الأربعاء 11/ديسمبر/2024
عاجلعاجل

قمع ونهب واختطافات.. جماعة الحوثي تصعد من جرائمها ضد السكان في إب (تقرير خاص)

قمع ونهب واختطافات.. جماعة الحوثي تصعد من جرائمها ضد السكان في إب (تقرير خاص)

منذ مطلع العام الجاري؛ نالت محافظة إب؛ النصيب الأكبر من الانتهاكات التي تمارسها جماعة الحوثي الإرهابية ضد السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها، في صورة تكشف الحقد الدفين الذي تحمله قيادات الجماعة المدعومة من إيران القادمة من مناطق شمال الشمال ضد سكان المحافظة الواقعة وسط البلاد.

تشير تقارير حقوقية؛ إلى أن جماعة الحوثيين دأبت خلال الأشهر الماضية على ارتكاب انتهاكات جسيمة تصل إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بحق المواطنين في إب، توزعت بين "القتل والاختطافات والتعذيب والقمع والتنكيل، السطو والاعتداءات والنهب والجبايات والسرقات، اقتحام المدارس والمساجد والتهجير".

ويرى مراقبون أن الجماعة المصنفة على قوائم الإرهاب الأمريكية تواجه رفضا كبيرا لمشروعها الطائفي وممارساتها السلالية في محافظة إب؛ الأمر الذي دفع الجماعة لتكثيف حملات القمع ضد السكان ومحاولة إذلالهم بصورة مستمرة لضمان إسكات الأصوات المعارضة التي قد تجد طريقها يوما ما لتصبح ثورة تقتلع جذور الحوثيين وتنهي سيطرتهم على إب.

 
 مغانم حوثية


 
حولت جماعة الحوثيين المدعومة من إيران المحافظة المسالمة وسط البلاد إلى ساحة للقتل والنهب والابتزاز، ومن مدينة توصف بالخضراء وعاصمة البلاد السياحية، إلى إقطاعية لمشرفيها القادمين من "صعدة وحجة وعمران". 

ويعتبر الحوثيون محافظة إب مغنمًا كبيرًا، مما يزيد من شهيتهم للنهب، حيث تدعي قيادات في الجماعة أن لديها إرثًا من عائلاتها المنتهية تاريخيا مثل بيت حميد الدين وبيت شرف الدين، وهو ما يستخدمونه كذريعة للنهب، وفق سكان محليون.
 
في السياق، يؤكد المحلل السياسي عبد الواسع الفاتكي أن مدينة إب "تأخذ نصيبا وافرا من انتهاكات المليشيا الحوثية، حيث يأتي مشرفي الجماعة من محافظة ذمار أو عمران وصعدة، كمشرفين ويمارسون انتهاكات عديدة بحق أبناء المحافظة".

ويوضح الفاتكي في حديثه لـ"المجهر" أن جماعة الحوثيين تواصل إرهاق المواطنين بالجبايات التي أصبحت تفوق قدراتهم على الدفع لا سيما مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة؛ حيث تجبر التجار والباعة المتجولين وعوام الناس على دفع الاتاوات، ما أدى إلى هجرة العديد من رجال الأعمال من المحافظة إلى خارج مدينة إب.
 
وأضاف الفاتكي أن هناك انتهاكات تطال ممتلكات المواطنين كنهب الاراضي والمزارع ذات الأثمان الباهظة، وصل الأمر إلى المديريات الريفية بالمحافظة، وصلت إلى درجة الاشتباك المسلح مع أصحاب الاراضي، ويتعرض صاحب الحق إلى القتل أو الاعتقال من قبل المليشيا الحوثية، إضافة إلى الاستيلاء على الممتلكات العامة كالمدارس والجامعة ودور تحفيظ القرآن الكريم.

 
انتهاكات بالجملة

 

صعدت جماعة الحوثي الإرهابية خلال العشرة أشهر الماضية من انتهاكاتها بحق السكان في محافظة إب، رصد "المجهر" عددا منها، ولعل أحدثها قيام عناصر حوثية الأسبوع الماضي بشن حملة عسكرية على مدرسة المناهل الأهلية وسط المدينة، واقتحامها بقيادة الحوثي "يحيى القاسمي" المعين من قبل الجماعة وكيلًا للمحافظة لشئون التنمية، أثناء أداء الطلبة اختبارات نهائية.

وفي العشرين من يوليو/ تموز الماضي قُتل مواطن يدعى “نائف العماري” أمام أطفاله وزوجته، برصاص عناصر حوثية في منطقة “الصنع” بعزلة بني سبأ، بمديرية القفر، شمالي المحافظة، نتيجة خلافات حول قطعة أرض بين الضحية، وشخص آخر استعان بالقيادي الحوثي المدعو “أبو جراح” المعيّن من قبل الجماعة مشرفًا أمنيا للمنطقة، للسطو عليها بقوة السلاح.
 
في السياق، أقدمت جماعة الحوثي الإرهابية في الثامن من فبراير/ شباط الماضي على تفجير منزل المواطن "حسن قائد الطويل" في قرية المشاغبة بمحافظة إب، عقب نهب محتوياته، وهي واحدة من عشرات الجرائم التي رصدها "المجهر".
 
وإثر مقتل أحد مشرفيها؛ فرضت جماعة الحوثيين حينذاك حصارا خانقاً على قرية المشاغبة، حيث دفعت بعناصرها إلى مدخل القريتين، وقطعت مشروع مياه القرية، كما شنت حملة اختطافات واسعة شملت أكثر من 60 شخصا و5 نساء من أسرة بيت الطويل.

كما رصد "المجهر" تصاعد ملحوظ لنسبة الجرائم الأسرية في محافظة إب؛ نتيجة التعبئة الطائفية التي يزرعها الحوثيون في عقول أتباعهم وخصوصا صغار السن عبر ما تسمى بـ"الدورات الثقافية"، وأحد هذه الجرائم إقدام شاب يُدعى “محمد أمين المقدشي” المنتمي لصفوف الجماعة على قتل جده البالغ من العمر 70 عاما، في قرية العكر بعزلة الأشراف في مديرية ذي السفال، جنوب المحافظة.

 

اختطافات مستمرة

 

في سبتمبر/ أيلول الماضي، أطلقت جماعة الحوثي الإرهابية حملة اختطافات مكثفة لقمع أي مظاهر احتفالية بالذكرى الثانية والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة التي أطاحت بالحكم الإمامي البائد، حيث تصدرت محافظة إب حصيلة هذه الاختطافات.

وبحسب منظمة رايتس رادار، فإن جماعة الحوثيين اختطفوا 428 مدنياً لإحيائهم ذكرى 26 سبتمبر، وشهدت إب النصيب الأكبر من هذه الانتهاكات بـ179 حالة، مؤكدة أن من بين المختطفين العشرات من الأطفال القصر والنساء. 

وفي وقت سابق، كشفت مصادر حقوقية عن استحداث جماعة الحوثيين نهاية النصف الأول من العام الجاري، سجن "الأمن السياسي" كمعتقل إضافي إلى جانب المتواجدة سابقا بسبب الاكتظاظ الكبير بالسجناء الذين اختطفتهم الجماعة من مختلف مديريات محافظة إب.

وأوضحت المصادر أن مختطفين أفرج عنهم رووا قصصًا عن التعذيب الوحشي الذي تعرضوا له في أقبية السجن المستحدث، وهو ما يؤكد استمرار الجماعة الحوثية في التعذيب بحق كل من تحتجزهم تعسفا في معتقلاتها سيئة الصيت. 

من جهته، يقول أحمد (اسم مستعار) وهو مختطف سابق لدى جماعة الحوثيين أن "المعاناة في سجون مليشيا الحوثي كانت بمثابة شخص يقع في يد الزبانية، وربما تكون الزبانية أرحم منهم". 

ويضيف في حديثه لـ"المجهر" أن الجماعة تمارس صنوف التعذيب النفسي والجسدي، مستخدمة جميع الوسائل، كالصعق بالكهرباء والضرب بالعصيان، والتعليق والزحف بين الماء، والاحراق بالسجائر خلف الرأس، والاجبار على الاستماع خطابات سيدهم، وأن تلتزم الصمت وقت كلمة زعيم الجماعة الإرهابية.
 
إلى ذلك، ذكرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، في تقرير حقوقي نشرته مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، أن جماعة الحوثي الإرهابية مارست صنوف التعذيب الجسدي والنفسي للمختطفين في سجونها بمحافظة إب، مشيرة إلى أنها رصدت تعذيب (161) مختطفاً، ما تسبب بوفاة 47 منهم بينهم أطفال ومسنون، منذ عام 2017م وحتى يونيو 2024م.

 
جرائم مختلفة

 

وثقت منظمة رصد للحقوق والحريات، في تقرير نشرته قبل أسابيع، 65 جريمة من الاقتحامات التي طالت المؤسسات الحكومية والخاصة ومنازل المواطنين، قامت بها جماعة الحوثيين المصنفة على قوائم الإرهاب الأمريكية في محافظة إب خلال فترة وجيزة.

وبحسب التقرير فقد شملت الجرائم الحوثية : 28 جريمة نهب و13 حالة سطو بالإضافة إلى 19 حادثة لإحراق منازل وسرقة سيارات، و تسجيل 105 حالات سرقة طالت المنازل والمحلات التجارية. 
 
 وفي سبتمبر/أيلول الماضي حاولت العناصر الأمنية التابعة للحوثيين، السيطرة على سوق الجملة التابع لنادي شعب إب بعد أن وضعته نصب أعينها لتميزه بموقع حيوي وسط المدينة، حيث اتخذت قرار نقل الباعة إلى سوق جديد يملكه أحد قياداتها ذريعة للسيطرة على السوق القديم. 
 
ومنتصف أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، أقدمت عناصر حوثية، بقيادة المدعو "مروان الجماعي ومحمد الوجيه وأبو ريان الشلح" على اقتحام شقة تتبع مكتب الأوقاف بالقرب من مصلى العيد في أبلان شمالي المدينة، واستولت عليها بعد طرد معلمة قرآن كريم كانت تعيش بداخلها مع ابنتها، بعد اتهامها بأنها "داعشية".

وخلال الأيام القليلة الماضية؛ قُتل القيادي في جماعة الحوثيين مبارك أبو الحسن، القادم من ذمار، على يد بائع قات يُدعى "مصطفى البخيتي"، في منطقة السحول في ذات المحافظة، وذلك بعد أن حاول فرض مبالغ مالية كبيرة تحت مسمى "ضرائب" على بائعي القات.
 

نهب مُنظم

 

 يؤكد سكان محليون في محافظة إب، أن ارتفاع أسعار الأراضي بشكل ملحوظ في المحافظة فتح شهية قيادات جماعة الحوثيين لتسيير حملات نهب منظمة للأراضي العامة وأملاك المواطنين، في صورة تكشف ثقافة الفيد الذي تؤمن به طفيليات الجماعة لتعيش في رفاهية على حساب معاناة الآخرين.

ومؤخرا؛ أثار استهداف الحوثيين لأراضي جامعة إب الخاضعة للحوثيين، موجة غضب ورفض واسع في أوساط المجتمع ومنتسبي الجامعة من الأكاديميين والموظفين والطلاب والناشطين الذين أبدوا رفضهم التام لعملية السطو الممنهجة. 

وبهذا الصدد، يقول الناشط الشبابي يونس الشجاع إن جماعة الحوثي الارهابية مارست الانتهاكات ضد جامعة إب ومنتسبيها في استهداف واضح للعملية التعليمية وكل ما يتصل بالوعي والعلم في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

ويضيف الشجاع في حديثه لـ"المجهر" أن تلك الانتهاكات شملت الاستيلاء على مساحات واسعة من حرم الجامعة، من الجهة الشرقية لمصلحة أحد قادتها يُدعى علي النوعة المعين وكيل للشؤون المالية والإدارية في المحافظة. 
 
ورداً النهب الحوثي لأراضي جامعة إب؛ نظمت هيئة أعضاء التدريس والطلاب والموظفين في الجامعة وقفة احتجاجية غاضبة تنديداً بأعمال النهب التي طالت أراضي الحرم الجامعي، فيما أقدمت عناصر الحوثيين على محاصرة المحتجين وقمعهم ومصادرة هواتفهم خشية توسع نطاق المظاهرة إلى خارج الجامعة، بحسب الشجاع. 

ويشير الناشط الشبابي إلى أن جماعة الحوثيين بررت عملية السطو والتعدي على أراضي وممتلكات الجامعة بالسعي إلى إقامة استحداثات استثمارية تخدم "المصلحة العامة" حسب قولهم، وهي ذريعة يستخدمها الحوثيين منذ سنوات مبرراً لتنفيذ أعمال السطو والنهب التي طالت الأراضي العامة والخاصة.