مع دخول موسم الشتاء القارس، يواجه نازحو اليمن في المخيمات تحديات كبيرة، خاصة مع تقليص الدعم الدولي الإنسانيّ من قبل المنظمات الأممية، الأمر ضاعف المخاوف من تفاقم الأزمة خلال العام القادم 2025م.
وتشهد البلاد صراع داخلي منذ عشرة أعوام، بين جماعة الحوثي المدعومة إيرانيًا، والحكومة المعترف بها دوليا، وهذا ما زاد من انهيار الخدمات العامة، والبنية الأساسية التي تشمل الاقتصاد والصحة، تسببت بإدخال اليمن كواحدة من أكبر الاستجابات الإنسانية في العالم في بيئة تشغيلية صعبة ومعقدة.
وخلال النصف الأول من هذا العام 2024، استقبلت الوحدات التنفيذية للنازحين الواقعة ضمن مناطق الحكومة لا سيما محافظتي تعز ومأرب، وغيرها (3،112) أسرة نازحة، جرى الصراع والكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ.
انخفاض الدعم
في ظل تقليص الدعم الدولي، الذي يهدد حياة اليمنيين من انعدام الأمن الغذائي، يُقدر أنه يعيش 64% من السكان اليمنيين في جميع أنحاء البلاد استهلاكًا غير كاف للغذاء، ونازحو المخيمات، بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية لأجل البقاء على قيد الحياة.
ومؤخرًا، ازدادت المخاوف من تفاقم الأوضاع الإنسانيّة في اليمن، في حال أستمر توقف توزيع المساعدات الغذائية من قبل برنامج الغذاء العالمي، في العديد من المحافظات بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، ستمر ظروف اقتصادية سيئة على مستوى البلاد، واحتمال حدوث حالة طوارئ، حسب المراقبون.
وتوقعت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة (FEWS NET)، في تقرير نوفمبر الجاري، عن استمرار اليمن في المراكز الأولى لقائمة أكثر الدول احتياجاً للمساعدات الغذائية و الإنسانية، الطارئة في البلدان التي تغطيها الشبكة، بحلول شهر مايو 2025.
شحة التمويل
يشير بسام الحداد، مدير الوحدة التنفيذية للنازحين في مديرية المعافر بمدينة تعز "جنوبي غربي البلاد"، إلى صعوبة مواجهات التحديات في المخيمات: قائلا "تقليص الدعم يؤثر على قدراتهم لمواجهات احتياجات النازحين للمواد الغذائية والصحية، وعلى حالة الأسر في الصمود والبقاء في مواجهة الظروف الشتوية".
وفي حديثه لـ "المجهر" يضيف الحداد: "تعتمد قطاعات النازحين اعتمادًا كبيرًا بمسألة التمويلات التي يقرها الشركاء الدوليون، هذا الأمر تقلص كثيرًا مع صراعات العنف التي تمر به منطقة الشرق الاوسط، حيثُ رمى بثقله على التمويلات التي كانت تعتمد لليمن".
في السياق، يفيد تقرير البرنامج العالمي لشهر سبتمبر 2024، أطلع عليه "المجهر"، يعاني 18.2 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 14 مليون امرأة وطفل، و 6 ملايين شخص في حالة طوارئ، على الرغم من أن خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2024 تطلبت 2.7 مليار دولار، لم يتم تلقي سوى 0.4 مليار دولار حتى الآن، مما يترك فجوة تمويلية تبلغ 2.3 مليار دولار.
نزوح داخلي
منذ بدء الانقلاب الحوثي على الدولة، واليمن تشهد موجات نزوح داخلية مختلفة النظير، حيثُ غادر اليمنيون منازلهم في المدن جراء الصراع، واتخذوا من الجبال والصحراء والوديان المهجورة مأوى، وعلى مدى فترة الصراع وصفة الحالة الإنسانيّة أنها من أسوأ الأزمات في العالم.
ومع تراجع حدة الصراع الداخلي يكون هناك تراجع، إلى المناطق التي دخلت فيها دائرة الهدنة، يقول بسام الحداد، مدير الوحدة التنفيذية للنازحين بمديرية المعافر بمحافظة تعز: "لدينا في مديرية المعافر خلال النصف الأول من هذا العام 2024م 6 الآف أسرة نازحة و 1000 ألف أسرة عائدة إلى مناطقها".
يؤكد الحداد لـ "المجهر": "تواجه النازحون ظروف الطقس المتقلبة، معظمهم يفتقر إلى الحماية الكافية في المخيمات التي تعد أماكن بسيط ومتواضعة، هذا الأمر أزداد مع تراجع التمويلات الإنسانيّة، المتعلّقة بتوفير الاحتياجات الأزمة للنازحين".
في الإطار ذاته، يقول سيف مثنى مدير عام الوحدة التنفيذية للنازحين بمحافظة مأرب: "أن اجمالي عدد النازحين في المخيمات (2 مليون و134و 479) يواجهون صعوبات كبيرة في العثور على مأوى يقيهم من موجة البرد".
ويحذر مثنى، من تفاقم المعاناة خلال الأشهر القادمة، حيثُ ذكر أن الأكثر احتياجا بلغ عددهم ( 63 ألف أسره) يجدون صعوبة كبيرة ومعقدة، في الحصول على الغذاء والماء والمعدات الأخرى الضرورية للبقاء على قيد الحياة".
يوضح لـ "المجهر": "النزوح يعني عادةً الأشخاص الذين يتحركون بحثًا عن مأوى ويتعرضون لظروف صحية متدهورة، مثل الإصابات بالحميات، الأمراض المزمنة، و نقص الغذاء والماء النظيف، مما يزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض".
في السياق، رصدت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة في اليمن، خلال الفترة من 1 يناير إلى 9 نوفمبر 2024، بتسجيل نزوح (3,112) أسرة (18,672 فردًا) على الأقل.
وقالت في تقرير لها، اطلع عليه "المجهر": أنها تتبعت "بين 3 و9 نوفمبر 2024، نزوح 30 أسرة (180 فردًا). كما تم تحديد 22 أسرة نازحة إضافية في الفترة السابقة (27 أكتوبر – 2 نوفمبر 2024)، مما يرفع إجمالي النزوح منذ بداية العام.
ظروف معقدة
وعن تقليص الدعم الدولي، يؤكد سيف مثنى، مدير عام الوحدة التنفيذية للنازحين بمحافظة مأرب، يسبب نقص المواد الأساسية الغذائية والصحية والوقود، على قدرة اليمنيين والنازحين في مأرب، مع عدم وجود مأوى مناسب للتغيرات المناخية.
فيما الأثار التي ستواجه النازحين أثناء فصل الشتاء، يضيف مثنى لـ "المجهر": "النازحون يواجهون صعوبة في تدفئة منازلهم وتوفير الطعام والماء الساخن، وهذا يجعل الأمور أكثر تعقيدًا، خاصة مع انخفاض درجات الحرارة والأمطار الغزيرة التي من المتوقع نزولها بفصل الشتاء البارد الذي يؤدي إلى زيادة الإصابات والأمراض بين النازحين".
وخلال فصل الشتاء، يواجه نازحو تعز صعوبة بالغة، حيثُ يفتقرون لأبسط مقومات الوقاية لمواجهة البرد، والصحفي اليمني عمران فرحان، يعبر عن الوضع القاسي في مخيمات النزوح بمديرية المعافر جنوب غربي تعز، قائلًا: "الوضع الإنساني هناك يتطلب استجابة عاجلة، والأسر النازحة تعيش ظروف قاسية".
ويشير فرحان لـ "المجهر"، إلى أن: "هناك نقص حاد في المواد الغذائية والملابس الشتوية، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض، خاصة بين الأطفال وكبار السن". مؤكدًا أن: "المخيمات تفتقر إلى المأوى الملائم، مما يعرضهم لمخاطر موجات البرد، كما أن الرعاية الصحية الأساسية غير متاحة، مما يزيد من تفشي الأمراض خلال هذا الفصل البارد".