ميليشيا الحوثي امتدادا سلاليا وفكريا للأئمة الذين طغوا في البلاد من قبل وأدخلوها مجاهل التاريخ قبل أن يلفظهم شعبنا عبر سلسلة من الثورات توجت بثورة 26 سبتمبر الخالدة عام 1962".
وبالرغم من ذلك يعتقد الصحفي والكاتب اليمني أن جماعة الحوثي تحاول الادعاء بتأييدها للنظام الجمهوري، مشيراً في حديثه لـ"المجهر" إلى أن " ادعاءاتها هذه ينافيها الفعل في الميدان فهي تضيق على كل من له علاقة بثورة 26 سبتمبر كما تقوم باستهداف العلم الجمهوري".
ولعل الشعب اليمني بات اليوم يدرك مدى خطورة الخطوات التي تتخذها جماعة الحوثي الإرهابية في مساعيها لطمس معالم ومبادئ ثورة 26 سبتمبر، ويبقى الأمر مرهوناً بالوعي الشعبي الكبير لإفشال هذه المساعي الخبيثة.
قمع مبكر
بدأت جماعة الحوثي بقمع مظاهر الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر مبكراً هذا العام، وربما يعود ذلك مخاوف الجماعة من تزايد الزخم الشعبي والاستعدادات المبكرة للاحتفاء بهذه المناسبة على ناطق واسع في مناطق سيطرتها.
وقام "المجهر" برصد عمليات قمع الحوثيين لمظاهر احتفال المواطنين بذكرى عيد ثورة الـ 26 من سبتمبر المجيدة خلال الثلاثة السنوات الماضية في مناطق سيطرة الجماعة.
ففي نهاية أغسطس/ آب الماضي، استدعت نيابة شرق محافظة إب الخاضعة لسلطة الحوثيين الناشط الإعلامي عبدالله الكامل، وحققت مع على خلفية منشورات في منصة فيسبوك يبشر فيها بقدوم العيد الـ 62 لثورة سبتمبر.
وبعدها بأيام، أقدمت عناصر تابعة للجماعة باختطاف الناشط الإعلامي رداد سعيد الحذيفي، في مديرية المشنة بمحافظة إب على ذمة منشوراته المناهضة للحوثيين، بعد تعرضه لحملة من قبل ناشطين حوثيين على منصات التواصل الاجتماعي.
وفي حادثة مماثلة، قام مسلحون حوثيون بالاعتداء على الناشط محمد عمر الكثيري بالضرب المبرح أمام أطفاله قبل أن يقتادوه من منزله إلى مكان مجهول، على خلفية منشور على منصة فيسبوك عبر عن رفضه الاحتفال بالمولد النبوي والاكتفاء بالاحتفال بذكرى 26 سبتمبر.
وتخشى جماعة الحوثي المدعومة إيرانيا، من تحول مظاهر الاحتفال بالعيد الـ 62 لثورة سبتمبر إلى مناسبة للتظاهر ضد ممارستها وسط وجود مؤشرات كثيرة حول احتقان الشارع اليمني ضد ممارسات الجماعة الأمر الذي قد يدفعهم إلى انتفاضة واسعة.
مخاوف استباقية
لا تكاد تخلو المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الجماعة من حالات القمع الحوثية لمظاهر الاحتفال بثورة سبتمبر المجيدة في صورة تكشف حجم الحقد الذي كانت تخفيه الجماعة عن منجزات الجمهورية.
وتركزت معظم حالات القمع الحوثية هذا العام في محافظة إب التي ينتمي لها مفجر شرارة ثورة 26 سبتمبر الشهيد علي عبدالمغني، ففي مسقط رأسه بمديرية السدة اختطفت جماعة الحوثي في الربع الأول من سبتمبر الجاري، أربعة أشخاص بذريعة التنسيق لإقامة احتفالات.
كما شنت الجماعة بعدها بأيام حملة اختطافات واسعة تزعمها القيادي الحوثي علي الوشلي المعين من قبل الحوثيين مديرًا لأمن مديرية، واستهدفت الحملة إحدى عشر ناشطاً وإعلامياً وتلاها اعتقال أكثر من 30 شخصًا بتهمة الإعداد لتنظيم حفل بمناسبة الذكرى الـ 62 لثورة الـ 26 من سبتمبر.
وفي مطلع الشهر الجاري، عقد المشرف الحوثي عبدالفتاح غلاب اجتماعا مع مديرات مدراس البنات في محافظة إب (وسط اليمن) رفقة مدير مكتب التربية المعين من قبل الجماعة لتوجيههن بعدم إقامة أية احتفالات بالعيد الـ62 لثورة سبتمبر.
ونهاية الأسبوع الماضي، أقدم الحوثيون على اختطاف عدد من السياسيين والناشطين بما فيهم أعضاء في اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر الشعبي العام وحزب العدالة والبناء في محافظة ذمار، بذريعة التجهيز للاحتفال بالثورة، كما قامت باختطاف سبعة أشخاص في مديرية البيضاء لتريدهم هتافات خاصة بثورة سبتمبر بالقرب من سد مائي في المنطقة.
وفي الحديدة، داهمت عناصر حوثية منزل الدكتور عباس الحرازي، عضو هيئة التدريس بجماعة الحديدة وقامت باختطافه واقتياده إلى جهة مجهولة، وكانت الجماعة الإرهابية قد حذرت قبل ذلك الناشطين والمصورين على وسائل التواصل الاجتماعي من أي مظاهر للاحتفاء بثورة سبتمبر المجيدة.
وكان للعاصمة المختطفة صنعاء نصيبها من حالة القمع الحوثي للمظاهر السبتمبرية، حيث اقتحمت عناصر حوثية مسلحة منزل الشيخ فارس حرمل من أبناء محافظة عمران واقتادته إلى سجن الأمن والمخابرات بعد يومين من اختطاف عمه الشيخ علي ثابت حرمل.
كما قامت الجماعة في وقت سابق باقتحام مدرسة للبنات في منطقة همدان لغرض إفشال حفل جهزت إدارة المدرسة لإقامته بمناسبة ذكرى ثورة سبتمبر، وقام مسلحو الحوثي بترويع الطالبات وطردهن ومن ثم إغلاق بوابة المدرسة لمنع إقامة الاحتفال.
ووثقت منظمة مساواة للحقوق والحريات أسماءً لـ 33 مدنياً اختطفتهم جماعة الحوثي المدرجة على قوائم الإرهاب الأمريكية، خلال الأيام الماضية في المناطق الخاضعة لسيطرتها على خلفيتهم دعوتهم للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر.
توظيف سياسي
تبالغ جماعة الحوثي الإرهابية في إبراز احتفالاتها الطائفية والانقلابية ضمن استراتيجيتها في التوظيف السياسي للحشود التي تدفعها للاحتفال بمناسبتها أمام المحيط الإقليمي والدولي.
ورغم ذلك، تدرك الجماعة المدعومة من إيران أنها لا تستطيع أن تتجاوز ذكرى ثورة 26 سبتمبر كما لا تستطيع انتزاع ارتباط الشعب اليمني بهذه الثورة العظيمة من خلال احتفاءهم بذكرى سيطرتهم على صنعاء في 21 سبتمبر من العام 2014م.
وفي هذا الجانب، يبين الصحفي والكاتب اليمني همدان العليي، أن " الحوثيين يعرفون جيداً أن ذكرى هذا اليوم البائس هو مجرد ذكرى ليوم نكبة اليمنيين ولهذا ترى الجماعة بأنها قد تستطيع تتجاوز ثورة 26 سبتمبر بالمبالغة ببعض المناسبات الدينية التي تفترضها وعلى رأسها ذكرى ما يسمى بالمولد النبوي.
ويشير العليي إلى أن مبالغة الحوثيين في الاحتفال بذكرى المولد النبوي " ليس احتفاء بالرسول - صلَّ الله عليه وسلم – وإنما استغلالاً لذكرى هذه الشخصية العظيمة من أجل تحقيق أهداف سياسية".
وبدوره ذكر المقدم دكتور صالح القطيبي، أن جماعة الحوثي تخطو خطوات أخرى لتجهيل المجتمع وتجويعه من خلال هذه المناسبات الخاصة، بما يتيح لها إقناعه بأفكارها الكهنوتية، واضطهاده وإجباره على تقديس قادتها المجرمين.
ولأنه وحسب توصيف القطيبي، فجماعة الحوثي تحاول بالتزامن مع خطواتها الهادفة لطمس معالم الثورة ومبادئها وتدمير مكتسباتها إلى إعادة ماضيها المظلم الشهير بثلاثي الجوع والجهل والمرض.
وتسعى جماعة الحوثي المدعومة من إيران، إلى فرض مناسباتها الدينية والانقلابية لتثبيت مشروعها السلالي على حساب استهداف قيم ثورة 26 سبتمبر أو لتحقيق أهداف طائفية على رأسها نشر التشيع والقضاء على المعتقد السني في اليمن.
استهداف النخب السبتمبرية
تواصل جماعة الحوثي الإرهابية، إلصاق التهم بالمثقفين والإعلاميين والأكاديميين والتربويين والمفكرين اليمنيين في خطوة بدأتها منذ اليوم الأول لانقلابها على مؤسسات الدولة في صنعاء عام 2014م.
لكن لماذا تجد ضحايا الاختطاف الحوثي من فئة المتعلمين وحاملي الشهادات العُليا!؟ يجيب الصحفي والكاتب اليمني همدان العليي بأن السبب يعود لكون "قيادة الحوثي وكوادرها هم مجموعة من أصحاب السوابق والانتهازيين وممن تعصبوا عرقياً مع مشروعها السلالي".
ويضيف العليي في حديثه لـ"المجهر" أن العصابة السلالية المسمى بجماعة الحوثي قائمة أصلا على مجموعة من الأكاذيب الدينية التاريخية والأكاذيب السياسية المعاصرة التي نشهدها اليوم.
ويتوقع أن جماعة الحوثي ستستمر في استهداف النخبة اليمنية في مناطق سيطرتها لا سيما تلك التي تحمل مبادئ وقيم ثورة 26 سبتمبر وتدافع عنها، لأن الجماعة تجدهم أخطر من يهددون وجودها الطائفي والعنصري. حد وصفه.
وتدرك جماعة الحوثي إن وجود الأكاديمي والمعلم والمثقف اليمني له دور في تفنيد هذه الأكاذيب ونسفها من جذورها ما يجعلها تقوم باستهداف هذه الشرائح المجتمعية وتتعامل معهم بخطورة أكبر ممن يقاتلونها في الجبهات.
وكان زعيم الجماعة قد أشار في إحدى خطاباته في العام 2016م إلى أن خطورة الإعلاميين والمثقفين ضد مشروعهم السلالي أبلغ من خطورة حاملي السلاح في جبهات القتال.
الإجراءات الحوثية ضد النخب المدافعة عن مبادئ ثورة سبتمبر تأتي في سياق مساعي الجماعة الممنهجة لاستهداف كل ما يتعلق بالجمهورية وكل من يؤمن بها ويدافع عنها.
إلا أن نائب مدير المركز الاعلامي للقوات المسلحة اليمنية المقدم دكتور صالح القطيبي، يرى أن هذه الممارسات ستزيد من إيمان اليمنيين بالجمهورية وتمسّكهم بها بما يعمل على شحذ عزيمتهم للدفاع عنها.
وأوضح القطيبي في حديثه لـ" المجهر" أن " الكوادر التي تتعرض للمضايقات ومحاولات الإذلال والاضطهاد ستنعكس على المليشيا الحوثي التي تعتقد أن بإمكانها إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء".
وأشار إلى أن الممارسات التي تقوم بها جماعة الحوثي تأتي في الوقت الذي ما تزال قوات الجيش وأحرار اليمن يقاتلون عناصرها في نحو 50 جبهة قتالية، مضيفاً " لك أن تتخيل ما الذي كان بإمكانها أن تعمله باليمنيين لو استطاعت السيطرة على البلاد".
وإجمالا، فشلت جماعة الحوثي الإرهابية في إعادة ماضيها المظلم على الأقل حتى الآن، فيما استطاع اليمنيون كسر الهجمة الارتدادية، وفقا للقيادي في الجيش الوطني المقدم صالح القطيبي.
مؤكداً على ضرورة " توحيد كل القوى الوطنية لطي هذه الصفة المظلمة، التي وضعها آبائنا وأجدادنا ضمن أهداف الثورة الأم، وأوصونا بالقضاء عليها باعتبارها مخلفات الإمامة والاستعمار".
قمع مستمر
تستمر الاعتداءات الحوثية لقمع مظاهر الاحتفال بثورة 26 سبتمبر فليست تلك الحالات الأولى، وبالطبع لن تكون الأخيرة ففي الذكرى الـ 60 عام 2022م اقتحمت جماعة الحوثي بعدد من الأطقم المسلحة ساحة ميدان الأحمر وسط مدينة ذمار شمال اليمن، أثناء التجهيز لإيقاد الشعلة وقامت باختطاف 3 أشخاص من منظمي الفعالية.
وفي العام الماضي وفي نفس المناسبة وصلت وتيرة القمع الحوثي إلى ذروتها، حيث دفعت الجماعة بكتائب أمنية وعسكرية لحصار منازل قيادات في مؤتمر صنعاء ومنع أي تجمع للمواطنين.
وتزامنت هذا التصعيد الحوثي مع ثورة غضب شعبية جابت شوارع العاصمة المختطفة صنعاء، نتج عنها اختطاف واحتجاز ما يقارب من ألف مواطن يمني ممن خرجوا للاحتفال بالمناسبة أفرجت الجماعة بعد ذلك عن بعضهم وأبقت آخرين في سجونها.
كما اتخذت الجماعة عدة إجراءات في المناطق الخاضعة لسيطرتها منها منع إقامة أي أنشطة أو إذاعات مدرسية في محافظة إب وسط البلاد للاحتفاء بأعياد ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر الوطنيتين.
وظهر رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي للحوثيين المدعو مهدي المشاط ليهاجم ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ويقلل من إنجازاتها بقوله "إن 61 عاما مضت من عمر اليمن لم نر الدولة اليمنية التي تليق بالإنسان اليمني الكريم"، في إشارة لحديث اليمنيين عن المنجزات التي حققها النظام الجمهوري.
كما اعتبر أن انقلاب الجماعة على مؤسسات الدولة في الـ 21 من سبتمبر 2014م جاء لإعادة الاعتبار للحقبة الإمامية التي أنهتها ثورة 62 زاعماً أن "قيادتنا تلزمنا بتلافي كل الأخطاء التي وقع فيها السابقون، وتلزمنا بالبناء على كل ما هو صحيح ممن سبقونا".
ما بين الثورة والنكبة
من الواضح أن هناك أسباب كثيرة دفعت جماعة الحوثي نحو قمع مظاهر الاحتفال بذكرى ثورة الـ 26 من سبتمبر، ولمعرفتها يتطلب الأمر محاولة استعراض خطابات ثورة الـ 26 من سبتمبر المجيدة والمتمثلة بأهدافها السامية الخالدة، وتفكيك ما يقابلها من الخطابات السلالية والعنصرية.
وفي هذا الإطار يبين الباحث اليمني الدكتور همدان الصبري، أن خطاب ثورة 26 سبتمبر يدعو إلى التحرر من الاستبداد، ويرسخ مبدأ العدل عبر إزالة الفوارق والامتيازات الطبقية؛ بينما الخطاب الكهنوتي للحوثيين يؤصل لمبدأ الخضوع، ويغرس التبعية المطلقة لولاية الفقيه (الحاكم الفرد المطلق). وفق تعبيره.
وأضاف في حديثه لـ"المجهر" إن خطابات ثورة سبتمبر العسكرية تؤسس لبناء جيش ومؤسسات أمنية لحراسة الوطن، والحفاظ على المكتسبات الجمهورية، بينما خطاب الحوثي السلالي " قائم على تأسيس ميليشيا عكفوية".
كما أن خطابات العيد الوطني لأيلول 1962 "الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية" تؤسس لرفع مستوى الشعب بكافة تلك المجالات، بينما تعتمد جماعة الحوثي على جمع الخُمس ونهب المال العام لتمويل احتفالاتها السلالية، والاستحواذ على السوق التجاري في البلاد ليصبح مصبوغ بطيفها السلالي ويرجع اليمنيين عمالة تابعين لها.
ويقوم الخطاب الاجتماعي للحوثيين على نظرية السادة والعبيد، وتستند في ذلك إلى تحريف الأنساب لإيجاد طبقة اجتماعية مائعة الهوية والانتماء، بهدف إزالة الانتماء الوطني والتركيز على وتر الخلافات والثارات والنزاعات القبلية، وفقاً للصبري.
ويبين الباحث همدان الصبري أن الخطاب الثقافي للحوثي يتركز على محاربة المنظومات التعليمية والثقافية بمختلف أشكالها، بوصفها علوم لا فائدة منها، وتعبئة ذهنية الشباب بالنصوص ذات المدلولات العدمية في خطابات زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي.
وتابع: "خطاب عيد أيلول المجيد ينص على احترام المواثيق وإقرار السلام ويدعم مبدأ التعايش؛ بينما خطاب الكهنوتية السلالية قائم على نقض المواثيق ونكث العهود، وزج أبناء الشعب في حروب متتالية".
وخلُصَ إلى أن خطابات ثورة سبتمبر الخالدة تتصادم كلياً مع خطابات الحوثي السلالية،-ولا بد من أن يقضي إحداهما على الآخر؛ متأملاً أن مبادئ ثورة الـ 26 من سبتمبر ستنتصر في نهاية المطاف.